-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

ليبيا.. حرب اقتسام الأقاليم  

ليبيا.. حرب اقتسام الأقاليم  
ح.م

مخطط تقسيم ليبيا يقترب من مراحل التنفيذ بعد حسم المعارك الدائرة في الغرب الليبي “إقليم طرابلس”، فحكومة الوفاق الوطني المدعومة من قبل تركيا، العضو في حلف الناتو، لن تذهب أبعد من ذلك، طالما أدركت أن التوغُّل شرقا وجنوبا يعدُّ أمرا مستحيلا وفق الحسابات العسكرية، وفي ظلِّ محدودية القوى البشرية والتقنية العاجزة عن خوض حربٍ في أقاليم غير متناهية الأطراف، لا يتفق سكانها على موقفٍ واحد، ولا يضمن أي طرف كسب ولاء مجتمعها القبَلي.

ما يجري في ليبيا الآن معارك لها هدفٌ واحد، هو تأمين إقليم طرابلس وتحريره من سيطرة قوات الجنرال خليفة حفتر، وبسط نفوذ حكومة الوفاق الوطني وتعزيز الوجود التركي فيه، وضمان مصالحه الإستراتيجية في البحر الأبيض المتوسط.

قوَّات حكومة الوفاق الوطني، بدعم تركي، لن تتوغل شرقا أو جنوبا، ستوقف زحفها أمام تراجع قوات خليفة حفتر عند حدود إقليم طرابلس الغربي، فلا وجود لمؤشرات تدلُّ على أن هدفها بسط هيمنتها على كامل التراب الليبي، وستتأهل بانتصاراتها العسكرية في نطاقها الجغرافي المحدود لخوض مفاوضات سياسية لإرساء دعائم الوضع النهائي.

هزائم عسكرية مُني بها الجنرال خليفة حفتر في إقليم طرابلس، لم يعترف بها، حين وصفها بالمصطلح العسكري بـ”إعادة انتشار وتمركز عسكري”، مختتما فشله المتواصل منذ شهور طويلة في اقتحام العاصمة طرابلس، ليتخلى مجبرا عن قيادة ليبيا موحَّدة كما كان يعلن في خطابه السياسي، متحصنا في ظل الوضع الجديد في مركزه الشرقي بمدينة بنغازي وعينه على إقليمي فزان وبرقة.

أقاليم ثلاثة تتوزع في ليبيا “طرابلس وبرقة وفزان” كما كانت في نظام اتحادي انتهى العمل به سنة 1963، السيطرة عليها في حرب عسكرية أمر أبعد من الخيال، والتمسُّك بخيارها ضربٌ من الجهل لا يؤدي إلا إلى امتداد صراع أهلي تبقى نارُه مستعرة، ولا يتمكن أحد من إطفائها.

دولٌ غربية لم تخف رغبتها في تقسيم ليبيا، مخططات رُتبت خلف أبواب مغلقة، منذ سقوط العقيد معمر القذافي، أولها اللقاء الفرنسي البريطاني الذي التقى مع الرغبة الأمريكية، في محاولةٍ لتنفيذ مخطط يعيد ليبيا إلى الوراء، بدءا بإثارة فتنة الانقسام الجهوي في أوساط الشعب الليبي.

قد تنقلب المعادلة ويكرر التاريخ نفسه في مشهد القرن العشرين، بتعديل بسيط في هوية القوى المهيمنة، فأقاليم: الشرق الليبي “إقليم برقة” الذي هيمنت عليه بريطانيا في زمن استعمارها لمصر، والجنوب “إقليم فزان” الذي هيمنت عليه فرنسا، كونه الملاصق لمستعمراتها الإفريقية، والغرب “إقليم طرابلس” الذي مُنح لإيطاليا في إطار اتفاقية رسمية، تريد القوى الاستعمارية استعادة الأقاليم الثلاثة واقتسامها من جديد بما يتلاءم مع مطامح القطب الأمريكي الأوحد، قائد حلف شمال الأطلسي “الناتو” وإبعاد المستعمِر الإيطالي الذي انتهى رصيده في العصر الحديث مع ضمان قدر من مصالحه، والعمل على معالجة الرغبة الروسية في إحياء وجود موسكو المندثر مع رحيل العقيد معمر القذافي.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • جزائري

    لو كان العمل الوحيد اللذي قام به القذافي هو الحفاظ على وحدة ليبيا دكتاتورية لقلنا ان ذلك يكفي ولو كان الانجاز الوحيد اللذي حققه ربيع ليبيا هو تشتيتها وتقسيمها فذلك يكفي ان العن كل ربيع عربي حتى قيام الساعة !