-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

نحن.. في عيون الصقور والحمائم؟

نحن.. في عيون الصقور والحمائم؟

هل كان الزعيم الصيني المنظم للثورة الثقافية ماوتسي تونغ، مخطئا، حينما وصف بلدان الغرب، وهى شعوب الدنيا المختارة، بالمدن، ووصف بلدان العالم الثالث، وهى شعوب الله المحتارة بالأرياف؟

  • وهل كان ماوتسي تونغ مخطئا أيضا حينما تنبّأ بإمكانية تحرير الأرياف للمدن في العالم أسوة بما فعلت الأرياف الصينية بمدنها سنة 1949؟
  • لعل العكس هو الصحيح، فقد زحفت المدن الغربية على الأرياف العربية والأفريقية وباقي أرياف العالم الثالث على اختلاف ثقافاتها “فحررتها” من هويتها الحضارية، ولكنها لم تسمح لها بالاندماج الواعي في حضارة ثقافتها الغربية. فأين يكمن الخلل إذن؟
  • نريد من فقهاء الأيدلوجيات وأطباء الحضارات أن يفكوا لنا هذه الإشكالية العولمية العويصة المستعصية الحل ممثلة في العلاقات المتأزمة بين الغرب والإسلام على الخصوص. نريد حكماً دوليا متبصّراً بأمور المتخاصمين لا يشبه في جهله وغبائه الحَكَم البينيني السيّئ الذكر الذي أقحم في مباراة الجزائر ومصر في كأس أفريقيا.
  • إن أشكالية التأزم بين الغرب العولمي ونحن المسلمين إشكالية لا يفك عقدتها عالم، لأنها أساسا لا تقوم على العلم، ولا العقل لأنها لا تعترف بالعقل السليم في هذا المستوى من التأزم. ثم أنه لا ينفع فيها حكم متدين أو متخلق، لأن علاقة الغرب بالإسلام مبدأها رفض الدين، وإلغاء الأخلاق التي قد تتعارض مع القالب الغربي للأخلاق وهو “اللاّأخلاق”..
  • وتعالوا بنا إلى استعراض نماذج من عوامل التأزم في علاقاتنا بالغرب فلماذا ينقم الغرب علينا كمسلمين؟ هل نحن فاقدون لمقومات الحياة؛ كيف واقتصاد الغرب من أموالنا؟ ومصانع الغرب تقوم على خيراتنا؟ هل لأن بيئتنا قاحلة جرداء من الناحية الفكرية؟ كيف والحال أن هذه البيئة هي التي تصدر إلى الغرب كل الكفاءات والقدرات ضمن ما يعرف بالعقول المهاجرة؟
  • هل يكمن الخلل إذن في الجانب الغربي، وبالذات في من يوصفون عندهم بالصقور أو الحمائم؟
  • لقد خبرنا حكام الغرب، سواء في أمريكا أو في أوروبا، فما وجدنا من حيث السياسة المطبقة علينا لا صقور ولا حمائم ولكن ثعالب، فكل الحكام من بوش إلى أوباما، مروراً بـ: بلير وساركوزى وبيرلسكوني، والولية المستشارة الألمانية، وغيرهم، كلهم ينطلقون من مبدإ الكراهية لنا، ويهدفون إلى قنص الكعكة الثمينة من بين أيدينا. وإذا لم يكن هذا هو منطق الحال، فكيف نعلل من حكام الغرب هذه الأقوال والأفعال؟:
  •  فهذه المأساة العراقية الممتدة المعاناة، أليست هي المحنة التي أطلقها المهندس بوش وأيّدها المقاول بلير ودعمها حكام أوروبا، ويباركها اليوم المحامي أوباما؟ إن معاناة العراق، المتعددة الفصول، تتواصل اليوم تحت غطاء سياسة الإقصاء بالإيحاء، لتطبيق الديمقراطية الغربية “المخصوصة” القابلة للتطبيق في العراق فقط.
  • أليس هذا الغرب هو الذي يجنّد جنده ويبذل جهده، ليقف ضد كل من تسوّل له نفسه إقامة كيان إسلامي باسم الدين؟ فهو يحارب طالبان لأنهم يرفعون شعار الدين في مقاومتهم لتحرير أفغانهم من الاحتلال. ويرسل الغرب الصواعق على حماس إلى فلسطين وهى الحكومة المنتخبة من شعبها ضمن سياق الديمقراطية الغربية، ولكن ذنب حماس أنها ترفع شعار المقاومة للاحتلال باسم الشعار الإسلامي.
  • ويعلن الغرب الحرب على الحوثيين في اليمن وعلى الشباب الإسلامي في الصومال، وعلى المقاومة اللبنانية في جنوب لبنان بقيادة حزب الله ولا ذنب لهم إلا الانتماء إلى الإسلام وهو الغرب نفسه الذي يحرم على إيران أو باكستان أو ماليزيا امتلاك التكنولوجيا النووية ولو لأغراض إنسانية، لإسلاميتها، ويبيحها لإسرائيل لأنها معادية للإسلام
