-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
حلم بومدين الذي حققه الشاذلي واحتضنه الشعب

مقام الشهيد.. المعلم الذي رفع “الثورة” إلى العالمية

كريمة خلاص
  • 49609
  • 10

ما زال مقام الشهيد يحكي قصة التضحيات التي قدمها الشعب الجزائر في سبيل الحرية، وما زال معلما شامخا يضيء سماء الجزائر ويحكي ثورتها للعالم، وما زال المقصد الأول لكل من يزور العاصمة من داخل وخارج الوطن، وما زال فضاء يجمع العائلات والشباب ومزارا للرؤساء والملوك والأباطرة.. فهو حلم بومدين الذي حققه الشاذلي واحتضنه الشعب..

مقام الشهيد ويسمى أيضا رياض الفتح هو نصب تذكاري للثورة الجزائرية يطل على مدينة الجزائر العاصمة، وبني هذا المقام سنة 1982 بمناسبة إحياء الذكرى العشرين لاستقلال الجزائر، ويقع على هضبة “الحامَّة” المطلة على خليج الجزائر العاصمة وضواحيها، واختيرت له الذكرى العشرون لاستقلال الجزائر لتدشينه، وكان ذلك في الخامس جويلية عام 1982، من قبل الرئيس الجزائري الراحل، الشاذلي بن جديد، وهي الفكرة التي بدأ تجسيدها في عهد الرئيس الجزائري الراحل، هواري بومدين في سبعينيات القرن الماضي، ولم يكن اختيار موقع مقام الشهيد في هذا المكان محض صدفة، حتى وإن كان الرئيس الجزائري الأسبق، هواري بومدين، قد فضّل أن يكون موقعه في عاصمة الثورة الجزائرية، مدينة باتنة، لكن الاختيار وقع على الجزائر العاصمة، لاعتبارات لها أبعاد تاريخية واستراتيجية، أجبرت في ما بعد المسؤولين الفرنسيين على الترحم على أرواح شهداء الجزائر من هذا المكان.

لهذه الأسباب تم تحويل مقام الشهيد من باتنة إلى العاصمة

ومن بين الأسباب التي جعلت السلطات الجزائرية تصر على موقع هضبة الحامة، أنها شهدت عدة معارك تاريخية، من بينها معركة ضد الحملة الصليبية التي قادها “شارل لوكان” على الجزائر في 23 أكتوبر سنة 1541، حيث تؤكد الدراسات التاريخية أن الضربات المدفعية المنطلقة من هذه الهضبة حطمت سفن “شارل لوكان” وجعلتها ترجع من حيث جاءت، كما كانت الهضبة خلال فترة الحكم العثماني، مرصدا لمراقبة النشاط الملاحي وسواحل المدينة من قبل سكان العاصمة الجزائرية، وخلال فترة الاستعمار الفرنسي للجزائر، اختارت “مجموعة الـ22 التاريخية” الاجتماع في هذه الهضبة في جويلية يونيو عام 1954 من أجل التحضير لاندلاع الثورة التحريرية الجزائرية، إضافة إلى هذا، فإن موقع الهضبة، اتخذه الاستعمار الفرنسي مكانا لتعذيب وتقتيل الجزائريين خلال الثورة التحريرية، في مكان عُرف بـ”فيلا سوزيني”.

ثلاث أوراق نخيل بطول 92 مترا لتخليد الثورة

تم تشييد مقام الشهيد على شكل 3 سعفات، يبلغ طول كل واحدة منها 97 مترا، وتتعانق عند ارتفاع يبلغ 47 مترا، فيظهر بشكل أسطواني ينتهي بقُبة مصنوعة وفق الفن المعماري الإسلامي، ويبلغ قطرها 10 أمتار، وارتفاعها 25 مترا، أما عرضها فيبلغ 6 أمتار، ثم تتفرع لتنتهي عند ارتفاع 92 مترا.

ويتوسط الفراغ بين السعفات الثلاث، منصة مخصصة للترحم على أرواح الشهداء ووضع باقات الزهور في المناسبات والزيارات الرسمية، فأصبح الترحم على أرواح الشهداء من أهم بروتوكولات الجزائر عند الزيارات الرسمية لقادة دول العالم إلى الجزائر.

