-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

مشروع دكتاتور

مشروع دكتاتور

يقول قائل عن تطبع المرء بما ينشأ عليه من خصال، وما يربى عليه من سلوك: “وينشأ ناشئ الفتيان منا على ما قد عوده أبوه” وعلى هذا، فمن رأى من شخص سوء فعل أو قول فلا يسخط عليه، ولا يلمه، وإنما عليه أن يوجه سخطه ولومه إلى من نشأه تلك التنشئة السيئة، ورباه على تلك الأخلاق الشيناء، وأهدر آدميته.

  • أنا أؤمن عن علم، وأعتقد عن بينة وعن بعض تجربة بالسياحة في بعض الأرض أن الإسلام هو الأكمل، وهو الأقوم، وهو الأفضل، فقد أكمله الله ـ عز وجل ـ ورضيه لعباده، وأتم به نعمته على البشرية، ولذلك أكد ـ عز وجل ـ  أن الدين عنده هو الإسلام، وأنه لا يقبل تدين من ابتغى غيره من الأديان، لأن مبادئه قيمة وصالحة إلى أن تقع الواقعة، وتجيء الصاخة، وما أجمل عنوان ذلك الكتاب الذي ألفته العالمة البريطانية الراهبة كارين أرمسترونج، وهو: “محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ نبي لزماننا” ( Muhammed a Prophet for our time) ومعنى هذا العنوان أن المنظومة التي جاء بها محمد ـ عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام ـ في ميدان العقيدة، والعبادة، والمعاملات، والأخلاق تصلح لتسيير شؤون البشر في عصرنا وإسعادهم، والضمير “نا” الدال على الجمع في كلمة عصرنا يشمل جميع الناس في هذا العصر، مسلمهم ونصرانيهم ويهوديهم، وهندوسيهم، وبوذيهم، ولا دينيهم، ولائكيهم، وشيوعيهم، وذلك كله ما تجمعه كلمة: “الإسلام صالح لكل زمان ومكان”.
  • ولكن “الإسلام ـ كما يقول الإمام محمد عبده ـ محجوب عن الدنيا بالمسلمين” الذين يشوهونه بسلوكهم وأعمالهم فيظن غير المسلمين الذين لم يعرفوا الإسلام من خلال مصادره ( القرآن الكريم، السنة الشريفة، السيرة العطرة) أن ما عليه “المسلمون” هو الإسلام فيصدون عنه…
  • إن من أهم المبادئ التي جاء بها الإسلام وحث عليها رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ هو مبدأ “الكرامة الآدمية”، فقد جاء في القرآن الكريم قوله تعالى: “ولقد كرمنا بني آدم”، وجاء في حديث الصادق الأمين أن “الناس سواسية كأسنان المشط” وأنه لا فضل لأحد على أحد إلا بتقوى الله، و”هو أعلم بمن اتقى”. “سورة النجم 32)
  • ولكن هذا الآدمي هو أكثر الكائنات هوانا في عالمنا الإسلامي، فالناس في ذهن الحاكم ليسوا مواطنين مكرمين، ولكنهم “عبيد” لهذا الحاكم ولأبنائه، ولا فرق في ذلك بين ملك، أو سلطان، أو أمير، أو رئيس، فالجميع مسكونون بجرثومة التفرعين”.
  • إن أقرب مثل على إهانة الإنسان واحتقاره في الوطن العربي هو ما رآه الناس في المشارق والمغارب عبر الفضائيات في يوم الإثنين الماضي عند جارنا “أمير المؤمنين” عندما استقبل المهنئين له بعيد الأضحى.
  • لقد وقف “أمير المؤمنين” (“نصره” الله على نفسه وهواه)، ووقف عن شماله ابنه الحسن الذي لا يتجاوز عمره العاشرة، ثم تقدم “عِلية” القوم وأكابرهم واحدا وراء الآخر، وقبل أن يصل هذا “الكبير” إلى “أمير المؤمنين” يهرول وهو على هيئة “الرّكوع”، ثم يمد بلهفة يديه فيمسك بهما يدي “أمير المؤمنين” ويمطرها بسيل من القبلات، وبعضهم يقبلها ظاهرا وباطنا، ثم ينصرف مهرولا راكعا أمام ذلك الصبي..
  • لقد تساءلت: كيف يرضى أولئك القوم وهم “علماء”، و”وزراء”، و”ضباط سامون” و”موظفون كبار” أن يركعوا بتلك الكيفية المهينة لبشر مثلهم، بل قد يكونون أفضل منه؟ أليس في ذلك إهدارٌ لآدميتهم؟
  • ولم أجد جوابا لتساؤلي إلاّ في مقولة أبي الطيب المتنبي:”من يهن يسهل الهوان عليه”.
  • وتساءلتُ: على أية مرجعية اعتمد “أمير المؤمنين” (نصره الله على أهوائه) في تركيع “أفاضل” الناس له ولابنه الصبي الذي سيشيب على ماشبّ عليه؟
