محمد بهلول للشروق:”القواعد الحالية لتوزيع الثروة لا تنتج سوى الفساد والرشوة”

أكد الخبير الاقتصادي ومدير معهد تنمية الموارد البشرية، محمد بهلول، أن الانتشار الكبير لظاهرة الفساد والرشوة بالجزائر، يعود إلى الانتقال الفوضوي من اقتصاد إداري إلى اقتصاد مفتوح، مضيفا أن الخطر الذي يهدد الجزائر ليس حالات الرشوة في بعض العمليات الإستراتيجية التي تكون عادة محصورة ولا تشكل خطرا على الاقتصاد ولا تمنع الشباب من الحصول على وظائف ولا تمنع رجال الأعمال من إنشاء مؤسسات وخلق ثروة، وإنما الخطر الذي يهدد الأمن الوطني هو توّسع الرشوة إلى جميع العمليات الروتينية.

• وقال بهلول، في تصريحات لـ”الشروق”، إن الرشوة أصبحت ظاهرة عامة على جميع العمليات الروتينية، مما تسبب في تعطيل الاقتصاد الوطني، فضلا عن تشجيع المتعاملين الفاسدين بالإضافة إلى تعميم الرداءة داخل السوق، مما نتج عنه قضاء شبه تام على وسائل الرقابة الاقتصادية ومراقبة النجاعة الاقتصادية.
• وأشار إلى أن الخطأ الذي وقعت فيه الحكومة في السنوات الأخيرة هو الاعتماد على صيغة واحدة لتمويل المشاريع العمومية، والمتمثلة في الخزينة العمومية، مع علمها أن الخزينة والإدارات العمومية لا تتوفر على الكفاءات القادرة على مراقبة وترشيد النفقات العمومية، وطالب بضرورة الإسراع في وضع تصور شامل للتنمية الوطنية والقيام بإصلاح عام وشامل لهيكلة الاقتصاد الوطني، مضيفا أن آليات التمويل وقواعد توزيع الثروة المنتهجة حاليا لا تنتج سوى الفساد والرشوة.  
• من جهته، أوضح الخبير الاقتصادي عبد الرحمان مبتول، أن انتشار حالات الفساد والرشوة في السنوات الأخيرة، يعود إلى ضعف أداء الهيئات الخاصة بمراقبة عمليات إنفاق المال العام واستقالة البرلمان عن ممارسة حقه الرقابي، وعدم وجود خبرات وطنية كافية في هندسة المشاريع التنموية ومحدودية الاستشارة في ضبط المشاريع والتسرع والعشوائية في التنفيذ وعدم التنسيق في وضع التصورات بين مختلف الدوائر والهيئات المعنية بدراسة وتصميم وضبط وتنفيذ ومراقبة المشاريع العمومية التي تمولها الدولة عن طريق الخزينة العمومية.
• وشدّد مبتول على ضرورة إعطاء ديناميكية لمجلس المحاسبة في إطار مكافحة الرشوة والفساد والحفاظ على المال العام، مشيرا إلى أن ذلك يتطلب إعادة نظر شاملة في الوضعية المهنية والاجتماعية لقضاة المجلس وخبراءه وتوفير الإمكانات الضرورية لقيام مجلس المحاسبة بدوره الرقابي على المستوى الوطني والجهوي والمحلي، بعد قرابة 20 سنة من الجمود.
• وقال البروفسور مبتول، لـ”الشروق”، إن الفترة المقبلة تتطلب أن يكون المجلس على غرار ما هو معمول به في الدول المتقدمة، حيث يمكن اعتبار رئيس هذه الهيئة من أهم ثلاث شخصيات في الدولة، باعتباره صمام أمان في مجال حماية المال العام، مضيفا أن الجزائر خسرت مبالغ بملايير الدولارات خلال العقد الفارط بسبب تعطيل المجلس عن القيام بدوره الرقابي.