كيف أوجه ابني المراهق لأعمال الخير؟

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته لدي سؤالين بارك الله فيكم:

1- ابني عمره 17 عام ولديه موهبه عالية في الرسم، أود توجيه هذه الموهبة في أعمال الخير، لا تبخلوا علينا بنصائحكم وتوجيهاتكم.

أنا أعمل في المملكة العربية السعودية وأريد العمل في مكتب خدمات عامه بنظام النسبة والراتب، نصائحكم وتوجيهاتكم وهل من محاذير يمكن تجنبها؟

محي الدين

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الرد:

أخي الفاضل السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً ومرحباً بكم على صفحات فضفضة، والله نسأل أن ييسر لكم الخير، وأن يعينكم على تربية ابنك، وأن يجعله لك الذرية الصالحة التي تكون طريقكم إلى الجنة بإذن الله تعالى.

بداية سعدت كثيراً بتفكيركم في كيفية استثمار موهبة ابنك في كل ما هو نافع ومفيد، فوفقاً لأحدث الدراسات فقد تبيَّن أن نسبة المبدعين الموهوبين من الأطفال من سن الولادة إلى السنة الخامسة من أعمارهم نحو 90% ، وعندما يصل الأطفال إلى سن السابعة تنخفض نسبة المبدعين منهم إلى 10% ، وما إن يصلوا السنة الثامنة حتى تصير النسبة 2% فقط، وهذا يشير إلى دور أنظمةَ التعليم والأعرافَ الاجتماعيةَ في إجهاض المواهب وطمس معالمها، مع أنها كانت قادرةً على الحفاظ عليها، بل تطويرها وتنميتها، لذلك أخي فإن عليكم كأسره دور كبير في تنمية هذه الموهبة والتي تعطي لابنك عبرها ثقته بنفسه وشعوره بالتميز والتفوق.

فاكتشاف موهبة الابن شيء رائع ورعايتها ورعايته شيء أروع، خاصة وأن الموهوبين يحملون شخصية متميزة عن من هم حولهم، وبالتالي يحتاجون لمعاملة خاصة، فالابن المبدع يتميز بأنه يرى الأشياء العادية بصورة غير عادية حيث يفكر بطريقة مستقلة، فهو يعتمد على أفكاره الذاتية فقط خاصة غير العادي منها، فهو غير تقليدي وغير نمطي، لا يعتمد على أفكار الآخرين ليكون حكمه على الأمور التي تهمه، أحياناً قد يقف بعنف لكل معارض لمعتقداته، ويصمم على ما يقتنع به، كما إنه مثابر نشط ومُصِر، فعندما تتحرك عنده أي محفزات داخلية تتكون لديه قوة عقلية هائلة، فإذا كان يعمل في مشروع ما فإن عقله تعصف به أفكار عدة، ويتولد لديه تصميم وتشبث ومثابرة، يعمل لساعات فيما يشغل عقله، ويبتكر طرق لتعدي أي صعوبات، فهو يحقق ولعه فيما يحب، أي أنه عندما يقوم بعمل من اختياره الذاتي فيتولد بداخله توجيه داخلي وحلول لكل المشاكل، وهنا وجبت له رعاية متميزة خاصة في فترات الطفولة والمراهقة.

كذلك أخي عليك أن تنتبه إلى نقطة مهمة وهي أن بعض الموهوبون يختارون أحياناً مسارات من الدراسة أو أنواعا من المهن غير مألوفة لدى الأسرة أو تتعارض مع رغبات الآباء أو يشعرون بأنها لا تتناسب مع مكانتهم الاجتماعية، مما يدفع بالآباء إلى الوقوف في وجه أبنائهم ومنعهم من الالتحاق بذلك النوع من الدراسة أو المهنة، مما يؤدي بهؤلاء الموهوبين إلى التراجع والتقهقر ومن ثم قد يصابون بالإحباط والفشل، فابنك أخي الكريم قد يحب يوماً ما أن يكمل دراسته في مجال الرسم، فيجب أن تحدد من الآن مدى مناسبة هذا الأمر بالنسبة إليك وإلى والدته، وعليك أن تبحث قبل اتخاذ القرار في الكليات أو المعاهد المتخصصة في هذا المجال بحيث تتأكد من أنها لا تحوي أخلاق فاسدة، أو نمط دراسي يتنافى مع طبيعة مجتمعاتنا الإسلامية، ومن ثم تخذ قرارك.

