-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

في يوم المرأة العالميّ.. ما الذي يريدونه للمرأة المسلمة؟

سلطان بركاني
  • 5764
  • 0
في يوم المرأة العالميّ.. ما الذي يريدونه للمرأة المسلمة؟

سيكون العالم يوم غد بحول الله على موعد جديد مع اليوم العالميّ للمرأة، الموافق للثّامن من شهر مارس من كلّ عام؛ يوم يراد فيه للمرأة عامّة وللمسلمة خاصّة أن تتذكّر معركتها مع الحدود، وترفع شعار التحرّر من كلّ القيود، وتتنكّر لشرع الواحد المعبود، الذي أعطاها الحقوق الكاملة التي تتّفق مع خِلقتها وطبيعتها ودورها النّبيل الذي هيّئت له. ((أَلاَ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِير)).

في مثل هذه المناسبة من كلّ عام تتعالى أصوات بعض الأطراف المعروفة بولاءاتها المشبوهة وإيديولوجياتها المناقضة لثوابت الأمّة وقيمها، لتُصوّر المرأة المسلمة –دون غيرها من نساء العالم- في صورة المرأة المظلومة المضطهدة، وترتفعُ أصوات بعض الجمعيات النّسوية المجهريّة التي لا يُسمع بها إلا في وسائل الإعلام وفي المناسبات الخاصّة، لتأخذ دور النّائحة المستأجرة، وتملأ الأجواء بكاءً وصراخا، وتطالب بمزيد من الحقوق والحريات التي عُرف أوّلها ولا يُعرف آخرها؛ جمعيات تصف ثوابت الشّريعة بأحكام القرون الوسطى وتطالب بإلغائها، جمعيات تؤزّها أيادٍ خارجيّة آثمة، تصوّر للمرأة أنّ الحجاب والأمومة والتّسليم بقوامة الرّجل وولاية الأب أو الأخ، عبوديّة لا تليق بزمن التحرّر والمساواة، وتُغريها بأن تكون مسؤولة عن نفسها في زواجها وعملها وكلّ شؤونها، حرّة في اختيار لباسها وعلاقاتها مع النّساء والرّجال، وحرّة في الأماكن العامّة والخاصّة التي ترتادها والأوقات التي تخرج وتدخل فيها إلى بيت أبيها أو زوجها، لا يُفرّق بينها وبين الرّجل في الشّهادة والميراث والحقّ في العمل وتقلّد المسؤوليات…، وصدق الحقّ سبحانه إذ يقول: “وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا”. 

إلى أين نُساق؟

ليس غريبا أن تنبري الجمعيات النّسويّة المجهريّة لما هو أكبر من حجمها، وتخوض معارك في غير ميدانها، وترفع الشّعارات التي رفعتها المرأة الغربيّة قبل أن تعترف أوروبا بآدميتها، لكنّ الغريب والمريب في الأمر هو أن تكون لهذه الجمعيات كلمة مسموعة، وتسارع الأوساط الرّسمية إلى الرّضوخ لنزواتها وتلبية مطالبها التي لا تمثّل سوى فئة قليلة ونوع خاصّ من النّساء؛ ولعلّ ما أقدمت عليها الجهات الرّسمية في هذا البلد بعرضها لمشروع تعديل قانون العقوبات يوم الاثنين الماضي أمام البرلمان، لأجل تشديد العقوبات على “العنف ضد المرأة” ومنع الأزواج من ضرب وتعنيف الزّوجات، رضوخا للاتفاقيات الدولية، ولمطالب الجمعيات النّسويّة؛ لعلّ هذه الخطوة ستمثّل بداية لانحرافات يُعرف أوّلها ولا يُعرف آخرها، لأنّها جاءت رضوخا لمطالب الأقلية المستغربة التي لا يهمّها وضع المرأة ولا واقع الأسرة، بقدر ما يهمّها أن تحقّق أهدافا إيديولوجيّة تسجَّل في رصيدها، كما أنّ هذه الخطوة غير المدروسة ستُذكي مزيدا من الفتن في البيوت، تجعل العلاقة التي يفترض أن تكون علاقة مودّة ورحمة بين الرّجل والمرأة، تتحوّل إلى علاقة شراكة بين ندّين، يتربّص كلّ منهما بالآخر، ويبحث عن وسائل ضغط يساوم بها الطّرف الآخر، وعادة ما يكون الأبناء هم الضحيةَ الأولى لهذه الصّراعات.

إنّنا لا ننفي أبدا تسلّطَ بعض الأزواج وبعض الآباء على زوجاتهم وبناتهم، لكنّ هؤلاء علاوة على أنّهم قلّة نادرة في هذا الزّمان، وعلاوة على أنّهم ربّما يظلمون أمّهاتهم أكثر ممّا يظلمون زوجاتهم وبناتهم، علاوة على هذا وذاك فإنّهم لا يتسلّطون استنادًا إلى الشّرع، وإنّما بسبب طبائع وأخلاق ذميمة تكوّنت لديهم كما تكوّنت في المقابل لدى بعض النّساء، وكمثال لذلك، أظهرت نتائج بحث ميدانيّ للمركز القوميّ للبحوث الاجتماعية في مصر أنّ 28 % من الرّجال يتعرّضون للضّرب والتّعنيف من طرف زوجاتهم!.

