-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

يوم المرأة والنّائحات المستأجرة!

سلطان بركاني
  • 5260
  • 0
يوم المرأة والنّائحات المستأجرة!

كالعادة، وككلّ عام، بدأ الحديث عن اليوم العالمي للمرأة أياما قبل موعده، وسمعنا –كالعادة- كلاما يدمي القلوب في بعض القنوات الخاصّة التي ارتأت أن تستضيف نسوة من علية القوم، يقدَّمن على أنّهن “ناشطات” يمثّلن المرأة الجزائرية ويدافعن عن حقوقها المهضومة في مجتمع وصفته إحداهنّ بأنّه “مجتمع ذكوريّ”؛ ينظر إلى المرأة بدونية، ويرفض مساواتها بالرّجل، ولم تفوّت هذه “النّاشطة” الفرصة لتؤكّد على وصفها المجتمع الجزائريّ المسلم بأنّه “مجتمع ذكوري”، وليس مجتمعا رجاليا، لأنّ الرّجل لا يظلم المرأة ولا يرفض أن يسمح لها بأن تتبوّأ المكانة اللائقة بها.

المكانة التي يريدها هذا الصنف من النّساء للمرأة، ليست هي المكانة التي خلقها الله -سبحانه وتعالى- لها، كشقيقة للرّجل، لها ما له وعليها ما عليه، مع مراعاة خصوصية كلّ واحد منهما ومراعاة الدّور الذي هيّئ له وأنيط به.. هؤلاء النّسوة النّاشطات في “الجمعيات النسويّة” لا يرتضين هذه المكانة التي يرين أنّها كانت صالحة في القرون الوسطى، لكنّها ما عادت تصلح في زمن الحرية والعدل والمساواة!.. يعجبهنّ قول الله جلّ وعلا: “وَلَهُنَّ مِثْلُ الذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوف”، لكنّهنّ لا يرتضين تتمتّه: “وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيم” (البقرة، 228).. يُرِدن للمجتمع أن ينتكس عن الفطرة ويتنكّر للدّور الذي خلق له كلّ من الرّجل والمرأة والأعمال التي هيّئ لها كلّ منهما.. 

نوائح مستأجرة لا يبدين أيّ اهتمام بالعوانس ولا الأرامل، ولا الأمّهات المرميات في دور العجزة، ولا يكترثن للنّساء اللاتي يضيّق عليهنّ في بعض الإدارات والمصالح بسبب الحجاب.. همّهنّ الأكبر متوجّه إلى النّساء المتزوّجات، يحرّضنهنّ على الأزواج لرفض قوامتهم عليهنّ، وإلى النّساء الماكثات في البيوت يحرضنهنّ على الخروج، وإلى الفتيات غير المتزوّجات يحرضنهنّ على الأولياء لافتكاك حقّهنّ في اختيار شريك الحياة من دون الحاجة إلى أيّ إذن أو مشاورة!.. 

لا يرضيهنّ العدل بين الرّجال والنّساء، وإنّما يطالبن فوق ذلك بالمساواة في كلّ شيء، بما في ذلك الولاية على النّفس في الزّواج والحقّ في الطّلاق، بحيث يصبح في إمكان المرأة أن تعقد نكاحها مع الرّجل الذي تختاره من دون أن تكون ملزمة باستشارة وليّها، وفي إمكانها أن تطلّق زوجها من دون أن تكون في حاجة إلى الخلع!.. يطالبن بإلغاء القوامة والولاية لتكون حال البيوت المسلمة كحال البيوت الغربية التي يُلقى فيها الحبل على الغارب لجميع الأفراد؛ الزّوج يصطحب عشيقاته إلى بيته، والولد كذلك، والزّوجة تستقبل أصدقاءها في بيتها، والبنت كذلك!.. تختلط الأنساب وتمتلئ الشّوارع باللّقطاء وتتّجه الأسر إلى الزّوال، ويتحوّل المجتمع إلى مجتمع أحطّ دركا من مجتمع الغاب.

لقد بدأت دعوات الجمعية النسوية تؤتي ثمارها، وهاهي القضايا التي كانت تعتبر خطوطا حمراء في قوانين الأحوال الشّخصية، تعرض للنّقاش، وقد تمّ تعديل كثير من القوانين استجابة لدعوات هذه الجمعيات التي تستقوى بمنظّمات حقوق الإنسان العالميّة وتستعديها ضدّ هذا البلد المسلم وضدّ كلّ ما يربط المجتمع بدينه وأصالته، متستّرة بشعارات الحرية والمساواة ونبذ التّمييز ومحاربة التخلّف.. لقد تمكّنت نساء “علية القوم” من كسب معركة فتح النّقاش حول قضايا حسّاسة كثيرة، وأمكنهنّ تجاوز مرحلة التقية إلى مرحلة الجهر بمطالبهنّ الشاذّة على شاشات الفضائيات، مستغلاّت في ذلك سماح كثير من القنوات الخاصّة بطرح مختلف الأفكار بما في ذلك التي تمسّ ثوابت المجتمع.

المجتمع لا يقبل المساس بثوابت دينه، ولا يقبل المساومة عليها، لكنّ الباطل يغدو أمرا معهودا مع توالي وتكرار عرضه، حتى يصبح رأيا محترما، ليتحوّل في نهاية المطاف إلى القول الصّواب الذي يقتضيه الواقع، لذلك ينبغي للأئمّة والنّاشطين على مواقع التّواصل الاجتماعيّ أن يسعوا لبثّ الوعي في أوساط المجتمع بحقيقة هذه الجمعيات النّسوية وحقيقة الأهداف التي تسعى إليها والمنطلقات التي تنطلق منها، وحقيقة علاقتها بالمنظّمات الغربيّة التي تريد لمجتمعنا المسلم أن يتحوّل إلى مجتمع تُنقض فيه عرى الأسرة، وتتحوّل أجياله إلى أجيال “لقيطة” لا ترعى خلقا ولا دينا، ولا تراعي عرفا ولا عادة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!