-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

ابن باديس يقرأ وصاياه

صالح عوض
  • 2156
  • 0
ابن باديس يقرأ وصاياه

صانع نهضة الجزائر المعاصرة وملقي سر الحياة المعجزة في ربوعها ينبغي استجماع القوة الروحية وقدرة التركيز العالية للاستماع إليه كلما احتدم تلاطم الموج وكاد المقود يفلت من يد الربان وينسحب الرشد والصبر من ناصية الركاب..

في مثل هذه الساعات تشرق صورته من بين الحجب مجللا بالبهاء والنبل بنظرات ثاقبة وجبين لا يقبل سجودا لغير الله.. يجيب بملء اليقين والعزم نيابة عن كل جزائري وجزائرية: “أعيش للجزائر والإسلام”.. أجل. إذ ما قيمة الحياة إن لم ترتفع همة الإنسان وتسمو روحه وتنهض عزيمته فيخوض الحروب غير هياب من أجل أهله ووطنه وكرامة أهله ووطنه بعد أن يكون قد أخذ للحياة سلاحها..

أي حدث مهما كبر شأنه فإنه منقضٍ وتبقى القيم والعبر.. وستفنى الأجيال مسلمة الراية لأجيال أخرى وستنقضي إمبراطوريات لتولد ممالك أخرى وتظل الرسالات والمعاني الجليلة لا تتبدل والسنن الماضية لا تتحول.. أهم ثوابت أمة من الأمم هي أشخاصها وتركيبها النفسي الاجتماعي ورسالتها المتجددة مع تغير الحوادث والعاديات.. وأخطر ما يهدد أمة من الأمم أن ينسلخ قادتها وبنوها عن خصائصهم المميزة وينخرطوا في السير وراء أمة أخرى فيحاكونها في مزاجها وثقافتها ويتماهون أو ينهارون وينبهرون بما لديها من خصائص..

ابن باديس في هذا المشهد يلقي وصاياه وهو الذي كان الجزائر بروحها وجديتها وإدراكها لدورها وأنفتها وفهمها لما هو مططلوب منها نحو نفسها ونحو أمتها العربية والإسلامية والإنسانية جمعاء كما حاول أن يصفه الشيخ العربي التبسي.. هنا يلقي ابن باديس وصاياه : إن الأوطان تسري في عروق أبنائها فهي تسكنهم وهم يسكنونها.. وإن الدفاع عن كرامة الأوطان من أعلى الواجبات الملقاة على أبنائها.. وهذا يقتضي وحدة صفوف بنيها حول غاية مقدسة وأهداف نبيلة.. ويقتضي النهوض دوما لتأدية الواجب الذي يحفظ علو شأن الأمة ويحمي حياضها.

في يوم العلم أو في ذكرى وفاته تتجمع كل المعاني التي أودعها صدور أبناء الأمة فصارت مرجع تفكيرهم المبدع والجامع للعناصر الإيجابية في شخصية الشعب والضامنة لوحدة مسيره ومقصده فأسقط من أيدي الأعداء المتربصين أسلحتهم الفتاكة وأبطل مفعول سمومهم القاتلة.. وفي هذه الذكرى تبرز من جديد أهمية إحياء ذكرى العلماء والقادة الأفذاذ لتجلو ما ران على قلوب البعض من سخائم الدنيا الهابطة أو ما سماه الرسول- صلى الله عليه وآله وسلم: الوهن.

إنه يوم من أيام الجزائر الخالدات.. إنه صبح لا يشبه سواه عندما تطلع شمس يوم يذكرنا بابن باديس ووصاياه السائرة مع الحياة في صيرورتها الأبدية.. إنها سبل النجاة للسفينة في خضم تلاطم أمواج البحر المحيط.. وستستمر السفينة في مسيرتها بهدي الأرواح المباركة والعزائم الحقيقية والمقاصد النبيلة.. تولانا الله برحمته.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!