شكيب خليل مطلوب للمثول أمام محكمة الجنايات
كشفت مرافعات دفاع المتهمين في اليوم الثاني والعشرين لمحاكمة سوناطراك بمحكمة الجنايات بالعاصمة، على سياسة الكيل بمكيالين فيما يعرف بقضايا الفساد والتي يتابع فيها دائما أصغر طرف في الحلقة ليبقى الحوت الكبير من دون حساب ولا عقاب، وتساءل المحامي برغل خالد بشكل واضح وصريح عن سبب عدم محاسبة الوزير والمسؤول الأول على القطاع شكيب خليل والذي لم يقدم استقالته بسبب الفضيحة وخرج بكل وقاحة للرأي العام يتباهي ويدعي أنه سيتحمل المسؤولية دون أن تكون له الشجاعة ليفعلها في الواقع.
وحملت محاكمة سوناطراك في أيامها الأخيرة تصريحات نارية للمحامين المدافعين في حق مغاوي الهاشمي الرئيس المدير العام السابق للقرض الشعبي الجزائري وابنه اليزيد المتابع معه في ملف سوناطراك بسبب دخولهما كشركاء في شركة “هولدينغ كونتال” لمسيرها المتهم ال اسماعيل جعفر، ما كلفهما 6 سنوات في الحبس الاحتياطي .
قضايا الفساد في الجزائر يتابع فيها أضعف طرف دون الكبار
وفي السياق، اعتبر المحامي برغل خالد في مرافعته لصالح المتهمين مغاوي الهاشمي وابنه بأنه لا توجد قضية سوناطراك 1 وسوناطراك 2، بل هما قضية واحدة، مشيرا إلى أن الفساد موجود في كل العالم وليست فقط الجزائر، والتي كيفت منظومتها القانونية مع القوانين الدولية لمحاربة الفساد، لكن -يضيف- الجزائر دون غيرها تتميز قضاياها بمتابعة فئة معينة دون فئة أخرى، ليقول “في دول العالم التي تحترم نفسها، المسؤول الذي يعرف قطاعه فسادا يستقيل فورا ويضع نفسه تحت سلطة القضاء من رئيس الجمهورية حتى الوزير”، وتابع مرافعته “لكن في الجزائر ذكرت أسماء وزراء وشخصيات نافذة في قضية الخليفة والطريق السيار وسوناطراك اليوم، لكن لم يتم اتهامهم ولا سماعهم لا كشاهد ولا مشهود لتقف المتابعة عند رتبة معينة”، وذهب الأستاذ برغل بعيدا في مرافعته ليقول “الخطورة لا تكمن في المتابعة من عدمها، لكن لما وزير يتحدى العدالة بتصريحاته للإعلام”، وأضاف “كيف للوزير أن يصرح ويقول أنا موجود وسأظل هنا وأتحمل مسؤوليتي”، في إشارة منه لشكيب خليل الذي صنع الحدث بتصريحات نارية قبل أن يختفي ليترك خيرة إطارات الدولة يدفعون الثمن.
وأكد المحامي برغل على خطورة خلفيات الملف والتي وصلت لدرجة أن وزير العدل السابق شرفي محمد اعترف بأن هناك شخصا اتصل به لتبرئة ساحة أحد الأشخاص، وأضاف الأستاذ “لو لم يتدخل رجال السياسية في هذا الملف من خلال تصريحاتهم لما كانت هناك قضية”، وأردف “ماذا بقي بعد سماع التصريحات السياسية التي تؤكد بأن قضية سوناطراك مدبرة”، ليؤكد بأن كل هذه المعطيات تثبت وجود صراعات على أعلى مستوى ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يدفع ثمنها الأبرياء.
الأستاذ برغل: تمنيت لو خرج شكيب عن صمته
وخاطب برغل محكمة الجنايات قائلا: “لأننا أمام محكمة شعبية تحكم طبقا لقناعتها سنحاول بقدر الإمكان الوقوف عند بعض النقاط القانونية”، ليذكر بدور “الدياراس” في اتهام المتهمين دون دليل ليصرح “من كان بإمكانه من قبل أن يرفع صوته فوق هذه الهيئة”، ليضيف “في القضية ستة متهمين متابعين بالتنظيم والقيادة، كلهم قادة”، وواصل مرافعته بلغة عامية وبغضب “جابونا الرئيس المدير العام، والرئيس المدير العام للقرض الجزائري، جابوهم يشبحونا بيهم الملف”، وأردف “هؤلاء جمعية أشرار، وجمعية الأخيار هم الوزراء يدوروها ويخرجو…”، ليقول برغل “تمنيت لو أن شكيب خليل طيلة شهر من المحاكمة وهو يتابع مجرياتها أن يخرج عن صمته”، ليؤكد كل يوم كان يذكر اسمه، لكن لا حياة لمن تنادي، ليضيف “أي جريمة أعظم من أن الوزير يخرق قانون المحروقات والبترول لإدخال الشركات الأجنبية الكبرى بتعليمة بسيطة في صفقات عادية”، متسائلا عن دور البرلمان لما قام الدكتور شكيب بمنح امتيازات لشركات بترولية كبرى بتغييره لقانون المحروقات، ليختم بقوله “موكلي مغاوي الهاشمي أضافوا به ميزان القضية وهو ضحية”.