وإن كان القرار منكم برفض استكمال تعليمة في هذا المجال، فلا مانع أن ينمي موهبة بشكل آخر ترفيهي بجانب دراسته الأصلية مع اقتناعه بذلك.

كذلك أخي من الممكن بجانب دراسته التي قد تختارها معه في أي مجال، أن يتم تأهيله علمياً في مجال الرسم، فلابد من دعم الموهبة بالمعرفة، وذلك بالاستفادة من أصحاب الخبرات والمهن، وبالمطالعة الجادة الواعية، والتحصيل العلمي المدرسي والجامعي، وعن طريق الدورات التخصصية، كذلك قد تساعد ابنك على أن يمتهن مهنة الرسم في فترات العطل والإجازات ، فإن ذلك أدعى للتفوق فيها والإبداع، مع صقل الموهبة والارتقاء بها من خلال الممارسة العملية، وذلك عبر المشاركة في المعارض المحلية والدولية، وعمل اللوحات المعبرة والتي لها سمت إسلامي جميل والمشاركة بها في المسابقات المختلفة، عرض ما يرسمه في مكانٍ واضحٍ أو بتخصيص مكتبة خاصة لأعماله وإنتاجه ، وقد تبدأ بإقامة معرض لإبداعاته يُدعى إليه الأقرباء والأصدقاء في منزل الطفل، أو في منزل الأسرة الكبيرة، أو في قاعة في أي مكان عام.

كما قد تحدد معه نوعية المعرض الذي سيقوم به، كأن تتفق مع إحدى الجمعيات الخيرية أن يقوم ابنك ومعه بعض أصدقاءه ممن لهم نفس الموهبة بمعرض خيري لصور تعبر عن احتياجات الأيتام، أو الأطفال المرضى، وغير ذلك، أو تنتهز مناسبة كيوم القدس، أو ذكرى استشهاد أحد قادة الجهاد في فلسطين أو العراق، ويقوم بعمل معرض يوضح حجم معاناة المسلمين هناك.

وحاول أخي بصفة دائمة أن تربط بين رسوماته والناحية الدينية، عن طريق تشجيعه رسم المناظر الطبيعية التي تبعث على الهدوء، ومن الممكن أن تخرج معه في نزهة إلى أحد الأماكن ذات المناظر الخلابة، وعندها اطلب منه أن يرسم المنظر الذي يعجبك، وبين له أنك مشتاق لرؤية رسمه لهذا المنظر البديع، وحاول أن تشاركه الاهتمام فيما تحبه.

كذلك قد يبدأ ابنك في تعلم وضح رسوماته عبر برامج الرسم على الكمبيوتر والبدء في تصميم أغلفه الكتب الإسلامية، أو الملصقات أو غيرها.. والله أسأل أخي الكريم أن يعينك على تربية ابنك وأن يجعله قرة عين لك.

أما بشأن عملكم أخي الكريم فابذل كل جهدك لإنجازه على أكمل وجه، وكما فهمت من سؤالكم أن طبيعة العمل بأن يكون لك نسبة من بعض الأرباح الخاصة للمكتب، إلى جانب الراتب الثابت المحدد لكم، وهذا بحد ذاته أسلوب رائع للتعامل مع الموظفين، حيث أن تخصيص نسبة من الأرباح لكل موظف تشجعه على التفاني في العمل، ويشعر الموظف بأن هذا العمل خاص به، وليس بأنه مجرد موظف يحصل على راتب محدد سواء حصلت الشركة على أرباح كثيرة او لا، كما أن هذا النظام يشجع الموظف على الإبداع في العمل، والاجتهاد للرقي به في مختلف المجالات، كما قد يؤهل الموظف للظهور بأنسب شكل ليكون نافذة للشركة أو المكتب الذي يعمل به.

لذلك أخي الكريم استعن بالله وتوكل على الله للتقديم في هذا العمل عساه يكون فاتحة خير لك ولأسرتك.

لمراسلتنا بالاستشارات:

fadhfadhajawahir@gmail.com