  •  حاولت أن أجد جوابا عن ذلك في “الإسلام الصحيح” (❊)، فلم أجد.. بل وجدت قول أمير المؤمنين (حقيقة) عمر بن الخطاب، وهو أحد أعلم الناس بالإسلام، وأدراهم بأحكامه وحكمه، وأقربهم إلى رسول الله – عليه الصلاة والسلام – ذلك القول هو “متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا؟”. وإن صدى هذه الكلمة التي عليها نور الإسلام وفيها عظمته وقوته مايزال يتردد في مسمع الزمان، فينتشي له الأخيار، ويغتاظ منه الأشرار، ويعضون عليه الأنامل من الغيظ.
  • وحاولت أن أجد الجواب فيما يسمىّ “حق النّسب النبوي” فلم أجد رسول الله – أشرف مخلوق وأفضل مرزوق – قد فعل ذلك؛ بل وجدتُ أنه فداه أبي وأمي – كان ينهى عن أن يُعطى مالم يعطه له الله – عز وجل – وكان يقول: إنما أنا ابن امرأة من مكة كانت تأكل القديد، أو كما قال، وكان يقول: “أنا أجلس كما يجلس العبد، وآكل كما يأكل العبد.. ووجدنا في سيرته العطرة أنه صافح مرة رجلا فأحس خشونة في يده، فسأله عن سببها، فقال الرجل: من عمل يا رسول الله، فقال عليه الصلاة والسلام: “هذه يدّ يحبها الله ورسوله”، وفي رواية أنه قبّلها..” ما أعظمك يا محمد، وما أكثر تشويهنا للإسلام، وأحيانا بفعل يعضنا ذلك باسمك الشريف الذي يتاجر به في الدين والدنيا وهو عاشر الرهط التسعة.
  • وحاولت أن أجد الجواب في مبادئ الديمقراطية الغربية التي يؤمن بها “جلالته” قولا ويئدها فعلا ككل الحكام العرب، فوجدت أن الديمقراطيات الغربية ومواثيق المنظمات الدولية تقول: إن الناس يولدون أحرارا، وهم متساوون، ورأينا تطبيق ذلك عندهم.
  • وحاولت أن أجد الجواب عند الهندوس، فوجدتهم لايسجدون للبشر رغم سجودهم للبقر..
  • يقول علماء الإنسان (علم الاجتماع وعلم النفس): إن التنشئة الاجتماعية (أي التربية بمعناها الواسع) هي التي تشكل شخصية الفرد”. (إمام عبد الفتاح: الطاغية).
  • والسؤال هو: كيف سيصير ذلك الطفل البريء إن قدّر الله – عز وجل- له أن يتولى السلطة، بعدما رأى “العلماء” و”الوزراء” و”الضباط السّامين” يركعون له؟
  • لقد رأينا نماذج من هؤلاء الأطفال عندما كبروا – ولا أقول عندما صاروا رجالا، فالرجولة مروءة وقيمة أخلاقية -؛ أقول رأينا ذلك في أبناء القذافي، وأبناء علي صالح، وابن “الأسد”، وأبناء مبارك..
  • أنا لا يعنيني ولا يهمني أن يقبل هذا “العالم” أو ذاك “الضابط السامي!”، أوذلك الوزير يد هذا الملك أو ذاك الأمير أو ذلك الرئيس، أو يفعل ما هو أحقر من ذلك فالناس ذهب وخشب، وإنما يغيظني ويضيق صدري أن يعرض ذلك على العالم كله، وأن يتم ذلك باسم الإسلام، أو يحسب عليه، وذلك هو “الإسلام” الذي يحبونه.
  •  إن سبتة ومليلية الجريحتين المحتلتين منذ أكثر من خمسة قرون تذرفان دما، وابيضت عيون أهلها حزنا ومن الذل في انتظار التحرير… ولكن تبين أن الراكعين للبشر لا يحررون الحجر، فضلا عن تحرير البشر.. بل رأى الراكعون وأميرهم أن ينقلوا “بركة” الركوع إلى سكان الصحراء الغربية، ليذيقوهم “حلاوة” الركوع لغير الله، وليصيروا “رعايا أمير المؤمنين”.
  • إن الحاكم ـ مهما تكن تسميته ـ في ديننا الحنيف “خادم” للأمة، ويؤجر على خدمته بما تمنحه له الأمة من “بيت مالها”، ولكن حكامنا رأوا في ذلك “ظلامية” و “رجعية” وأرادوا أن يكونوا “أربابا” لا يسألون عما يفعلون.. ولكن دوام الحال من المحال، فاتعظوا يا من عميت أبصاركم قبل بصائركم، وران على قلوبكم، واستحوذ عليكم الشيطان، فأتبعكم، واتخذكم سخريا، ثم يقول لكم أخيرا “ماكان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي…”.
  •  الإسلام الصحيح “هو عنوان كتاب للشيخ أبي يعلى الزواوي رحمه الله.
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
3
  • هشام

    هل اصبح الاسلام فوبيا...لمدا هدا المصطلح

  • فريد

    لقد رأيت تلك الصور وخجلت كثيرا منها لما تحمله من اهانة لأدمية الإنسان و سيدي يتلذذ بها كأنه إله يتقبل توبة عباده، يا لطيف.. الحمد لله على نعمة الجمهورية و لو دكتاتورية.

  • EL DJEMAI ATALLAH

    بارك الله فيك و اكثر من امثالك و نفعنا الله من علمك و اوردنا الله و إياك من حوض نبيه محمد صلى الله عليه و سلم