-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

عندما تفضح غزة المقتاتين بالدعوة

جمال غول
  • 503
  • 0
عندما تفضح غزة المقتاتين بالدعوة

من سُنن الله في صراع الحق مع الباطل، ومدافعة الخير للشر أن ينزل بالفئة المؤمنة البلاء وتتعرّض للأذى، ومن وراء ذلك حِكم جليلة منها؛ تمحيص المؤمنين، وغربلة الصَّف المؤمن، وتمييز الخبيث من الطيّب، قال تعالى: (وَلِيُمَحِّصَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ) [آل عمران: 141]، وقال: (وَلِيَبْتَلِيَ اللهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ)[آل عمران: 154]، وقال: (مَا كَانَ اللهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ)[آل عمران: 179].
وفي ظل العدوان على إخواننا بغزّة، والإبادة التي يتعرّضون لها، مع حصار خانق وتجويع ممنهج من قبل الكيان الصُّهيوني الغاصب، وبدعم بالسِّلاح والمال والإعلام من دول الغرب الصَّليبي الحاقد، من دون أن يؤثّر ذلك في عزيمة المجاهدين، ورغم الآلام والأشلاء والدّمار الهائل، كان ظنُّ الأعداء ومن سار في فلكهم من المطبّعين والعملاء أنَّ هذا العدوان هو نهاية المقاومة، وأنَّ الفلسطينيين سينقمون عليها، ويتركون تأييدها، بل محاسبتها على ما أقدمت عليه في السّابع من أكتوبر، فإذا بالسَّحر ينقلب على السَّاحر، فالمقاومة لا زالت فاعلة في ميدان المعركة وتُلحِق بالعدو الخسائر الفادحة في الأرواح والعتاد، ولا زال أهل غزّة متشبّثين بأرضهم يُسطّرون أروع المواقف في الصَّبر والثبات، كما ازداد تأييدهم للمقاومة والمجاهدين أكثر من ذي قبل.
هذه الانكسارات المتلاحقة التي أصابت العدوّ في مقتل، دفعته إلى أن يُوعز إلى أذنابه والمطبّعين معه سرًّا وجهرًا أن يطعنوا في المقاومة والمجاهدين، وأهمُّ شرط في هذا الطعن أن يتمَّ باسم الإسلام، وأن يستدلَّ في تشويه المجاهدين بالقرآن والسُّنّة ومصلحة الأمّة، وخير من يقوم بهذا الدّور القذر علماءُ السُّوء، وعمائم الخدر، ولحى الخيانة، الذين صُنعوا على عين الظلمة والمستبدّين، ليكونوا خنجراً مسموماً للإجهاز على كلِّ فكرة ثائرة، ودعوة إصلاحيّة مباركة، ومبادرات بنّاءة، ومواقف شجاعة تُخرج الأمّة من الوهن وتنطلق حرة من قفص الاستعباد.

يعظم الخطبُ عندما يقيء هؤلاء بعبارات التخذيل ويتخلَّون بكلمات التفريط والقعود عن نصرة الضعفاء من الأطفال والنساء الذين يُقتلون وما لهم من ذنب إلا أنهم الحاضنة الشعبية للجهاد والمقاومة، يفعلون ذلك ويسَوّغون لمواقفهم المخزية الخاذلة والمخذّلة بتأصيل مخالف للهدي الصحيح ما أنزل الله به من سلطان، مواقف على خطى من سبقهم من جماعة (جاهِد بالسُّنن يا أبا عبيدة) الذين تلبَّسوا بالنجاسات الفكرية الخبيثة، التي صُنعت على مقاس عقولهم الكليلة وقلوبهم العليلة، في أوكار مخابرات الصهيونية العالمية.

