-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

وما تُخفي صدورهم أكبر

وما تُخفي صدورهم أكبر

كَشَفَ العدوانُ الوحشي الحالي على غزة، ليس فقط مدى تورط الحلف الغربي مع الكيان الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني، بل مدى حقده الدفين على الأمة العربية والإسلامية. باستثناء بعض النخب المتميّزة بمواقفها العادلة، خاصة في إيرلندا وبعض البلدان الأوروبية، والتي يمنعها الإعلامُ الغربي من إيصال صوتها للعالم… كل السياسيين والإعلاميين الغربيين باتوا اليوم على قلبٍ واحد عندما تَعلَّق الأمر بنصرة كيانهم المصطنع في فلسطين. وانتقل الأمر في الأيام القليلة الماضية إلى تهديد كل مهاجر يُبدي رأيه تصريحا أو تلميحا مما يجري في فلسطين وينتصر لغزة والأقصى، بالطرد ونزع الجنسية وما إلى ذلك من العقوبات.. مُعتبرين أن حماس المقاوِمة لِلاحتلال فصيلٌ “إرهابي”، وكل مَن يقف معها هو كذلك.. وقد أعلنت ذلك صراحة وزيرة الهجرة السويدية عندما قالت إن بلدها سيقوم بترحيل كل مَن يتعاطف مع حركة حماس الفلسطينية، لأن هذه الحركة “إٍرهابية”، وينبغي عدم الاحتفاء بما يصدر عنها من المواقف والبيانات.. والشيء ذاته كان لوزير الداخلية الفرنسي مع تغريدة اللاعب الدولي “كريم بن زيمة” مُتَّهِما إياه بأن لديه صِلات سيئة السمعة مع جماعة الإخوان المسلمين، بالرغم من أن بن زيمة لم يكتب سوى ما يلي: “كل صَلاتنا لسكان غزة الذين أصبحوا مرة أخرى ضحايا القصف الظالم الذي لا يترك طفلا أو امرأة”.. والتهمة ذاتها لحقت اللاعب الدولي الجزائري “يوسف عطال” من قِبل ناديه الفرنسي، كما لحقت بالسّباح المصري “عبد الرحمن سامح” الحاصل على الميدالية الذهبية لبطولة العالم للسباحة الذي لم يزد على أن قال: “لا يمكنني الاحتفالُ بالتتويج وإخوتي يتم قتلهم يوميا في فلسطين”، ومع ذلك منعه الاتحاد الدولي للسباحة ومَنَعَ نشر صورته إلى جانب بقية المُتَوَّجين، والأمر ذاته حدث مع بطلة التنس الأولمبية التونسية “أنس جابر” فقط، لأنها عبّرت عن تعاطفها مع أهل فلسطين ورغبتها أن يعم السلام المنطقة، كما تم إقصاء اللاعب الهولندي “أنور غازي” من نادي “ماينر” الألماني، لأنه تعاطف مع غزة، وكذلك لاعب كرة القدم التونسي “عيسى العيدوني” الذي لم يزد عن التعبير عن ظلم الغرب وعن تعاطفه مع الفلسطينيين… أي غِلٍّ هذا في صدور الغربيين وأي حقد؟… لم يكتفوا بتأييد جرائم الإبادة الجماعية ومعاقبة السياسيين والإعلاميين، بل طالت عقوباتهم الرياضيين وكل مهاجر يعبّر عن رأيه تجاه الظُّلم الذي يتعرض له إخوانه؟ أين هي حرية التعبير؟ أين هو الرأي الآخر؟ أين هي الموضوعية؟ أم أن حرية التعبير لا تكون إلا عندما يتم تمجيد الغرب وحليفه غير الشرعي الكيان الصهيوني؟ أليس في هذا دليلٌ قاطع أنه علينا مراجعة كل السياسات مع هذا الغرب الظالم وعدم الثقة في أيٍّ من وعوده، بما في ذلك الحديث الوهمي عن حل الدولتين في فلسطين؟ أجزم بأنه غير صادق في هذا المطلب، وكل ما يعنيه أن يتم إعطاء مزيد من الوقت للكيان لنشر المستوطنات وتهويد الأرض وطرد سكانها الشرعيين منها… أليس هذا ما تهدف إليه حرب الإبادة الصهيونية اليوم في قطاع غزة: إجبار سكان الأرض الشرعيين نحو الهجرة خارجها وضمها كليا بعد ذلك إلى الأراضي المحتلة سنتي 1948 و1967؟ أليس في هذا دليلٌ آخر أن الغربيين إنما يريدون فلسطين كل فلسطين وليس جزءا كبيرا منها فقط كما هو الحال اليوم؟ ألا يحمل هذا إشارة للمستقبل تقول إنهم سيَعتبرون غدا كل مَن نَطَق كلمة فلسطين، وفقط هذه الكلمة، مبَّرَرا لاتهامه بالإرهاب؟ أوَلَم تُعتَبر ولحد الآن منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني منظمة إرهابية وأكد ذلك الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” أثناء ولايته؟ ما الذي يمنع هؤلاء اليوم من تصنيف كل مُتحدِّث باسم القضية الفلسطينية “إرهابيًّا”؟ إنهم يعملون من أجل ذلك، والمواقف اليوم كشفت بوضوح تام حقيقة نفاقهم، وحقيقة ولائهم التَّام للكيان الصهيوني، ودرجة حقدهم، مِما يدفعنا إلى مراجعة كل الأدبيات والممارسات والنظريات التي سادت قبل اليوم وكنا نتعامل بها معهم ونظنّ أنهم قد طَووا صفحة الحقد الدفين.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!