-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

فرنسا تنافس الجزائر في الجزائر

بشير مصيطفى
  • 6036
  • 0
فرنسا تنافس الجزائر في الجزائر

اختتم، أول أمس الثلاثاء، بالجزائر، منتدى رجال الأعمال الفرنسي – الجزائري بمشاركة 150 ممثل لشركات فرنسية و500 شركة جزائرية بعد أقل من 48 ساعة من اختتام لقاء الثلاثية بين الحكومة وممثلي أرباب العمل والذي أسفر عن قرارات غير مسبوقة لصالح المؤسسة الخاصة.

  • وقبيل انعقاد المنتدى أطلقت أطراف الشراكة الجزائرية – الفرنسية رسائل واضحة، فالجزائر تريد تعاونا استراتيجيا في ظل الخطاب الرسمي للدولة المبني على تقاسم الفرص وتحقيق التنمية ودعم سوق الشغل. أما الفرنسيون فيريدون تطوير حصتهم في السوق الوطنية، شأنهم في ذلك شأن بقية الشركاء وخاصة الشركات الأمريكية والصينية والتركية، أي إدارة أفضل للمنافسة الدولية والإقليمية حول سوق للاستثمار حجمها 55 مليار دولار سنويا.
  • فلمن تميل كفة الشراكة الجزائرية – الفرنسية؟ وما الذي يدفع الفرنسيين إلى اعتبار الجزائر رقعة اقتصادية مهمة في منظور الفرونكومتوسطية؟ ولماذا تتجاهل الشركات الفرنسية نظيرتها الجزائرية كمنافس واعد أمام الشركات الأمريكية والصينية والتركية؟
  • معادلة السعر والمخاطرة ومناخ الاستثمار
  • ستسمح القرارات الأخيرة التي كشفت عنها الثلاثية، صباح الأحد الماضي، برفع الضغوط المالية عن قطاع المؤسسات الخاصة الجزائرية وسيسفر البرنامج الوطني لتأهيل المؤسسات وحجمه 5.5 مليار دولار في خمس سنوات عن بروز نسيج إنتاجي جديد أكثر متانة. وتكون الاجراءات التي اتخذتها الحكومة منذ 2009 في جانبي الشراكة الأجنبية والتجارة الخارجية قد أفرزت ضغوطا أخرى على الشركات الفرنسية التي فقدت 50 بالمائة من حصتها التاريخية في السوق الجزائرية لتستقر عند 20 بالمائة من إجمالي مشاريع الشراكة الأجنبية – ولكنها تستحوذ على 50 بالمائة من إجمالي الشراكة مع الاتحاد الأوربي ولو برقم بسيط من الشركات لا يتعدى 450 شركة – وإذا أضفنا الى ذلك استراتيجية كل من أمريكا والصين والهند في العمق الافريقي من خلال مبادرة “فرص الشراكة الأمريكية وشمال افريقيا – نابيو ” التي أطلقت من الجزائر في ديسمبر 2010 والشراكة الافريقية الهندية التي أطلقت الأسبوع الماضي من أديس أبابا، وقبلها الشراكة الصينية الافريقية، إذا احتسبنا ذلك كله، فإن الطرف الفرنسي بدأ يفقد عديد النقاط على سلم الشراكة مع الجزائر.
  • تجارة على حساب الاستثمار
  • والنقاط التي مازالت الشركات الفرنسية تفقدها في الجزائر، تخص مستوى الأسعار التي تبدو غير تنافسية بسبب كلفة التكنولوجيا ومستوى الأجور في فرنسا بالنسبة للشركات التجارية. وعلى سلم الاستثمار، تفتقد فرنسا في الجزائر لروح المخاطرة، حيث ظلت تقرر بحسب تصنيف الشركة الفرنسية لتأمين التجارة الخارجية “كوفاس” المتخصصة في تقييم الأخطار بالنسبة للدول الأخرى والتي مازالت تصنف الاقتصاد الجزائري في خانة “المتوسط”، وهو ما جعل الشركات الفرنسية تراهن على قطاع الخدمات – قليل المخاطر – وتسويق السيارات في سوق ظل يستوعب 200 ألف سيارة سنويا قبل 2009 تاريخ توقيف العمل بقروض الاستهلاك.
