-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
المترشحون للانتخاب الرئاسيّة في تونس:

الراقص والطبّال…

الشروق أونلاين
  • 2960
  • 5
الراقص والطبّال…
ح.م

لم يتساءل التونسيون فعلا عمّن ترشّح للانتخابات الرئاسيّة، بل السؤال حقّا كان ولا يزال عمّن لم يراوده حلم قصر قرطاج، والارتقاء إلى منصب أوّل رئيس تونسي منتخب حقا من الشعب مباشرة. هذا الحلم أغرى فعلاً لفيفًا من التونسيين والتونسيات الذي قصدوا مكتب الضبط لتقديم ترشحاتهم، أسماء تراوحت بين من يملك ماض سياسي معتبر ووزن معترف به في الساحة السياسيّة، وأخرى استغلت ولا تزال فضول الإعلام وبحثه عن حالات “شاذّة” تصنع “الفرجة”، وتراوح بالتونسي وغيره من المتلقين بين جدّ السياسة وهزل جاءت به الانتخابات.

اللوم قائم ولا يزال على “المجلّة الانتخابيّة” التي جعلت “مكتب الضبط” يتكفّل باستقبال الترشحات، ممّا جعل من الموظف المكلّف مجرّد “وسيط” لا قدرة له (وفق المجلّة) على الرفض، في حين رأى مراقبون بوجوب أن يتقدمّ المترشح إلى “لجنة فرز” مباشرة، يكون من حقّها ـ أو هو واجبها ـ فرز الطلبات والبتّ في الجديّة ـ على المستوى الإجرائي ـ حين وجب التذكير أنّ أحد المترشحين تسلّح بطبل وعلم البلاد فقط وحصرًا. 

من بين 70 اسمًا تقدّم بطلب الترشّح، تراجع اثنان، واحتفظت لجنة الفرز بسبعة وعشرين، في حين اكتفى البقيّة بدور المشاركة في “لعبة فرجويّة” أو هي “مؤامرة” كما قال بعضهم. 

حين النظر إلى من احتفظت اللجنة بأسمائهم يمكن ـ من النظرة الأولى ـ التمييز بينها على 3 مستويات: 

أوّلا: من كانوا إلى حين تقديم الترشح نكرة لا علم للعمق الشعبي بهم ودون أدنى وجود على الساحتين الإعلامية والسياسيّة، وبالتالي لا همّ لهم، سوى إثبات صورة” ضمن هذا “المحفل” الانتخابي، وتسجيل اسم، سيذكره التاريخ فعلا.

ثانيا: الأسماء السياسيّة من العيار المتوسط، التي وإن كانت لأصحابها مساهمات سياسيّة ضمن المسار العام للبلاد، إلاّ أنّها أقلّ قدرة وأدنى مكانة من المنافسة على الدور الأوّل أو اللعب مباشرة من أجل الوصول إلى قصر قرطاج.

ثالثا: الأسماء “الكبرى” ذات الوزن السياسي الفاعل والقادرة دون غيرها على الفوز بقصب السباق.

يمكن الجزم بأنّ بين الفئة الأولى عددا من أصحاب المال الذين اعتبروا المسألة مجرّد فرصة لتبييض ماض “مريب” وصناعة مستقبل “زاهر” ومن ثمّة تأتي العمليّة “مجزية” على المستوى المالي، حين سينسى “التاريخ” (ربّما) الماضي أو ربّما يجبّه، لتمثّل هذه الانتخابات “مولدًا” جديدًا… علمًا وأنّ المجلّة الانتخابية لم تحدّد شرطا “مجحفًا” يمنع من الترشح، كمثل خلوّ ماضي المترشح من أيّ أحكام جنائيّة ولم تشترط أي شهادة تثبت ـ في الحدّ الأدنى ـ خلاص الضرائب مثلا. كذلك يمكن الجزم أنّ الانتخابات التشريعية، أعادت الفرز بين هذه الفئات الثلاث، حين أسقطت من فشلت أحزابهم من الصنف الثالث إلى الصنف الثاني، وارتقت برجل الأعمال سليم الرياحي من الصنف الأوّل إلى التراوح بين الثاني والثالث، حين تمكّن حزبه من انتزاع 16 مقعدًا، وبالتالي التحوّل إلى رقم صعب ضمن معادلة الانتخابات الرئاسيّة، خصوصا وأنّ خصومة الرجل مع الباجي قائد السبسي أصبحت تمثل أحد أوجه المعركة الانتخابيّة في تونس.

هي معركة سياسيّة ضمن المعنى المباشر للكلمة، بما تحمل من أبعاد إستراتجيّة سواء على المستويات الداخليّة والإقليميّة والدوليّة، لكنّها معركة “صورة” بالأساس، و”صور” تراوح أو هي تتراوح بين السخرية السوداء والهزل دون حدود.

