-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

ما الذي ينبغي أن يتضمنه القانون العضوي الخاص بغرفتي البرلمان؟

موسى بودهان
  • 636
  • 0
ما الذي ينبغي أن يتضمنه القانون العضوي الخاص بغرفتي البرلمان؟

يبدو، بحسب بعض الأخبار الإعلامية المتداولة هذه الأيام، أن المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة قد تخلّيا عن مراجعة نظاميهما الداخليين حاليا. كما يبدو أن هذا التخلي مؤقتٌ إلى حين البتّ أولا في تكييف أحكام مشروع القانون العضوي المعدل والمتمم للقانون العضوي رقم 16-12 المؤرخ في 25 أوت سنة 2016، الذي يحدّد تنظيم المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة، وعملهما، وكذا العلاقات الوظيفية بينهما وبين الحكومة مع مقتضيات دستور نوفمبر 2020 الذي مس كل مواد القانون التي يستند إليها وفقا لما تقضي به مادتاه 135 الفقرة 1 و190 الفقرة 5. وحسنا ما فعل المجلسان، لأن أبجديات المنطق القانوني وكذا مقتضيات مبدأ هرمية القوانين ومراعاة تدرّجها وتناسقها وانسجامها تقتضي مثل هذا التدرج القانوني؛ القانون العضوي المذكور أولا، ثم النظام الداخلي لكل من المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة فيما بعد.

كل هذا أمرٌ واضح ومهم جدا، غير أن التساؤلات المطروحة في هذا السياق كثيرة ومتنوعة ذات صلة مباشرة بمستجدات العمل البرلماني لاسيما تلك التي جاء بها هذا الدستور الحالي، سواء في التشريع أو في الرقابة وإن في المضمون والجوهر أو في الشكل والمظهر إلى غيره مما سنستعرضه، في شكل أسئلة واستفسارات مع التركيز على الدستور الجديد، بالنحو التالي:

أولا- من ناحية المضمون والجوهر:

يمكن أن نورد -على سبيل المثال والذكر لا التبيان والحصر- ما يلي:

1– ما هي الأدوات القانونية التشريعية التي نوظفها في مشروع هذا القانون العضوي وتمكننا، ميدانيا، من تطبيق مبادئ الفصل بين السلطات والتوازن بينها، وإضفاء المشروعية على ممارسات هذه السلطات، واستقلال العدالة والحماية القانونية ورقابة عمل المؤسسات العمومية وضمان الأمن القانوني والديمقراطي وغيرها من المبادئ المقررة في ديباجة الدستور ومادتيه 16 و34، فضلا عن بابه الثالث المتعلق بتنظيم السلطات والفصل بينها: رئيس الجمهورية، الوزير الأول أو رئيس الحكومة، حسب الحالة، البرلمان بمجلسيه وبالعلاقات الوظيفية بينهما وبين الحكومة؟.

تحقيقا للأمن القانوني يجب على البرلمان، خاصة المجلس الشعبي الوطني، وهو يعدّل مشروع هذا القانون أو يسنّ أي قانون آخر أن يسهر على ضمان شفافيته ووضوحه واستقراره وسهولة الوصول إليه كما تنص على ذلك المادة 34 من الدستور… وبالتالي فهو ملزَمٌ بموجب هذه المادة “م 34د” بأن يُدخل عليه التحسينات الدستورية والقانونية واللغوية والاصطلاحية عليه في مجمله وفي كافة أجزائه.

2- ما هي الآليات التشريعية التي نضفي بها، عمليا، المرونة القانونية الواجب إدخالها على المهام والصلاحيات التشريعية التي خولتها المادة 147 من الدستور للبرلمان بقولها: “لا يُقبل أي اقتراح قانون أو تعديل قانون يقدّمه أعضاء البرلمان، يكون مضمونه أو نتيجته تخفيض الموارد العمومية، أو زيادة النفقات العمومية، إلا إذا كان مرفَقا بتدابير تستهدف الزيادة في إيرادات الدولة، أو توفير مبالغ مالية في فصل آخر من النفقات العمومية تساوي، على الأقل، المبالغ المقترح إنفاقها”. إلى جانب مراعاة الانسجام القانوني اللازم إعماله بين هذه المادة “م147” ومواد أخرى من الدستور ذاته مثل المادة 114 التي تقضي بأن “يمارس السلطة التشريعية برلمانٌ يتكون من غرفتين هما المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة”. وكل غرفة من غرفتي البرلمان لها السيادة في إعداد القانون والتصويت عليه طبقا للمادتين 139 و140 من الدستور والقانون العضوي رقم 16-12، المؤرَّخ في 25 أوت سنة 2016، الذي يحدّد تنظيم المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة، وعملهما، وكذا العلاقات الوظيفية بينهما وبين الحكومة والمنصوص عليه في المادة 135 من الدستور ذاته.