أما من الجانب الخلفي لكل سعفة، فهناك 3 تماثيل برونزية ضخمة، يرمز الأول للمقاومة الشعبية، والثاني لجيش التحرير الوطني، أما الثالث فيرمز للجيش الوطني الشعبي الجزائري، يتكون القسم السفلي لمقام الشهيد من المتحف الوطني للمجاهد، في شكل أروقة تحيط بقبة الترحم، وخُصصت جلها للعرض ولملاحق إدارية وخدماتية، كما يتكون من قاعة شرفية وقاعة للمحاضرات ومكتبة وأستوديو لتسجيل الشهادات الحية للثورة التحريرية، يتم فيها أيضا تركيب وإنتاج الأشرطة السمعية البصرية والأقراص المضغوطة، إضافة إلى منتدى للاتصال والإنترنت، ومخبر للصور.
ويتربع مقام الشهيد على مساحة هكتار واحد؛ حيث يظهر المقام في كل مكان من أحياء العاصمة الجزائرية نظرا إلى علوه وبنائه أيضا على هضبة عالية، ويتكون من قسمين.

هذه قصة بناء مقام الشهيد

في مونتريال سنة 1981، الرسام بشير يلس ومهندسو شركة لافالين خططوا لبناء نصب يخلد لشهداء الثورة التحريرية الجزائرية المجيدة وهي من بنات أفكار الرئيس الراحل هواري بومدين ولكنه بني في عهد الرئيس السابق الشاذلي بن جديد الذي خلفه في سدة الحكم.

شركة لافالين المسؤولة عن هندسة وبناء النصب، استأجرت العديد من الفنانين الجزائريين أمثال الرسام الجزائري المشهور بشير يلس والخطاط سكندر عبد الحميد والنحات البولوني ماريان كونشني.

ولقد أستغرق بناء هذا النصب التذكاري تسعة أشهر من 15 نوفمبر 1981 إلى 5 جويلية 1982 وقد افتتح النصب من قبل الرئيس الشاذلي بن جديد ويمثل نُصبا تذكاريا لنضال وتضحيات بلد المليون ونصف المليون شهيد، وجزءا من العملة الجزائرية، وأجمل ما شُيد في الجزائر تخليدا لأرواح من ضحوا بالغالي والنفيس من أجل أن تستقل الجزائر.

مدير ديوان رياض الفتح معمّر قانة في حوار مع “الشروق”:
هذه خطة إعادة بعث مقام الشهيد 

كشف مدير ديوان رياض الفتح معمّر قانة في لقاء له مع “الشروق اليومي” عن مساع حثيثة وعمل ميداني مكثّف لإعادة بعث مقام الشهيد من جديد وتصدره الوجهات السياحة في الجزائر باعتباره أوّل مركب ثقافي ومعلم تاريخي تؤسّسه الجزائر المستقلة.

وقال معمّر قانة الذي يسيّر الديوان منذ 5 سنوات تقريبا إنّ نحو مليوني شخص تقريبا يزورون مقام الشهيد سنويا على اختلاف المواسم بين الشتوية والربيعية والصيفية وحتى خلال الفترات التي تشهد نشاطا ثقافيا يستقطب عددا معتبرا من الجمهور تمتلئ يه القاعات، كما استقبل المعلم خلال العطلة الشتوية الفارطة استنادا إلى المتحدث نفسه ما يناهز 20 ألف زائر تم إحصاؤهم، حسب عدد التذاكر المقتطعة وتسجيلات البوابات الإلكترونية.

مليونا زائر إلى مقام الشهيد سنويا

وأضاف أن مركز الفنون كيّف نشاطه خلال العطلة الشتوية في إطار ورشات الفنون البلاستيكية والفنون الدرامية إضافة إلى نشاطات فكاهية للجمهور العريض.