الأستاذ مقران آيت العربي: القضية ليست سياسية
رفض المحامي آيت العربي مقران في دفاعه لصالح مغاوي الهاشمي وابنه يزيد، تسييس الملف ليقول “موكلي مغاوي الهاشمي لم يمارس السياسة يوما”، لينتقد سياسة الحبس المؤقت في الجزائر، معتبرا أن بقاء موكله في الحبس لست سنوات أصبح حبسا دائما، ليعلق بسخرية “العدالة حافظت على الوديعة لست سنوات.. شكرا لها”، ليستغرب من تنفيذ القاضي والذي من المفروض أنه مستقل لقرارات الضبطية القضائية العسكرية، ليعلق “الدياراس ربي يرحمو”، مشيرا إلى أن النيابة لم تقدم دليلا واحدا على التهم الموجهة لموكليه.
الأستاذ زقير: كيف لقاضي التحقيق أن يخضع للدياراس
التمس الأستاذ زقير مراد في مرافعته في حق مغاوي الهاشمي وابنه من هيئة محكمة الجنايات استبعاد محاضر الضبطية القضائية لما رآه المتهمون من تعذيب والضغوطات التي مورست عليهم للإدلاء بتصريحاتهم، وتساءل كيف لقاضي التحقيق أن يخضع لأوامر “الديارس”، حيث كشف المحامي زقير وثيقة تبين بأن وزارة الدفاع طلبت تجميد أرصدة مغاوي الهاشمي وابنه، ولم يتم احترام قانون الإجراءات الجزائية بتاتا، مستغربا من طلبات النيابة لثماني سنوات سجنا في حق موكليه دون إتيان دليل واحد على التهم المتابعين بها، متسائلا عن العلاقة بين مغاوي الهاشمي وابنه وإطارات سوناطراك ليتابعوا بتنظيم جمعية أشرار، ليؤكد بأن موكله الهاشمي كان إطار دولة محترم وساهم في تكوين إطارات الجزائر ومنهم وزراء، وكان مستشارا للشركة الألمانية “فونكوارك بلاتيك”، لأن خبرته أهلته للمنصب.
الأستاذ بومهدي: بشير فوزي كان ضحية قضية ملفقة
اعتبر الأستاذ بومهدي كمال في دفاعه عن بشير فوزي مزيان، إطار سابق في الإعلام الآلي بسوناطراك، بأن موكله كان ضحية قضية ملفقة والتي أريد بها الإطاحة بمزيان وأولاده وإطارات سوناطراك، وعاد ليذكر بأساليب الضغط والترهيب الذي تعرض له المتهمون عند مصالح الضبطية القضائية العسكرية، نافيا ما ذكره النائب العام في مرافعته ليقول الأستاذ بومهدي “الدياراس كان لهم القوة، ولا يمكن لأي شخص أن يتحكم فيهم”، وتابع مرافعته ” الواقع مختلف ويبين أنه تم الضغط على قاضي التحقيق للزج بالمتهمين في السجن”، وأردف “صحيح الجزائر وقعت على معاهدات واتفاقيات دولية مناهضة للتعذيب، لكن الواقع مختلف تماما”.
ابن عقيد في دائرة الاستعلام خرج من القضية شاهدا وابن مزيان زج به في السجن
وأكد المحامي بومهدي بأن غالبية الملفات التي كان وراءها دائرة الاستعلام والأمن عادة ما تحمل تصريحات غير حقيقية، ليستدل بما حدث في قضية الطريق السيار، وإرغام المتهم الرئيسي فيها على ذكر اسم وزير القطاع وهو نفس ما حصل في “سوناطراك”، ليتساءل “هل موكلي بشير فوزي كان لديه اتفاق مسبق للحصول على مزايا وهل كان هو الوحيد شريكا في كونتال”، وكشف الأستاذ عن مفارقات في التحقيق مع المعنيين، مشيرا إلى أن “ضرباني” وهو أحد الشركاء في كونتال تم سماعه عند الضبطية القضائية دون محاضر وخرج بسلام ليكون شاهدا، لأنه ببساطة¬ ابن عقيد في دائرة الاستعلام والأمن، في وقت توبع مزيان بشير فوزي فقط، لأنه شريك في كونتال بـ200 حصة، ليقول “كيف تنسب وقائع لموكلي دون أدلة، وعلى أي أساس توبع بتهمة تنظيم جمعية أشرار فقط، لأن والده الرئيس المدير العام لسوناطراك”؟ وتساءل المحامي “عندما نقرأ قرار غرفة الاتهام نعتقد أننا أمام عائلة مافياوية إيطالية”، وأضاف “منذ متى أصبحت العلاقات العائلية تمثل تنظيم جمعية أشرار”، ليقول “لو كان دخول بشير فوزي شريك في كونتال يعتبر جمعية أشرار، لماذا لم تتم محاسبة بقية الشركاء “ضرباني” و”أورابح”؟.