3- تشريعيا وتطبيقيا أيضا كيف نجسد الآليات الدستورية المنصوص عليها في المادتين 31 “الفقرة 2” و91 “الفقرة 2” من الدستور التي تتيح للبرلمان، بمجلسيه، الموافقة على مشاركة الجزائر في عمليات حفظ السلم ضمن إطار احترام مبادئ وأهداف الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية، بعد دسترتها واعتبارها إضافة دستورية جديدة ولافتة، إذ صار بإمكان رئيس الجمهورية اتخاذ قرار إرسال وحدات من الجيش الوطني الشعبي إلى خارج الحدود الوطنية والتدخل عسكريا في عمليات حفظ السلم بعد مصادقة البرلمان بأغلبية ثلثي (2/3) أعضاء كل غرفة من غرفتي البرلمان؟.

4- تشريعيا وميدانيا كذلك أيضا كيف نطبق الآليات الدستورية المنصوص في المواد 160، 161 و162 من الدستور على أرض الواقع، والتي تجيز لأعضاء البرلمان، بمجلسيه عموما وللمجلس الشعبي الوطني خصوصا، استجواب الحكومة عن أيِّ مسألة ذات أهمية وطنية، وكذا عن حال تطبيق القوانين بعد دسترة هذا الأخير واعتباره أمرا دستوريا جديدا ولافتا، حتى ولو استُثنيت منه المسائل المتعلقة بالدفاع الوطني وأسرار الدولة في العلاقات الخارجية، وذلك بالنظر إلى شدة فاعليته وازدياد أهميته واتساع مجاله وقوة آثاره.

5– ما هي الآلية القانونية التفسيرية التي تمكِّننا من تحديد طبيعة اللائحة، هل لائحة مساندة وتأييد، أم لائحة معارضة وتنديد؟ وكذا نسبة التصويت سواء على هذه اللائحة أو على الثقة البرلمانية، أغلبية بسيطة، ثلثي نواب المجلس الشعبي الوطني، أو الأغلبية المطلقة؟ على النحو الذي أشارت إليه ولم توضحه المادة 111 من الدستور والتي أوجبت على الوزير الأول أو رئيس الحكومة، حسب الحالة، أن يقدّم سنويا إلى المجلس الشعبي الوطني بيانا عن السياسة العامة.

6- ما هي الطبيعة القانونية للائحة التي يمكن أن يصدرها مجلسُ الأمة بمناسبة العرض الذي يقدِّمه أمامه الوزيرُ حول مخطط عمل الحكومة مثلما وافق عليه المجلس الشعبي الوطني، هل هي لائحة مساندة وتأييد، أم لائحة معارضة وتنديد؟ وكذا تحديد النسبة المطلوبة للتصويت على هذه اللائحة التي الذي تجاهلت طبيعتها القانونية المادة 107 من الدستور مما يقتضي توضيحها في مشروع هذا القانون العضوي!

7– ما هي الآلية القانونية التوضيحية التي نستطيع بواسطتها تحديد طبيعة الوثائق والمعلومات الضرورية التي يطلبها البرلمان عند ممارسة مهامه الرقابية كما تقضي بذلك المادة 156 من الدستور، إذ نصت على أن تقدِّم الحكومة المعلومات والوثائق الضرورية التي يطلبها البرلمان عند ممارسة مهامه الرقابية؟ وفوق ذلك ما هي الآثار أو النتائج القانونية أو السياسية التي يمكن أن تترتب عن امتناع الحكومة وعدم تزويد البرلمان بهذه المعلومات والوثائق الضرورية التي يطلبها لممارسة مهامه الرقابية؟. مع تنويهنا بهذا الأخير واعتباره أمرا دستوريا جديدا ولافتا خاصة بعد دسترته في الدستور الحالي، حتى ولو استثنيت منه المعلومات والوثائق المتعلقة بالدفاع الوطني وأسرار الدولة في العلاقات الخارجية، وذلك بالنظر إلى شدة فاعليته وازدياد أهميته واتساع مجاله وقوة آثاره.