بين الباجي قائد السبسي الذي تساءل على منبر اجتماع انتخابي إن كان يلزم أن ينزع ثيابه ليثبت أنّه فعلا “في صحّة جيّدة”، حين شكّك خصومه في حالته الصحيّة، بل طعنوا في مداركه العقليّة، وبين الهاشمي الحامدي العائد على عجل من لندن ليمارس دور “الفنّان” ويشنّف أسماع المتفرجين على التلفزيون بصوته ويحاول من خلال “الطرب” أن يدخل القلوب ويجني الأصوات، علمًا أنّ الباجي قائد السبسي، كان ولا يزال في جميع تدخلاته الإعلامية، يبحث عن تزويج المزحة بالموعظة، في حين اعتمد الهاشمي الحامدي على مدى سنوات وعلى شاشة قناة يملكها ويديرها من لندن، الغناء ـ بجميع صروفه ـ أسلوبًا للترويج وطريقة للوصول إلى قلوب المتلقين.

إن كان من ميزة ستحفظها الذاكرة التونسيّة وستعمل عليها الأبحاث التاريخيّة، فستكون حتما ما ذهب إليه المترشحون جميعًا من “مبالغة” حين أصرّ جميعهم وأكّدوا في إصرار شديد على “يقينهم من الفوز” بل ذهب الأمر بالمترشح علي الشورابي، الذي كان إلى حدود تقديم الطلب مجرّد “نكرة” السواد الأعظم، حدّ التأكيد بأنّه سيواجه الباجي قائد السبسي في الدور الثاني.

سواء جاءت الانتخابات فرصة لمن يحملون عقدا تجاه السياسة للتفريج عنها، أو مثلت آلة غسيل لماض تراوح بين فساد ثابت، بل مفضوح، وعمالة موصوفة لنظام بن علي، أو هي “فرجة” للترفيه عن التونسيين ونزع ما ركب البلاد من غمّ، فالجزم قائم أنّ تونس دخلت منطقا قطع مع الماضي، بل أغلق الباب دونه، حين صار من “هبّ ودبّ” يملك حقّ التباري من أجل كرسي قرطاج. قد تكون الديمقراطيّة” في نسختها التونسيّة، لكنّها ديمقراطيّة ملغومة، جعلت المال يسبق العقل دربا لقرطاج، و”الفرجة” ترتقي فوق الرصانة، فيصلا لفرز من سيفوز بأعلى مسؤولية ضمن الجهاز التنفيذي في تونس.

بقيت الإشارة إلى أنّ القضاء التونسي “متعهد” (وفق الهيئة العليا المستقلة للانتخابات) بملف “التزكيات” التي شابتها شكوك ترقى إلى رتبة اليقين لدى البعض بلجوء بعض المترشحين إلى التزوير، ليكون السؤال: هل يمكن أن نتخيّل مزوّر على كرسي الرئاسة في تونس، وأي موقف للقضاء، علمًا ـ وهنا السؤال ـ يعطي الدستور التونسي “حصانة” لهذا الرئيس أثناء ممارسة مهامه.. ربّما يكون المرور من قصر قرطاج إلى قصر العدالة، ومن ثمّة إلى السجن.. إنّها الديمقراطية في نسختها التونسيّة: قانون لا يمنع الفرجة…

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
5
  • إسماعيل الجزائري

    أتمنى من كل قلبي نجاح التجربة التونسية الرائعة و الرائدة، حتى نشم هواءً نقيا و نتنفس الصعداء مع رياح البحري التي تهب علينا من الجهة الشرقية.

  • بوقطاية

    وشددت القوى القومية على أنه ”بقدر حماس المرزوقي في لفتنة الداخلية، لم يتردد في تشجيع الفتنة في مصر واصطف وراء الإخوان”.

    وتابعت بأنه رغم أن الشعب العربي في مصر قال كلمته في مرسي، إلا أن المرزوقي بقي وفيا له ويدافع عنه، ولأجل مشروع الإخوان وتّر العلاقة مع مصر، ولم ينسق مع الجزائر في التصدي للإرهاب، لأنه ربيب السياسة الصهيونية في المنطقة، يضيف البيان.

  • بوقطاية

    واعتبرت تلك القوى في بيان لها، أن المنصف المرزوقي يمثل أسوأ خيار على الإطلاق من بين كل المترشحين، لأنه يمثل أداة إخوانية وأداة بيد الغرب لخدمة مصالحهم، بدليل توجهاته الداعمة للإرهاب وللعدوان الصهيو- أمريكي على الأمة العربية منذ العدوان على العراق، وتصريحاته المستفزِة والمعادية لمصر، وتصرفاته التي تهدد الأمن الجزائري، كاحتضانه للقاء في تونس جمع الصهيوني برنارد ليفي وناشطين جزائريين وإخوان ليبيا.

  • بوقطاية

    قالت إنه يمثل خطرا بالغا على أمن تونس والوطن العربي

    أحزاب تونسية: المرزوقي نظّم لقاء بين ليفي ومعارضين جزائريين في تونس
    قالت قوى قومية تونسية إن ”منصف المرزوقي يمثل خطرا بالغا على أمن تونس وعلى أمن الوطن العربي برمته، بعد أن تحول إلى أداة إخوانية لخدمة أجندات أجنبية، لذا فقد بات لزاما علينا كقوى قومية التصدي له وتنبيه الشعب التونسي من خطورته”.

  • Tounsi fierde l'etre

    الشعب الذي حرر نفسه من الدكتاتورية لن ينتخب و لن ينصب في قصر قرطاج الا من يمتلك وطنية وشجاعة وصدق البطل الخالد حنبعل .