  •  إن هذا الغرب الذي يبيح إقامة دولة يهودية في فلسطين، تقوم مبادئها على معاداة أبسط قيم العصر؛ وإذا علمنا أنها ـ باسم مبادئ الدين اليهودي ـ تمنع إشعال نار الموقد للطبخ يوم السبت وتمنع على الطفل اليهودي إجراء الامتحان المصيري يوم السبت، ولكنها تجيز لنفسها قتل الفلسطيني الطفل، والمرأة، والشيخ، بفتوى الحاخامات، يوم السبت، فيما أصبح يعرف “بصيادي السبت” حسب الفيلم الإيراني ذي الدلالات العميقة.
  • يؤيد الغرب ـ إذن ـ قيام دولة “صيادي السبت” اليهودية الدين، أي ذات الأساس الدموي، العنصري المقيت، ويحارب الغرب الحجاب، والنقاب، وهى جزئيات فقط من حياة المجتمع الإسلامي فيحرم مواطنيه ذوي الحقوق الكاملة في أرضه من أداء شعائرهم التي يكفلها لهم حقهم الإنساني ودستورهم الوطني، وقانونهم الإلهي.
  • ونسأل ما بقي من عقلاء الغرب: ما هو الخطر الذي يمثله حجاب المرأة المسلمة على المجتمع الغربي إن لم تكن الرمزية التي يمثلها الانتماء وهو ما يرفضه حكام الغرب لحقد كامن في نفوسهم ضد الإسلام؟ وإذا عدنا إلى البرقع، فبغض النظر على موقع البرقع من الدين من حيث وجوبه أو جوازه إلخ، أليس هو اختيار شخصي يدخل ضمن حرية المواطن في لباس ما يشاء وأكل ما يشاء؟ ثم أن البرقع، على أقلية وجوده في مجتمع أوروبي كالمجتمع الفرنسي، ما هو التهديد الذي يلحقه بمجتمع هو منبثق عنه؟ وإذا كان البرقع، كما يصفه البعض ظلماً، بأنه “القبر الشكلي للمرأة” أو هو النقطة السوداء في الفضاء المجتمعي أو لأنه “الإهانة للمرأة”، لماذا لا تسأل المرأة المؤمنة بالبرقع عن حريتها في اختياره؟ فإذا كانت هي التي أقبلت عن طواعية لحمله فلماذا نقف دون حريتها فنمنعها من ذلك؟
  • كيف نوفق ـ والحالة هذه ـ بين غرب يكيل بمكيالين وينظر بمنظارين؟ الغرب الذي يحارب كل جزئية في الإسلام، باسم محاربة الإرهاب، والوقوف دون تغلغل القاعدة، وبين دعمه لقيام دولة دينية عنصرية في فلسطين، دفاعاً عن الديمقراطية؟ أليس هذا الذي يفعله الغرب هو الذي يزكي شعلة الإرهاب، ويوسّع من عنصر القاعدة؟
  • لقد كان ما يسمى بتنظيم القاعدة محصوراً في بقعة ضيّقة من آسيا لا يكاد يعرفه أو يسمع به المواطن المسلم العادي، حتى نفخ الغرب فيه بظلمه وانحيازه فامتد واشتد وها هو باعتراف الغرب نفسه وصل إلى اليمن والعراق وإلى الصومال، وإلى شمال وغرب أفريقيا، وإلى الصحراء. فمن المسئول عن كل هذا التوسع، وهذا الامتداد والاشتداد؟
  • ويتهم الغرب المنتمين إلى الإسلام بعدم التسامح، وبالتطرف، والتعصب، فإن كان ذا حقاً، فكيف نعلل، ما وصفناه من سلوك الغرب، في نظرته إلى الإسلام والمسلمين، وتباكيه على الديمقراطية، في الوقت الذي ينصب فيه حكاما على ظهور الدبابات في أبسط المبادئ مخالفة للديمقراطية ليحكموا ويتحكموا نيابة عنه في شعوبهم وخيرات بلدانهم؟ أن ما حدث في أفغانستان، والعراق والصومال، على سبيل المثال فهو أسوأ مثال يمكن أن يجابه الغرب به في تبجحه بالديمقراطية وتباكيه عليها.
  • وأن الأخطر من كل هذا هو هذا الصمت الرهيب الذي يسود علماءنا ومؤسساتنا وأحزابنا، إزاء ما نُسام به من خسف وذل في الموانئ والمطارات، إذ نحشر حفاة عراة، لمجرد انتمائنا إلى بلد إسلامي معيّن، في حين أن مسؤولينا ملأوا الدنيا صراخا وصراخا، في أبسط الأشياء وأتفهها..
  • أفبعد هذا كله، يقال لنا بأن في الغرب صقور وحمائم، وأن مواقفهم ـ منا ـ تختلف باختلاف الصقور والحمائم؟ إنه من المضحك على ذقون الناس وتسليتهم بمثل هذه الأحاديث. أن حكومات الغرب لا يحكمها أشخاص بحسب أمزجتهم، وإنما تحكمها أنظمة ثابتة ولا تزول، ولا تختلف بزوال واختلاف الحكام.
  • إن الغرب يا سادة! لا تحكمه صقور أو حمائم وإنما تحكمه ثعالب، ومخطئ من ظن يوما أن للثعلب ديناً.
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!