8- ما هي المعايير أو المقاييس التشريعية الموضوعية التي يمكن، في ضوئها، الإقرار بأن مشاريع القوانين، هذه أو تلك، تكيَّف على أنها ذات طابع استعجالي يمكّن الحكومة من أن تطلب من غرفتي البرلمان المصادقة عليها حسب إجراء الاستعجال، وتحظى دراسة هذه المشاريع بالأولوية، قبل قوانين أخرى تكون بين يدي البرلمان؟ علما أن المصادقة البرلمانية على مشاريع هذه القوانين حسب إجراء الاستعجال، لا يكون إلا إجراءً استثنائيا، يخص مشاريع القوانين التي تكتسي حقيقة طابعا استعجاليا، تلجأ إليه الحكومة كلما استدعت الضرورة ذلك وفقا للمادة 119 من الدستور الحالي.

9- ما هي التدابير أو الإجراءات التشريعية التي نفعِّل بها، ميدانيا وعمليا، آليات إخطار المحكمة الدستورية من طرف السلطات والجهات الدستورية المؤهَّـــلة لذلك والتي غفل عنها القانون العضوي المتعلق بتحديد إجراءات وكيفيات الإخطار والإحالة المتَّـــبعة أمام المحكمة الدستورية الذي صدر، وفقا للمادة 196 وحدها من الدستور الحالي، تحت رقم 22- 19، ج ر رقم 51 بتاريخ 25 يوليو 2022، والذي عالج جزئيا فقط آليات الإخطار وأغفل جزأين مهمين لم يعالجهما، يتعلق الأمر بـالإخطار الخاص برفع الحصانة عن عضو البرلمان عندما يرفض التنازل عنها صراحة أو طواعية “بالتي هي أحسن” (م 130 د)، وبالإخطار المتعلق بالمعارضة البرلمانية (م 116 “الفقرة 5″، م 193 “الفقرة 2” د).

ثانيا- من ناحية الشكل أو المظهر:

هنا يمكن أن نقدم بعض الاقتراحات -على سبيل المثال والذكر لا التبيان والحصر- كما يلي:

1- وجوب تعويض مصطلح “الوزير الأول” بمصطلح “رئيس الحكومة أو الوزير الأول”، حسب الحالة، في كل المواد المتعلقة بذلك.

2- وجوب استبدال مصطلح “المجلس الدستوري” بمصطلح “المحكمة الدستورية” في كل المواد المتعلقة بذلك.

3- وجوب استبدال الأسانيد “المواد” الدستورية المذكورة في القانون العضوي رقم 16-12 المذكور أعلاه والمنصوص عليها في دستور 2016 بالأسانيد “المواد” الدستورية المنصوص عليها في الدستور الحالي “دستور نوفمبر 2020”.

4- تحقيقا للأمن القانوني يجب على البرلمان، خاصة المجلس الشعبي الوطني، وهو يعدّل مشروع هذا القانون أو يسنّ أي قانون آخر أن يسهر على ضمان شفافيته ووضوحه واستقراره وسهولة الوصول إليه كما تنص على ذلك المادة 34 من الدستور… وبالتالي فهو ملزَمٌ بموجب هذه المادة “م 34د” بأن يُدخل عليه التحسينات الدستورية والقانونية واللغوية والاصطلاحية عليه في مجمله وفي كافة أجزائه.

5- ضرورة احترام الضوابط الدستورية في توزيع الاختصاص القانوني، التشريعي والتنظيمي، وعدم الخلط بين ما هو مجال القانون العضوي والعادي وما هو من مجال النظام الداخلي، بمعنى آخر عدم الإسراف في الإحالة على النظام الداخلي لكل من المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة إلا في الحالات التي لم يتكفل بها الدستور، ذلك أن هذا الأخير حدد لنا، على سبيل الحصر لا المثال، وفي مواده المعينة “116، 118، 127، 135، 137، 158” المواضيع يمكن أن نحيل بشأنها على النظام الداخلي، وحدد لنا في المقابل، وعلى سبيل الحصر لا المثال أيضا، وفي مواده المعينة كذلك “119، 120، 123، 128، 132، 135” فضلا عن مادته 140 ومواد أخرى المواضيع يمكن أن نحيل بشأنها على القوانين العضوية، كما حدد لنا في المقابل أيضا، وعلى سبيل الحصر لا المثال أيضا، وفي مواده المعينة فضلا عن مادته 139 ومواد أخرى كذلك المواضيع يمكن أن نحيل بشأنها على القوانين العادية.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!