-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

على أثر ثورة بوعمامة المعممة..

عمار يزلي
  • 2733
  • 0
على أثر ثورة بوعمامة المعممة..
ح.م

بؤر الفتن التي تعمل فرنسا والجهات الأجنبية على تحريكها في الجنوب والجنوب الغربي، والشرق وفي بعض المناطق الداخلية اليوم، هي جزء من حملة تاريخية بالأمس، لا يمكن نسيانها من مقاومة الأمير إلى ثورة بوعمامة، هذه الأخيرة التي تمثل امتدادا لثورة أولاد سيدي الشيخ، حيث كان السبب الرئيس في إنفجارها توسيع دائرة الاستغلال الاقتصادي لمادة “الحلفة” بمنطقة السهوب ودخول مشروع خط السكة الحديدية: آرزيو ـ سعيدة حيز التنفيذ، صاحبها تسرب مباشر للحملة التبشيرية التجسسية بالمنطقة، وهو ما شكل اعتداء روحيا واقتصاديا مباشرا على المنطقة. فالمصالح الاقتصادية كانت دوما وراء الاحتلال. فالمصالح كانت دوما وراح المطامح، كما المطامح كانت تقف خلفها دوما المطامع.

فلقد عرف استغلال الحلفة ابتداء من 1862، نموا مضطردا، إذ سجل استغلال أقل من 4500 طن قبل 1868، ليرتفع معدل استثمارها إلى 37 ألف طن ابتداء من 1870، ليصل إلى 92843 طن سنة 1885 (حسب أ. جيلالي صاري في “انتفاضة 1881”).

هذا المصدر الأساس للاقتصاد الكولونيالي في منتجات الورق والصناعات الأخرى، كان يتطلب وسائل نقل داخلية لإيصال المنتوج إلى غاية موانئ وهران وآرزيو. وعليه، فقد كانت استيراتيجية إقامة خط حديدي رابط بين السهوب والموانيء الغربية، أكثر من ضرورة اقتصادية، لأنه كان يشكل أيضا ضرورة إستراتيجية سياسية وعسكرية لمراقبة المناطق الصحراوية والتحكم في زمام الأمور العسكرية بها، كما يشير إلى ذلك د. جيلالي صاري.

لقد شكل شق الخط الحديدي: آرزيو سعيدة، بداية من سنة 1879، أول خرق واغتصاب مكشوف “لسيادة القبائل السيدة “البوشيخية” وحلفائها من قبائل عربية وبربرية.

هذا الخط، سيبلغ طوله الإجمالي 483 كلم، شق معظمه (نحو 381 كلم) ما بين نهاية 1879 وأوت 1882، وهي الفترة التي عرفت فيها ثورة بوعمامة أوج عملياتها العسكرية ضد القوافل التجارية وعلى المراكز الفرنسية المتقدمة في جنوب “عمالة وهران”، إضافة إلى الهجوم على شركات استثمار الحلفة وخطوط السكة الحديدية.

هذا على المستوى الاقتصادي، غير أن ثورة بوعمامة، لا يمكن إرجاع أسبابها إلى العنصر الاقتصادي الاستغلالي فقط، بل أن الشكل الاستعماري الذي اتخذه التوغل الفرنسي في عمق الصحراء -عسكريا واقتصاديا- لم يلبث أن أدخل الحملات التبشيرية كجزء من إستراتيجيته الرامية إلى تذويب الشخصية الوطنية الثقافية والروحية تمهيدا لإلغاء “الهوية الجزائرية” بشكل نهائي. هذا العنصر الأخير، كان في الواقع منبع رد الفعل السريع والموحد لكل القبائل والتجمعات السكنية الريفية بالمنطقة، وحتى داخل حدود التراب المغربي.

انطلقت بؤرة التوتر أساسا في فبراير 1881 إثر عملية الإبادة التي نفذها الثوار بمنطقة “بير الغرامة” ضد البعثة التبشيرية بقيادة «Paul flatters »، الشيء الذي أوقد حمية بوعمامة ليعلن الجهاد ثلاثة أشهر بعد ذلك (أبريل 1881): ثورة سوف تقلق المد الاستعماري الرأسمالي لمدة غير قصيرة وتوسع دائرة المقاومة والدعوة إلى الجهاد حتى داخل التراب المغربي، خاصة بعد رسائل الفقهاء المسلمين المغاربة إلى مواطنيهم، كما نلمس من نص هذه  الرسالة التي أرسلها أحد الفقهاء المغاربة إلى مواطني المملكة العلوية، يطالبهم فيها بتكوين جيش مغربي والاستعداد للجهاد: “..اعلم أيها المجاهد في سبيل الله أن النصارى ملكوا الجزائر وغنموا أموالها، وانتشروا في ساحاتها حتى وصلوا إلى وهران و تلمسان ومغنية وتافنة، وطمعوا في هذا المغرب وفي الوصول إلى مدينة فاس”.

لقد شكلت ثورة بوعمامة – جنبا إلى جنب مع “عبد الملك بن محي الدين بن عبد القادر الجزائري” رد الفعل المسلح الأخير ضد الاستيطان الكولونيالي والتوسع الرأسمالي التبشيري في الجنوب وفي مناطق جبال جرجرة بشكل خاص، لا يزال أثر هذه المقاومة لم ينته.. إلى اليوم!

واليوم، والبلد يعاني من تدخلات عدة جنوبا وغربا وشرقا، وشمالا، لا يمكن ركن التاريخ للتاريخ، لأن في التاريخ عبرة، ومن لا يقرأ التاريخ لا يعي الدرس.. ومن لا يعي الدروس، تلميذ غبي على رأي الجنرال “جياب” زعيم ديان بيان فو..

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!