كلُّ ما يُثار حول المقاومة والمجاهدين بأرض غزّة من همز ولمز، بل وتجريح وتخوين وباسم القرآن والسُّنة وفهم سلف الأمّة ليس مستغرباً، وإن كان محزناً ومؤلماً؛ لأنَّ المسلم لا يرض لأخيه مهما كان أن يتلبّس بالخيانة.
وما كان يخطر على البال يوما أن يطعن مسلمٌ في جهاد إخوانه المسلمين ضد اليهود الغاصبين المعتدين المحتلين للمسجد الأقصى المبارك وعموم فلسطين، فإذا بنا نعيش لنسمع ونرى من يُحسَبون على الدعاة يفعلون ذلك وبدم بارد وصفاقة وجهٍ كثيف، وذلك ما لا يصدر إلا من المقتاتين بالدعوة المنتسبين إليها زورا وبهتانا.
قد يعجب المسلم أن يرى الحقد يقطُرُ من بعض أدعياء العلم والدَّعوة على إخوان لهم في الدِّين والعقيدة، الذين حملوا نيابة عن الأمّة حِمْلَ وأمانة الدِّفاع عن الأرض والمقدّسات، وقد يزداد العجب حينما يكون هؤلاء الأدعياء من بلاد المغرب العربي، هذه البلاد التي اكتوت شعوبها بويلات الاستدمار الصَّليبي ووحشيته أكثر من غيرها من بلاد العالم الإسلامي، ومنسوب العجب يرتفع حينما ترى من أصله من طينة أرض الجزائر الطيبة المسقية عبر تاريخها الجهادي المشرق بدماء ملايين الشهداء الذين رضعوا لبان العزة والإباء والاستمامة على الحقّ مهما كان الثمن، يُنسب للعلم والدعوة يطعن في الجهاد والمجاهدين. لكن بمجرّد أن تستدعي الذاكرة وتتصفّح صور الخونة “القومية” وهم ببرانيسهم ولحاهُم يقفون بجانب قادة وعساكر الاحتلال الفرنسيّ ضدَّ بني جلدتهم يزول العجب ويتبخر، فللخيانة ألفُ عنوان، وقد يكون هذا المُنكّس ممن تشرّب الذل والمهانة وله أسوة في أولئك “الحركى” الذين باعوا دينهم ووطنهم وقومهم بثمن بخس دراهم معدودة وكانوا في كل ذلك من الزاهدين!
ويعظم الخطبُ عندما يقيء هؤلاء بعبارات التخذيل ويتخلَّون -من الخلاء- بكلمات التفريط والقعود عن نصرة الضعفاء من الأطفال والنساء الذين يُقتلون وما لهم من ذنب إلا أنهم الحاضنة الشعبية للجهاد والمقاومة، يفعلون ذلك ويسَوّغون لمواقفهم المخزية الخاذلة والمخذّلة بتأصيل مخالف للهدي الصحيح ما أنزل الله به من سلطان، مواقف على خطى من سبقهم من جماعة (جاهِد بالسُّنن يا أبا عبيدة) الذين تلبَّسوا بالنجاسات الفكرية الخبيثة، التي صُنعت على مقاس عقولهم الكليلة وقلوبهم العليلة، في أوكار مخابرات الصهيونية العالمية.
ويزداد الخطبُ سوءًا عندما ينبري المتزعمون لكراسي العلم المنتحَلة المتصدِّرون لمنابر البلاط الملكي الآسنة يستعرضون عضلاتهم على رجال المقاومة المؤمنة الباسلة ويسلِقونهم بألسنةٍ حداد، متغافلين عن بطولاتهم وجهادهم وتضحياتهم بأرواحهم وأموالهم وعائلاتهم وكل ما يملكون في سبيل تحرير المسجد الأقصى ـمسرى ومعراج رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ وبيت المقدس وعموم فلسطين نيابة عن الأمة الإسلامية التي يسارع كثيرٌ من ملوكها وولاة أمرها إلى الفوز برضا الصليبيين والصهاينة وعقد اتفاقيات التطبيع والإتِّباع لملّة اليهود ومخططاتهم.