  • والدليل على هشاشة العلاقات الاقتصادية الفرنسية على سلم الشراكة الاستراتيجية، هو وضعية الميزان التجاري بين البلدين الذي مازال يصب في الصالح الفرنسي، حيث ومنذ 2001 تاريخ توقيع اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوربي زادت الصادرات الفرنسية إلى الجزائر بنسبة 238 بالمائة لتلامس سقف 6 ملايير دولار، في حين لم تتطور الصادرات الجزائرية الى فرنسا بأكثر من 100 بالمائة حتى تصل إلى سقف 4.6 ملايير دولار جلها من منتجات المحروقات، ولهذا قال مسؤول جزائري عشية انعقاد المنتدى الجزائري – الفرنسي بأن الجزائر مازالت عاجزة تجاريا أمام فرنسا. وكان بإمكان باريس التعويض عن موقعها المتقدم لقاء الجزائر في جانب التجارة الخارجية بالاستثمارات الناقلة للتكنولوجيا ولكن ذلك لم يحدث لحد الساعة مادام إجمالي مخزون الاستثمار الفرنسي بالجزائر لا يزيد عن 3 ملايير دولار، فقط 30 بالمائة منها خارج المحروقات.
  •  
  • المنافسة القادمة
  • هل تريد فرنسا استباق المنافسة في السوق الجزائرية في آفاق انضمام المؤسسة الوطنية الخاصة الى ميدان الانتاج الصناعي، أم أن الأمر يتعلق بحسابات جيواستراتيجية يقودها المسعى الأمريكي في شمال افريقيا؟
  • لقد استبقت باريس الميدان الليبي فحققت نقاطا إضافية داخل حلف الناتو ودفعت بواشنطن الى ضبط دورها في الصراع الدائر بالمنطقة. ولكن الشركات الفرنسية تبدو مقيدة أكثر فأكثر بتحول الاستثمارات الأوربية التي يقودها “البنك الأوربي للتنمية والإعمار” من أوربا الشرقية إلى الدول العربية الثائرة في شمال افريقيا والشرق الأوسط وخاصة بعد إعلان مجموعة الثماني، بداية الأسبوع، من “دوفيل” الفرنسية، عن تخصيص مبلغ 40 مليار دولار لمساعدة تلك الدول. كما قيدت وضعية الطلب الداخلي في الاتحاد الأوربي جراء أزمة الديون التي عصفت باقتصاديات كل من اليونان واسبانيا والبرتغال وايرلندا – وهي دول ضعيفة الصناعة عالية الطلب على المنتجات الألمانية والفرنسية – مما أفقد الشركات الفرنسية سوقا ظلت لصالحها لمدة طويلة. وأخيرا، هناك المشهد التونسي المتغير الذي ظل يؤمن سوقا رائجة لـ1250 شركة فرنسية جلها متحالف مع عائلة وشبكة الرئيس التونسي المخلوع، وهناك أيضا المشهد المغربي الذي ظل يرافق ألف شركة فرنسية من خلال تحويلات المغاربة ولكن أزمة إسبانيا قلبت معادلة الاستثمارات الفرنسية في المغرب رأسا على عقب
  • كل هذه المعطيات وغيرها تعيد إلى فرنسا الحنين الى الفكرة “الأورومتوسطية” التي أطلقت العام 1915 على لسان المرجع البارز “إيميل دوركايم” عندما قال: إذا كان نهر السين يفصل بين باريس الشمالية وباريس الجنوبية، فإن البحر المتوسط يفصل بين فرنسا الشمالية وفرنسا الجنوبية.
  • فكرة كرّسها فيما بعد إعلان برشلونة للشراكة الأورومتوسطية في نوفمبر 1995 قبل أن تعصف الأزمة الاقتصادية ببعض دول الاتحاد لتجد باريس نفسها رفقة ألمانيا وجها لوجه أمام سوق واعدة في الجزائر ولكنها سوق تحتضن هذه المرة مؤسسات جزائرية واعدة. فهل تتحول الأورومتوسطية الى “فرونكو متوسطية؟” وهل تتمكن باريس من منافسة الجزائر في الجزائر؟.
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!