عملاق من خزف!
مع نهاية العام الميلادي وبعيدا عن النقاش السّطحي حول الاحتفالات المزمع تنظيمها من بعض الجزائريين، والذي أخذ في كثير من الأحيان بعدا فقهيا، فإنّ التساؤلات الكبيرة التي ينبغي أن تطرح في هذا الوقت هي ما هي الإنجازات التي حققناها وما هي الإخفاقات في هذا البلد الذي يوصف بالعملاق بالنظر إلى شساعته والثروات التي يملكها والتي حُرمت منها أغلب دول العالم.
بلد عملاق يكاد يتهاوى بسبب تراجع أسعار البترول، وهو الذي ينام على احتياطي نقدي لو كان متوفرا لغيرنا لحققوا به نهضة اقتصادية وقفزوا به إلى مصاف الدول المتقدمة… بلد عملاق لا يعرف القائمون عليه كيف يتصرفون في ملايير الدولارات فيبعثرونها في مشاريع فاشلة تظهر عيوبها قبل انتهاء الأشغال بها… بلد عملاق يواجه الهزّات الاجتماعية من إضرابات واحتجاجات بسياسة لا توجد إلا في الجزائر اسمها “سياسة شراء الاستقرار والسلم الاجتماعي“!!
كم من إضراب في قطاع من القطاعات الحيوية انتهى بقرار بالزيادة في الأجور؟ وكم من احتجاج بقطع الطريق انتهى بالترحيل إلى سكنات جديدة؟ وكم من نقابي كان يقود المظاهرات والاحتجاجات انتهى به المطاف مسؤولا في منصب رسمي، لا لأنه سيقدم حلولا للمعضلات في قطاعه، بل لتحييده وإنهاء المتاعب الذي كان يثيرها، وكم من مشروع فاشل اعتمد في إطار تشغيل الشباب، لا للقضاء على البطالة ولكن لإلهاء الشباب بمبالغ وشركات تعطى لهم دون أن يكونوا أهلا لتسييرها؟
هي إخفاقات تعقبها إخفاقات، ومن الغريب أن تجد من يتشدق بالإنجازات وإذا سألته ماهي؟ يذكر الطّريق السّيار دون أن يذكر العيوب الذي ظهرت فيه والتي تطلبت إعادة ترميم أجزاء كبيرة منه، كما لا يذكر الجزء الهام الذي لم يكتمل في شرق البلاد ولا فضائح الفساد التي جعلته أكبر مشروع من حيث الكلفة المالية في العالم كله وفي التاريخ!
لقد تصّرفنا في أموال البترول تصرّف السّفيه في الأموال التي يجود بها غيره عليه، وعوض أن نؤسّس بها اقتصادا منتجا ونحاول توظيفها لإيجاد بدائل أخرى كالفلاحة والصناعة والخدمات، عوض ذلك اخترنا تحقيق الرّفاه الاجتماعي من خلال الإنفاق العمومي وتضخيم الأجور فتضخّمت معه ميزانية التسيير، وبانهيار أسعار البترول وقعت الكارثة وبات التقشف اضطرارا لا اختيارا.
وبعد كل هذا هل يحق لنا أن نحتفل؟ وهل يوجد شعب في العالم يحتفل بإخفاقه وانتكاسه وتخلفه!؟