سعادة المرأة.. هل هي في تحرّرها؟

لقد حقّ لكلّ منصف أن يتساءل لأجل ماذا كلّ هذا الإصرار على ركوب موجة تحرير المرأة؟ لأجل تحقيق سعادتها؟، فهل وجدت المرأة الغربيّة القدوةُ السّعادةَ حتّى تجدها المقلّدات الإمّعات من نسائنا؟. لقد أُغريت المرأة هناك كما تُغرى هنا الآن، وخُدعت بالشّعارات البرّاقة التي صفّقت لها عشرات السنين، لكنّها اكتشفت أخيرا أنّها خُدعت خديعة كبرى، وأدركت أنّ حريتها التي أريدت لها لم تكن إلا لتصبح متعة للرجل، زينة مكتب ودمية عرض وسلعة إشهار، وخليلة تقضى معها الأوقات وترمى على قارعة الطّريق كما ترمى السيجارة لتدوسها الأقدام، اكتشفت المرأة الغربية العاقلة إنّ حصاد حريتها المزعومة كان أمرّ من العلقم، حيثُ فقدت سعادتها البيتيّة وأمومتها الحانية وأضاعت شخصيتها، وغدت تشعر بأنّها جسد بلا روح ومخلوق بلا هدف. ما جعلها تزهد في هذه الحرية الخادعة، وتطالب بالعودة إلى حياة الأسرة والأمومة.

لقد أصبح اليوم العالمي للمرأة في كثير من بلاد الغرب لا يمثل للنّساء شيئا بعد أن تجرّعن كؤوس الذلّ والهوان بسبب تلك الشّعارات التي تُرفع في مثل هذا اليوم، حتى في بلاد السويد التي توصف بأنّها جنّة الدنيا وتنعم فيها المرأة بكامل حريتها المزعومة، هاهي قاضية سويدية تتحدث عن المرأة في السويد فتقول: “إنّ المرأة السويدية فجأة اكتشفت أنها اشترت وهما هائلاً بثمن مفزع هو سعادتها الحقيقية، ولهذا فإنها تستقبل اليوم العالمي لحقوق المرأة بكلّ فتور، وتحنُّ إلى حياة الاستقرار العائلية المتوازنة”. هكذا تَستقبل المرأة الغربيّة العاقلة اليوم العالميّ لها، في الوقت الذي تستقبله المتحرّرات عندنا بإعلان النّفير العامّ ضدّ ما تبقّى من أحكام ترتبط بالشّريعة الإسلاميّة في قانون الأسرة والأحوال الشّخصيّة! ((أَ فَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُون)).

نداء إلى النّساء المؤمنات

إنّ هذه الجمعيات النّسويّة لن يقرّ لها قرار حتّى تصبح بنات المسلمين بين متحرّرات ومسترجلات ومطلّقات وعوانس، جمعيات نسوية أكثر المناضلات فيها من المتغرّبات أو المطلّقات أو اللائي يئسن من الزّواج ورحن يسعين لأن تكون جميع النّساء مثلهنّ، مناضلات يراد لهنّ أن يمثّلن المرأة المسلمة في هذا البلد، مناضلات متحرّرات يُحْيين اليوم العالميّ لهنّ في محافل تتصاعد فيها أعمدة دخان السّجائر التي لا تفارق أناملهنّ، وتتعالى فيها الصّيحات، بل وترقص كثير منهنّ حتى الإغماء!. أهكذا يراد للمرأة المسلمة أن تكون؟ أهذا ما يراد بحفيدات خديجة وفاطمة وعائشة وحفصة وزينب؟. أهذه هي الحرية التي تسوَّق لنسائنا وأخواتنا وبناتنا؟.

هذه الجمعيات المتباكية على تحرّر المرأة، لماذا لا تبكي حال 11 مليون عانس في هذا البلد؟ لماذا لا تتحدّث عن الاعتداءات والمساومات الطّائشة التي تتعرّض لها النّساء العاملات؟ لماذا لا تدافع عن النّساء المسلمات اللاتي يُفرض عليهنّ التخلّي عن الحجاب في بعض الأسلاك وبعض الإدارات؟ أنّى لهذه الجمعيات التي تنظر إلى النّساء اللاتي يناضلن لأجل دينهنّ على أنهنّ رجعيات متخلّفات أخطر على حرية المرأة من الرّجال!، أنّى لهنّ أن يدافعن عن حقّ المرأة في الاعتزاز بشعائر دينها.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!