الأستاذ براهيمي: بشير فوزي ينتظر الإنصاف
ومن جهته الأستاذ براهيمي محمد الهادي طالب بالبراءة التامة لموكله بشير فوزي مثبتا بالأدلة القانونية عدم وجود دليل يدين موكله بتهمة استغلال النفوذ أو الرشوة أو حتى تبييض الأموال وتنظيم جمعية أشرار، وأكد في السياق بأن موكله صرح منذ بداية التحقيق أمام “الدياراس” وإلى غاية وصوله أمام محكمة الجنايات بتلقائية ولم يخف شيئا، وتساءل “هل مشاركة مزيان فوزي في شركة كونتال نتج عنها أي مزية” وأضاف “موكلي حصل على مبلغ 160 مليون سنتيم فقط نظير عمله في كونتال التي خرج منها بدون الحصول على الأرباح وبشهادة محافظ الحسابات ميرازي لطفي”. وأشار براهيمي الهادي إلى أن موكله بشير يعاني من مرض السكري وهو في السجن منذ سنوات حفظ فيها القرآن، ولم يتحصل على أي ممتلكات ولم يثبت امتلاكه لحسابات مالية ضخمة، ليخاطب ضمير محكمة الجنايات قائلا “الحكم سيصدر باسم الشعب الجزائري أليس هؤلاء من الشعب الجزائري؟ أو ليس موكلي بشير فوزي مواطنا جزائريا” وتابع مرافعته “مزيان بشير فوزي هو آخر شخص ممكن أن يحاسب على قضية الحال” وأضاف “سيدي القاضي موكلي بشير أمامكم لم يجد ما يقول، وسبقته دموعه قبل كلماته وهو بين أيديكم؟ ألا يستحق الإنصاف” مطالبا بالإجابة بلا على كل التهم المتابع بها موكله ورفع إجراءات الحجز عن العقارات والمنقولات الخاصة به.
الأستاذ علاق: لماذا لم تتكلم النيابة باسم الشعب في عقد توتال
رد المحامي كمال علاق في دفاعه عن الشركة الألمانية “فونكوارك بلاتيك” بقوة على مرافعات النائب العام والطرف المدني معتبرا ما حدث تجريحا ومسا بشرف الإطارات الذين أفنوا حياتهم في خدمة سوناطراك ليقول “ناس نصبت نفسها لتتكلم باسم الشعب” وأشار إلى أن الجزائر خسرت كثيرا بسبب عدم وجود حماية لمنشآت سوناطراك، وأضاف “لماذا لم تتكلم النيابة باسم الشعب لما توتال الفرنسية تمضي عقدا سريا مع الحكومة الجزائرية للتنقيب عن الغاز الصخري وتلوث أرضنا، ونأتي اليوم لنحمل إطاراتنا المسؤولية” وتابع “كيف للضبطية القضائية أن تقول بأن هناك 1843 عقد بالتراضي مشبوه ونجلب 3 عقود فقط”
وبخصوص التهم المتابعة بها شركة “كونتال فونكوارك” قال المحامي علاق بأنه لم يكن هناك طلب افتتاحي ضد الشركة الألمانية، وتساءل عن مدى قانونية المتابعة ضد “فونكوارك بلاتيك” لأن العقود التي كانت مع سوناطراك لم تبرم من قبلها ولا ختمها بل من قبل المجمع “كونتال فونكوارك” وأضاف مستغربا “كيف نقول مجمعا ميتا والعارفون بالقانون يعلمون أن المجمع أنشئ لآجل الصفقات” وأكد أن المجمع وفقا للقانون التجاري له أهلية معنوية ولا يمكن متابعته بسبب عقود المجمع مع سوناطراك.
