مهرجانات وتظاهرات .. فأين الثمار؟
دعونا نعترف بأننا نجحنا في السنوات الأخيرة من خطف شرف احتضان الكثير من التظاهرات الثقافية ذات المغزى الكبير، مثل تظاهرة الجزائر عاصمة للثقافة العربية، وسنة الجزائر في فرنسا، وتلمسان عاصمة للثقافة الإسلامية.. ودعونا في المقابل نقرّ بأننا فشلنا في استثمار هاته التظاهرات على وزن رسالتها، فكانت النتيجة تبذير المال الكثير وجني القليل من الثمار.
-
عندما احتضنت الجزائر منذ عشر سنوات المهرجان العالمي للشباب والطلبة في صائفة 2001 كانت الأسطوانة السائدة خلال تلك الأيام التي زارنا فيها الآلاف من بقايا المعسكر الشرقي هو أن الهدف من تنظيم هذا المهرجان الأحمر هو إيصال الصورة الآمنة للجزائر في كامل المعمورة، وإعادة السياح الأجانب إلى مدننا رغم أن الشيوعيين لم يحدث أن كانوا سياحا في تاريخ وجودهم، ومرت الأشهر والسنوات ولم تسجل السياحة عندنا أي نقطة تبرر ما قيل حينها من لعاب وما بُذر خلالها من مال، وعندما صرفت الجزائر الملايير في مختلف المهرجانات من تيمڤاد إلى جميلة إلى الأهقار قيل أيضا إن الهدف منها هو بعث المشهد الثقافي في أنحاء الوطن، ولكن للأسف مرت المهرجانات وتوالت ولا شيء تحقق من الوعود الكلامية، وعندما تمكنت الجزائر من خطف سنة كاملة في فرنسا ظننا أنها ستخطف انشغال الفرنسيين وتُمكّن لمغتربينا في هذا البلد، فمرت السنة بفصولها الأربعة، ولكن زمهرير الشتاء الذي يعيشه مغتربونا لم يتغير، وبقي الجزائري رهن التأشيرة والمطاردة، وأكثر من ذلك سعت فرنسا بعد أن استقبلتنا لمدة سنة لنزع حجاب نسائنا وطرد المنقبات منهن، ثم انتقلت الجزائر بعد هذا إلى مهرجانات ذات بُعد حضاري، فكانت العاصمة على مدار سنة كاملة عاصمة للثقافة العربية، ولكنها الآن غائبة عن كل المشاهد العربية، ونخشى أن يكون مصير تلمسان مجرد مشهد مسرحي ينتهي مع نزول الستارة كما انتهت بقية المشاهد.
-
في كل دول العالم لا توجد تظاهرة من دون أن تجني منها الدولة التي تحتضنها ثمارا مادية ومعنوية، فتونس حوّلت قرطاجها إلى بترول يجلب السياح، والأردن جعلت من جرشها أياما لجني الاستثمارات، فتنافست المهرجانات الكبرى بين مختلف البلدان وبين المدن الكثيرة في البلد الواحد، أما أن تبقى الدولة تُنفق كل هاته الملايير من أجل أن تكون هته المدينة أو تلك عاصمة آنية تتحول بمجرد انتهاء السنة إلى كآبة الأرياف وكأن شيئا لم يكن، بل إنه فعلا لم يكن هناك شيء في الكثير من المشاهد التي أصبحت أشبه بقرع الطبول في جنازة ينتهي فيها الاستعراض بعد عملية الدفن.. ما زلنا نصرّ على أن تكون مدينة عزيزة علينا عاصمة للثقافة الإسلامية، وما أدراك ما الثقافة الإسلامية؟!، هو شرف لنا جميعا ونصرّ أيضا على أن لا يذهب ريح هذا المال الكثير المُنفق على التظاهرة بعد آخر ثانية من عمرها.