-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

وتنتصر فلسطين..

وتنتصر فلسطين..

ظلّت قلوبنا مشدودة إلى الأشقّاء في فلسطين، في الأقصى المبارك وفي غزّة الصمود.كنّا نشاركهم في الحرب الأخيرة آلامهم، ونشاطرهم أحزانهم.كنّا نتابع تطوّر الأحداث؛ ونشاهد، بحزن وأسى، آثار القصف الجنوني الّذي دكّ البيوت على ساكنيها، ودمّر منشآتٍ على من فيها. ونشاهد مع ذلك، بفخر واعتزاز، ارتقاء الشهداء الذين تصعد أرواحهم الطّاهرة إلى باريها، وصمود المقاومة الّتي أعطت دروسا في الثبات والاستبسال؛ وفاجأت العدوّ بضربات أصابته في الصميم؛ وزلزلت كيانه؛ وفرضت على السكان البقاء في البيوت واللجوء إلى المخابئ، طيلة أيام العدوان. لقد أبهرت المقاومة العالم، بصمودها الرائع؛ وأبطلت دعاوى المبطلين؛ وسفّهت أحلام المطبّعين والمثبّطين. واستطاعت أن تضع قضية فلسطين، وقضية القدس والأقصى بالذّات، في مسارها الصّحيح.

 لقد أثبتت المقاومة الفلسطينية قدرتها على إحياء الأمل في الأمّة، من جديد؛ وعزّزت الإيمان في الشعوب العربية والإسلامية بعدالة القضية الأولى للمسلمين؛ وفرضت على الفاعلين في العالم أن يراجعوا حساباتهم، ويتّجهوا إليها، قبل غيرها، في مساعيهم للتهدئة ووقف القتال، والبحث معها عن الحلول الدائمة لقضية فلسطين. وما كان ذلك إلاّ لأنّ حركة المقاومة الإسلامية أثبتت للدنيا أنّها صاحبة الكلمة الفصل،   بل الكلمة العليا. وما أبلغ خطاب الشيخ محمّد الغزالي، رحمه الله؛ الذي قال ذات يوم: “هناك ساعة حرجة، يبلغ الباطل فيها ذروة قوّته؛ ويبلغ الحقّ فيها أقصى محنته. والثبات في هذه السّاعة هو نقطة التحوّل..”.

 كنّا قلنا في بدايات الأحداث الأخيرة: إنّ لهذه الانتفاضة المباركة ما بعدها.وقد برهن الفلسطينيون أنّهم يخطّون طريق الانتصار بصمودهم وثباتهم، وبدماء شهدائهم. كان الدمار واسعا، وكانت التضحيات جساما؛ ولكنّ الله سبحانه سيعوّضهم خيرا ممّا فات، ويعينهم على البناء وإعادة الإعمار. وإنّ عشرات الشهداء سيخلفهم الأبناء والأحفاد، يثبُتون على نهجهم، ويسيرون على دربهم. فالمرأة الفلسطينية ولاّدة، وحرائر فلسطين ينجبن عشرات الآلاف من الأبطال. وسيأتي الله بقوم يختارهم لإنجاز وعده لعباده المؤمنين ويحقّق على أيديهم النّصر والفتح المبين. أمّا المتخاذلون، والقابعون من وراء الحصون، ومن غيّبوا عقولهم، وباعوا ضمائرهم للشيطان، واستبدلوا الّذي هو أدنى بالّذي هو خير، فسيبوؤون بالخيبة والخسران. لقد تحدّث نفرٌ منهم عن المقاومة، في ازدراء، وسخروا من الفئة المستضعفة وقدراتها على القتال؛ ونسوا أنّ الله أكبر من كلّ كبير، وأنّه القاهر فوق عباده، وأنّه ينصر الفئة المؤمنة الصّابرة.على الفئة الكثيرة الباغية.   {.. قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُو اللّهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ}.