واعتبر الأستاذ علاق بأن الشركة الألمانية توبعت بتهمة الزيادة في الأسعار من خلال إبرام صفقات مخالفة للتشريع والتي أكد أنها لم تبرم أي صفقة مع سوناطراك بل المجمع هو من قام بذلك، وأضاف “بيسات ومارتاكس أخذتا نفس العقود بالتراضي لماذا لم تحاسبا؟” ليصرح” هي شركات فرنسية تعمل بمباركة الحكومة الجزائرية وتنهب ثرواتنا لا تحاسب وتحاسب الشركة الألمانية والإيطالية؟”.
وقدم المحامي مقارنة بين أسعار الحصص الثلاثة، حيث حصلت الشركة الفرنسية “فيسات” على الحصة الأولى بمبلغ 6.4 مليار دينار، والثانية مجمع كونتال فونكوارك بقيمة 5.9 مليار دينار، والثالثة للفرنسية “مارتاك” بقيمة 4.1 مليار دينار، ليتساءل ” أين هي الزيادة في الأسعار” وذكر الأستاذ علاق بأنهم طلبوا من قاضي التحقيق إجراء خبرة لكنه رفض بحجة عدم وجود خبراء في الميدان، وأضاف “كيف نزج بالإطارات في السجن دون وجود خبرة” ليقدم المحامي خبرة تم إجراؤها عند مختص أكد أنه لا وجود للزيادة في الأسعار، ليضيف “كاميرات فونكوارك ترى لـ10 كم وكان بالإمكان أن تعلم الجيش في 13 دقيقة” مشيرا إلى أن الشركة الألمانية منحت سوناطراك تكنولوجيا واختراعا حصريا في مجال الكاميرات، كما أنها قامت بمشروع حماية لمفاعل نووي بالدول الاسكندينافية ، ليقول”هل هذه شركة صغيرة مثلما قال النائب العام؟”.
الأستاذ محمدي: فونكوارك قدمت أجود التقنيات لسوناطراك
لفت الأستاذ محمدي عمار انتباه هيئة محكمة الجنايات إلى أن شركة “فونكوارك بلاتيك” مختصة عالميا في نظام الحماية الالكترونية والمراقبة البصرية، مذكرا بأهمية المشاريع التي قامت بها بالنسبة لضمان الأمن للمنشآت البترولية، ليؤكد أن الشركة لم تبرم العقود مع سوناطراك مباشرة، مشيرا إلى اتصال مسير كونتال ألجيريا بالشركة طلبا للتكنولوجيا وبعد مفاوضات تم إنشاء مجمع جزائري ألماني “كونتال فونكوارك” لتقدم بذلك الشركة الألمانية أجود ما لديها من معدات واخترعت كاميرا خصيصا لمتطلبات سوناطراك.
الأستاذ بن تومي: الدعوى العمومية تقادمت في القضية
وبدوره الأستاذ بن تومي محمد في مرافعته لصالح ذات الشركة الألمانية المتابعة بتهمة الزيادة في الأسعار والرشوة ، قال بأن المتابعة الجزائية تقادمت بحكم القانون وهذا بعد مرور ثلاث سنوات على إبرام العقود لتقديم الشكوى، وأضاف بأن ” فونكوارك بلاتيك” لم يبلغ لها الاتهام منذ بداية التحقيق أمام الضبطية القضائية، ليؤكد بأن الشركة الألمانية دخلت في مجمع مع كونتال لتزويدها بالتكنولوجيا لمدة سنتين وتم تمديد مدته لـ72 شهر آخر، مطالبا بتبرئة الشركة الألمانية “فونكوارك “من تهمة الرشوة والزيادة في الأسعار المتابعة بها كشخص معنوي في قضية سوناطراك، مشيرا إلى أنه لا سبيل لمقارنة الأسعار مع باقي الشركات وقانون المنافسة يحمي “الشركة” ملفتا انتباه هيئة المحكمة إلى أنه لم يكن هناك تغيير في الأسعار منذ البداية، ليتساءل “ما هي الأدلة على زيادة الأسعار أو الرشوة” مضيفا “الاحتمالات غير مقبولة في الجزائي”، أما فيما تعلق بالرشوة قال بن تومي بأنها تخص الموظف العمومي، ليصرح “من هو الموظف في الشركة العمومية الذي منحته فونكوارك رشوة؟” لنجد في الملف – يقول – عقود استشارة تخص مغاوي الهاشمي وابنه اليزيد وآل اسماعيل تمت متابعة موكلتي بها على أساس رشوة.
وذكرَ القاضي رقاد في الأخير ممثلي الشركات الأجنبية، الايطالية، الألمانية، الجزائرية والمترجمين والمتهمين غير الموقوفين للحضور اليوم قبل دخول المحكمة الجنائية في المداولات القانونية إذا ما تم استكمال المرافعات نهائيا، وهذا لإدلائهم بآخر كلمة في القضية.