وهناك أيضا أنشطة تكوينية ساعة ونصف يوميا يتعلم فيها الطفل الرسم والرقص ونحاول الاستمرار فيها من خلال مدرسة الموسيقى فالناس مستعدون للدفع وما يهمهم هو الظفر بتكوين جيد ولائق في إطار تربية الطفل الذي يجلب أيضا معه عائلته ومنها عودة النشاطات تدريجيا، مع تخصيص أيام الثلاثاء والجمعة والسبت لنشاطات وبرنامج عمل ثقافي مكثف.

يقول قانة: “واجهنا هذا الواقع المزري بالعمل لأن الطبيعة تأبى الفراغ ودعمنا معها الجانب الأمني، ولقد أعدنا إحياء العديد من الفضاءات بهذه الطريقة بالعمل خطوة خطوة والدليل سينما كوسموس تستقطب في عروضها معدّل 3 آلاف عائلة بعد أن كان المكان مهملا يتسكع فيه المنحرفون والسكارى”.

وأبدى المدير استعداده للعمل مع أي شخص يأتي بمشروع جديد ومفيد وله مردودية.

وتحملنا مسؤوليتنا واقتنيا أحد التجهيزات بقيمة مليار و200 مليون استرجعنا قيمته في ظرف 9 أشهر وهي تدر أموالا معتبرة خاصة في مجال السينما.

لدينا برنامج مدقق ومفصل

رياض الفتح الذي احتضن كثيرا من المواهب الشابة التي بلغت العالمية يحاول القائمون عليه إعادته إلى السكة من جديد حيث استعرض قانة مختلف المراحل التي مر بها هذا المعلم منذ نشأته في الثمانينيات وكيف حرفه البعض إلى ملهى ليلي في التسعينيات ليعاد بعد “معركة” إلى هدفه المنجز لأجله كمركز ثقافي تربوي فني يحتل النشاط التجاري فيه درجة أقل شريطة أن يتماشى مع الوجهة الحقيقية.

وبخصوص تراجع المكانة السياحية للمقام أفاد قانة بأن الوضع عام ولا يقتصر على هيئته وحدها ليستطرد قائلا: “نحن ضحايا المحيط الذي نحن به من اعتداءات واحتيال وسرقات ولصوص ومنحرفين، بالكاد بدأنا نشق الطريق نحو ديناميكية جديدة بعد تعزيز الأمن وتوفير النقل وبعث النشاط الثقافي من جديد”.

وللقضاء على هاجس اللا أمن يحضر الديوان للتعاقد مع شركة حراسة ستكون عملية خلال 3 أشهر المقبلة وقد تم طلب استشارة 4 شركات تقريبا معروفة على الساحة الوطنية.

وتطرق المدير إلى كثير من الصعوبات التي تواجههم في عملهم وغلق بعض البنوك وبعض المؤسسات الإدارية باكرا على الساعة الرابعة والنصف وبالتالي الأماكن تكون ميتة، إضافة إلى مساعي استرجاع أكثر من 20 محلا مغلقة وأخرى محل منازعة قضائية لعدم الاستغلال والغلق أو تحريفها عن النشاط المصرح به ببساطة هناك الكثير ممن يبزنسون بتلك المحلات بطرق احتيالية ومراوغات قانونية، وتطلّب استرجاع مسرح الطفل7 سنوات من المتابعة القضائية، فلا يمكن الغلق مباشرة بل يجب اتباع إجراءات إدارية وقضائية تتطلب على الأقل 5 سنوات من الجري في المحاكم.

كما أوضح أنّ إلغاء المهرجانات 6 الستة التي كانت مستوطنة في الديوان أدى إلى تراجع الإقبال قليلا ومعه المداخيل، وقصد تدارك العجز لجأ الديوان إلى التركيز على السينما واقتناء المؤثرات الصوتية الحديثة مع تأجير الأستوديوهات للخواص بعد إعادة تهيئتها وفق المقاييس الدولية وهو ما أنقذ الديوان الذي يوظف 400 عامل كتلة أجورهم تعادل 98 بالمائة من الميزانية، مع تسديده نحو 9 ملايير سنتيم خلال 3 سنوات.