  إنّنا نقول بصدق وإيمان: لقد انتصرت المقاومة في فلسطين، بتأييد الله. وإنّنا نبارك انتصارها، ونهنّئ إخواننا المرابطين في المسجد الأقصى المبارك، وفي غزة العزّة والصمود. ونهنّئ بالنّصر كافّة الشعوب العربية والإسلامية، وأحرار العالم. لقد شعرنا بالفخر والارتياح، ونحن نقرأ ونسمع لرئيس عصابة الاحتلال، وهو يستنفر قوى الغرب ودول الاستكبار؛ حين وجّه إليهم الخطاب، في لقاء جمعهم من بعد، وكانوا يزيدون على سبعين دولة وجهة دولية. وقال لهم ما خلاصته:”إذا انتصرت المقاومة في هذه الحرب، فستكون بذلك قد انتصرت على دول الغرب كلّه”.وتصريحه هذا يعتبر بحدّ ذاته إعلان هزيمة، والإقرار بقوّة المقاومة وضرباتها الموجعة؛ وإن بدا في حديثه وكأنّه يبحث عن صورة للخروج من الحرب بأنّه هو المنتصر فيها. ومن قبله صرّح ضبّاط في جيش الاحتلال فأقّرّوا: “بأنّ جيشهم لا يملك القدرة على هزيمة المقاومة”. هذا عن انتصار أهل الحقّ؛ فماذا عن حال المخدوعين بصفقة القرن، والمنخرطين في مشروع التطبيع!؟ ألا ليتهم  يخرجون من أوهامهم، ويؤوبون إلى رشدهم، ويعودون إلى أحضان أمّتهم؛ وقبل ذلك وبعده يتوبون إلى ربّهم.

 إنّ من شأن أهل الإيمان أنّهم يثقون بوعد الله. ونحن نؤمن بأنّ النصر آت، وأنّ الفتح قريب،   بإذن الله. وإنّا لفي انتظار ” وعد الآخرة “. فذلك وعد الله. ولا يخلف الله الميعاد. لقد قال سبحانه، جلّ في علاه: {.. فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيراً}. وقد رأى العالم كيف طغى الظالمون وبغوا؛ وكيف ملكوا مقوّمات القوّة والعدّة والإعداد،     من مال وسلاح وأفراد. وعلم النّاس كيف ينخرط الصهاينة ويجنّدون جميعا في جيش الاحتلال. ولكنّهم، مع ما يملكون من قوّة ضاربة، ومع وقوف دول الاستكبار وراءهم، تجدهم أكثر نفيرا؛ يستنفرون حلفاءهم، الّذين يُسنِدونهم بالأسلحة المدمّرة؛ ويمدّونهم بالمال. وهذه كلّها مؤشّرات ومقدّمات، وبشائر بإنجاز الوعد الإلهيّ، وقرب العهد بالفتح المبين. فلا شكّ أنّ وعد الله سيتحقّق لعباده المؤمنين، بعد عودتهم الصادقة إليه؛ كما جاء في آيات القرآن الكريم. سيستعيد أبناءُ فلسطين وطنهم السّليب، بإذن الله، ويعودون إلى ديارهم، ويقيمون عاصمتهم في القدس الشريف. سيدخل المسلمون المسجد، كما دخلوه أوّل مرّة؛ ويسوؤون وجوه أعدائهم؛ ويُتبّرون ما علوا تتبيرا.” وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ”.”وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيم”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
5
  • amremmu

    اذا كان هذا انتصار فعلا فلماذا لا يكرره الفلسطينيين عدة مرات في السنة حتى تتحرر بلادهم و يغادر الاسرائليين الى أين جاؤوا ؟

  • الجزائر جزائرية

    أدام الله أنتصاراتكم

  • عبد الرزاق

    نحبك في الله يا شيخنا الجليل، لم تقصر، أديت فوصلت ووفيت...أطال الله في عمرك في سبيله و جعلك دوما ذخرا سخيا للوطن الحبيب و الأمة جمعاء.

  • الطاهر

    لست أدري عن أي انتصار تتحدث اللهم إلا إن كنت تعمل على التعمية مثلما حدث مع حروبنا السابقة ضد الكيان الصهيوني المحتل. إذ وقفنا اليوم عن حجم الخسائر ماديا ومعنويا بينما الحكومات كانت تتغنى بالبطولات. واليوم الاقتحامات لا تزال كما هي، والاعتقالات بالمئات، والشهداء بالعشرات، والبنية التحتية تكاد تكون محطمة. النصر الوحيد الذي أراه هو انتصار الصهاينة: لما أحسوا بألم القصف الصاروخي للمقاومة أوقفوا الحرب ليرتاحوا ويأخذوا أنفاسهم للعودة بقوة. أما في الميدان فقد فعلوا ما شاءوا وقتلوا من أرادوا بلا حسيب

  • نصرالدين العايب

    ادام الله لنا شيخنا بكل خير العزيز الذي لم نشهد منه الا الخير ويتحفنا دائما بتعليقاته الهادفة ..