في الوقت الذي يتفنّن العدوُّ الصهيوني ومن شايعه ومالأه في حصار وتجويع إخواننا المسلمين على مرأى ومسمع من العالم وبتنسيق ومساندة من بعض الأنظمة العربية المتصهينة التي لا يجرؤ على نقدها ولو بشطر كلمة متسلقو جدران السلف الصالح والذين تسوّروا محراب العلم والفضيلة وهم غارقون في حمأة الخيانة والرذيلة.
فهل يليق هذا الموقف الأعور إلا بمن تجرّد من مقوّمات الإنسانية في حدّها الأدنى، فضلا عن أن يمتلك ذرة من النخوة العربية والرجولة الجزائرية؟!
إنّه إذا كان كاتمُ الحق في حُكم قائل الباطل، فإنّ المخذّل عن الحق جنديٌّ من جنود إبليس قد فاق الطاغوت شرًّا وتدنَّى إلى بهيمية البقروت.
والحمد لله أن الإسلام بريء من هذه المخلوقات، وتاريخ جزائرنا يكذّبهم ويأنف أن ينتسب إليه في الأولى والآخرة أمثالهم.
فمتى كانت قلة العدد وضعف العدة مانعا من الجهاد ومحاربة الكافرين المعتدين!؟
فبدءًا بغزوات رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في بدر وأحُد والخندق وفي مؤتة وتبوك حيث دفع النبي صلى الله عليه وسلم بمئات الصحابة لمقاتلة الألوف المؤلفة من جند الروم! لم يتراجع عن كل تلك الغزوات إلا المنافقون وأشياعهم. وفي ثورة الجزائر ضد المحتل الصليبي الفرنسي لم يكن هناك مجالٌ للمقارنة بين الطرفين في مجال التسلُّح والإمكانات، ولكن ذلك لم يكن ذريعةً للخضوع والخنوع ولا مانعا من إعلان الثورة ضد فرنسا ومِن ورائها الحلف الأطلسي، ولم يتخاذل ويقعد إلا “الڨومية” و”الحركى” الخائنون والمتستِّرون بعباءة التدين المغشوش ممن يرون فرنسا وليَّ أمرٍ لا يجوز الخروج عليه، والاحتلالَ قضاءً وقدرًا يجب القَبولُ به والرضوخ بين يديه.
وكم هي النسبة بين ثلاثين ألف قتيل فرنسي ـ على أكثر تقديرـ وما يربو عن مليون ونصف مليون شهيد؟
تلك فاتورة العزة والشرف التي تأباها نفوسٌ غايةُ مُناها الدولار والعلف.
نعم ستستمرُّ الحرب وسيرتقي في سبيل الله ألوفٌ مؤلَّفة من الشهداء وما ذاك بالذي يَثني المجاهدين ومن ناصرهم عن دربهم، درب النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين وحسُن رفيقا، أولئك الذين صنعهم الإسلام الحق الذي صنع أبا عبيدة وسعدا وخالدا، والأمير عبد القادر وابن مهيدي وابن بوالعيد، والقسّام وأحمد ياسين والرنتيسي…
إذ لا دين من غير رجولة.
” مِّنَ الْمُومِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا .”
ورحم الله من قال:
خلق الله للحروب رجالا… ورجالاً لقصعةٍ وثريد
وسيبقى أشباه الرجال يتجرّعون ويتشرّبون الخنوع والمهانة ورجيع مجاري العفنة والمتصهينين إلى أن تمتلئ بطونهم صديدا ونجاسة لا تتطهّر ولو غُسلت سبعاً ولا سبعين مرة ولا حتى لو مُزجت بتراب الأرض جميعا.
وقد كشفت لنا غزّة المستورَ من الخيانات، وفضحت المقتاتين بالدّعوة، فشكراً غزة، والحمد لله أوّلًا وآخرا.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!