ويرفع الديوان تحديات مختلفة، وفق تصريحات رئيسه، فالرهان بعد السينما هو تهيئة غابة الأقواس وتهيئة مسرح الهواء الطلق الذي يستوعب 1500 مكان مؤخرا وفتح بعض الأروقة الفنية خلال الأشهر الثلاثة المقبلة هي الآن قيد التهيئة، مع تعزيز عتاد المؤثرات الصوتية.

ودعا معمر قانة في الختام إلى ضرورة دعم النشاط الثقافي لأنه بعيد عن التجارة مثله مثل النشاط التربوي ويجب على الدولة استمرارها في دعم الثقافة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
10
  • محمد توفيق طالب

    ‏ذا هبل كان أصلا رجل صالح ولا دخل له لما حدث بعده لصنمه. هذا راجع فقط لإنقطاع الرسالات وابتعاد أهله عن منحاه.

  • محمد توفيق طالب

    أنظروا وتعلموا وأخذوا فسحة في ساحة الصول في مدريد ترون الفنانين من كل صوب ونحب وحي. الأفكار كثيرة لإعادة إحياء المكان والمعلم. شكرا على الكلمة

  • مجبر على التعليق - بعد القراءة

    الله يرحم الشهداء ... اما بعد
    ماذا قدم و يقدم مقام الشهيد للجزائر
    اللهم الا متحف الجيش .......... الباقي لاشي

  • مراد

    لو كانت الدولة تحترمه و تحترم الشهداء لتم القيام بتنظيفه من الغبار و دهنه على الاقل كل اربع او خمس سنوات و لا نقول كل سنة لكي يبقى ابيضا ناصعا شامخا في السماء و ليس بكثرة الغبار التي تشوه سعفاته الثلاث

  • متذمر

    عن أبي واقِدٍ اللّيْثِيّ قالَ: خرجْنَا مَعَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى حُنَيْنٍ، ونحن حدثاء عهد بكفر وللمشركين سِدْرَةٍ يعْكُفُونَ عندها وينوطون بها أسلحتهم يقال لها ذاتُ أنْواطٍ فمرَرْنَا بِسِدْرَةٍ فقُلنا: يا رسول الله، اجْعَل لنا ذاتَ أنْواطٍ كَما لهم ذاتُ أنْواطٍ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: « الله أكْبَرُ!، إنها السنن! قلتم والذي نفسي بيده كَمَا قَالتْ بَنُو إسْرائيلَ لموسى: ﴿ اجْعَلْ لَنَا إلَهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةً قال إنكم قوم تجهلون ﴾ (الأعراف: 138). لترْكَبُنَ سَنَنَ منْ كان قبْلِكُمْ» رواه الترمذي وصححه.

  • عبقرينو

    السلام عليكم
    وماذا عما كان يجري تحته يا كريمة
    العلب الليلية؟ BOITE DE NUIT
    الكباريهات
    حتى انهم نصبو في الاماكن الخالية الموجود فيها الاشجار اللافتات المعدنية كتب عليها "عمل يرضي الله"
    والسؤال المطروح هل مات الشهيد لينصب له مقام يعصى فيه الله؟
    مساوءه أكثر من محاسنه
    اتمنى ان ينشر تعليقي ولا يتعرض له المقص اليس كذلك يا مراقب فالله يراقبك
    شكرا

  • mohammed

    ثورتنا عالمية قبل انشاء هذا المعلم بدماء الشهداء وكفاح شعبه من اجل الحرية

  • louise besse

    بناه الرئيس الشاذلي رحمه الله وخرجت حينها اشاعة انه سداسي الشكل وصدقها الاغبياء من المجتمع الجزائري

  • nassire

    يجب الترويج له لأنه معلم تاريخي وأحد أحسن أبراج العالم

  • KF

    هناك جزئية لم تذكريها في مقالك يا كريمة وهي عند الصعود لاعلى السعفات الثلاث يمكنك مشاهدة كل من مدينة بومرداس شرقا ومدينة الورود البليدة غربا -- المعذرة عن الاخطاء المطبعية --