-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

فوائدُ هِبَةٍ كويتية في جيب ولد عبّاس!

حسين لقرع
  • 2405
  • 0
فوائدُ هِبَةٍ كويتية في جيب ولد عبّاس!

ما كشفته وقائع محاكمة ثلاثة وزراء سابقين في الأيام الأخيرة وهم الطاهر خاوة ومحمد لوكال وجمال ولد عباس، يأسف له كلّ جزائري غيور على وطنه وعلى المال العامّ الذي تعامل معه هؤلاء الوزراء السابقون وكأنّه غنيمة سائبة وحقّ معلومٌ لهم يغترفون منه وأبناؤُهم كما شاءوا، بلا حسيبٍ ولا رقيب، مستعملين شتى صنوف الاحتيال واستغلال نفوذ المنصب، وهم مطمئنّون تماما إلى أنّ الحماية التي كان يوفّرها لهم العهدُ السابق ستجعلهم يفلتون طيلة حياتهم من العقاب.
المخجل أكثر في هذه القضايا هو ما فعله وزير التضامن السابق جمال ولد عباس الذي كان يفترض أن يتصرّف بالحدّ الأدنى من صفات رجال الدولة ويحرص على سمعة البلاد الدولية وهيبتها… لكنّه أبدى أنانية وحرصا شديدا على المصلحة الخاصة وشراهة للمال العامّ تجاوزت كلّ الحدود، واستغلّ نفوذ منصبه ليؤسّس جمعية ويحوّل إليها الملايير من أموال التضامن، ولم يكتفِ بذلك بل سطا على هبةٍ بقيمة 5 مليون دولار منحتها الكويت لضحايا الإرهاب بالجزائر وأودعها في البنك، بدل أن يوزّعها على الأكثر احتياجًا من هؤلاء الضحايا، أو يقيم بها مشاريع لفائدتهم على الأقل، كبناء مساكن لهم مثلا، وحينما طلبت رئاسة الجمهورية هذه الهِبة، أعادها ولد عباس ولكنّه احتفظ بمبلغ 24600 دولار يمثّل قيمة الفوائد الربوية لإيداع هذه الهِبة في البنك. وهنا يتّضح أنّ غرض الوزير من ذلك هو الحصول على ما تدرّه من فوائد ربوية كلّ سنة، مع أنّ المنطق يقول إنّها أضحت أموالا عامّة، وإذا ترتّبت عنها فوائد فلتذهب إلى وزارة التضامن وليس إلى جيب الوزير الذي حاول أن يغطي على الفضيحة بالقول إنه حوّلها إلى جمعيته “الخيرية”، وهذه الجمعية في الحقيقة -وكما أثبتت التحقيقات القضائية- هي مجرّد غطاء لتحويل أموال وزارة التضامن.
ويُضاف إلى ما سبق اتهامُ ولد عباس بتحويل هبةٍ سعودية بقيمة 21 ألف دولار قدّمتها المملكة لوزارة التضامن، فحوّلها إلى جمعيته “الخيرية” المسماة “إسعاف في حالة كوارث”، فضلا عن تحويل مبلغ 3 آلاف دولار تبقّى من “مَهمّةٍ في غزة؟”، لتصل المبالغُ المحوَّلة إلى أزيد من 48600 دولار، وهي سلوكاتٌ احتيالية يندى لها الجبين وتسيء إلى سمعة الجزائر في الخارج.
وتذكّرنا قضية الهِبة الكويتية التي لا تزال مآلاتُها غامضة إلى حدّ الساعة، وكذا الهبةُ السعودية والمال العائد من غزة في عزّ احتياج سكانها إلى أبسط المساعدات، بهبةٍ قطرية لضحايا زلزال ماي 2003؛ إذ قامت قطر ببناء 600 مسكن على نفقتها بالشراقة لضحايا الزلزال، لكنّ فخامة هذه المساكن وسِعتَها وجمالها أسال لعاب فاسدين من مختلف الوزارات والقطاعات آنذاك، فنشبت خلافاتٌ حادّة بينهم حول من يستولي على هذه المساكن، وبعد انفجار الفضيحة في الإعلام جُمِّدت عملية التوزيع بعض الوقت إلى أن هدأت الضجّة ثم قُسِّمت هذه “الغنائم” بشكل غامض.
وإذا كانت مصادرة ممتلكات ولد عباس وأرصدتِه، قد أثلجت قلوب الجزائريين الطامحين إلى استعادة جزءٍ من الأموال المنهوبة، فإنّه ينبغي مع ذلك أن ننبّه إلى أنّ آلة الفساد قد تغوّلت في العهد السابق بسبب غياب الشفافية والرقابة والمحاسبة؛ فقد كانت شموليةُ هذا العهد بيئة خصبة للفساد ونهب المال العامّ وحتى الاحتيال على الهِبات الأجنبية بلا حسيب ولا رقيب، لذلك وجب التنبيهُ إلى أنّ الضامن الوحيد لعدم تكرار ما حصل هو تحقيق الديمقراطية؛ فهي صِنوُ الشفافية والرقابة الفعّالة؛ القضائية والبرلمانية والإعلامية، وقوامُ الديمقراطية الحقيقية هو التداولُ على الحكم. هذا هو بيتُ القصيد.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!