-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
"الشروق أون لاين" يستعرض ذاكرة الركح الوطني

المسرح الجزائري: أنوار 170 شمعة

الشروق أونلاين
  • 7680
  • 0
المسرح الجزائري: أنوار 170 شمعة
ح.م
طاقم مسرحية شمس النهار

تختزن مسارات المسرح الجزائري عراقة وزخما وأعلاما منذ انتشاء القدماء بـ “العين السوداء” زمن العثمانيين، وشهدت الجزائر على مدار العقود المنقضية، فترة مسرحية مثمرة استفادت من تجارب الأمم الأخرى من أجل شق الطريق، ومعها أصبح المسرح الجزائري ظاهرة اجتماعية وثقافية منذ منتصف عشرينات القرن الماضي.

في محصلة بحث تاريخي أنجزه مندوب “الشروق أون لاين” واستغرق فترة معتبرة، تبيّن أنّ الجزائريين عرفوا المسرح قبل قرون عبر توليفة “القراقوز” المعروفة بمسمى “العين السوداء”، ومارس الجزائريون العديد من الأشكال التقليدية قبل أن يعرفوا المسرح بالمفهوم الحديث، بينما اعتكف رواد المسرح العربي في كل من مصر وسوريا في بداية الأمر على ترجمة واقتباس الروائع الأجنبية، وبعد تمكنهم من ذلك تدرجوا في البحث في تراثهم عن الموضوعات الأصلية وترجمتها.

ومن الأشكال التعبيرية الشعبية القريبة من المسرح، لعبة “القراقوز” أو ما اشتهر بــ “العين السوداء” التي مارسها جزائريو الزمن الأول أثناء الحكم العثماني للجزائر، ويذكر المؤرخون أنّ هذه اللعبة انتقلت من تركيا إلى الشام ومصر ووصلت إلى شمال إفريقيا، وعرفت تغيرا كبيرا، وكان الناس يُقبلون على مشاهدة هذه اللعبة التي تدور حول مغامرات متنوعة.

 

ريادة 

أكّد د/مخلوف بوكروح حقيقة وجود المسرح الجزائري قبل 170 عاما، عبر نص “انزاهة المشتاق وغصة العشاق في مدينة طرياق في العراق” لـ “أبراهام دانينوس” (1847)، ويبرز “بوكروح” أنّ النص المذكور انطوى على جماليات اللغة الشعبية المحلية.

وأحال “بوكروح” على تميّز نص دانينوس (1798 – 1872)، فمسرحيته مرشوشة بنكهات شعرية فصيحة ممزوج بعطر زجلي من التراث الجزائري، بالإضافة إلى النص القرآني واقتباسه مقاطع من موروث ألف ليلة وليلة، كما حمل النص لغة متوسطية لجزائر القرن الثامن عشر بأجوائها المتنوعة وحركتها اليومية.

 

“قرداحي” ووثبة “الأمير خالد” 

في ربيع العام 1907، زار جوق الممثل والمخرج السوري “سليمان قرداحي” الجزائر رفقة “عبد القادر المصري” ضمن جولة الكوميديا المصرية، وعرض مسرحيتي “صلاح الدين” و”عنترة”، اللتين حققتا نجاحا باهرا واستطاعتا استقطاب جمهور لا بأس به تابع العروض باهتمام بالغ، وبُعيد ثلاث سنوات، حضر الأمير “خالد” أواخر ماي 2010 في فرنسا مأدبة أقامها الممثل المسرحي المصري “جورج أبيض” في باريس بمناسبة حصوله على دبلوم (الكونسرفاتوار)، ووقتها طلب الأمير من “أبيض” تزويده ببعض النصوص المسرحية إثر عودته إلى وطنه.

عاما من بعد، بعث “جورج أبيض” للأمير “خالد” بثلاث مسرحيات هي: “ماكبث” لوليام شكسبير، “المروءة والوفاء” للكاتب “خليل اليازجي” و”شهيد بيروت” لحافظ إبراهيم، وشجّع ذلك الأمير “خالد” على تأسيس فرق مسرحية في سنة 1911، حيث شكّل الجمعية المسرحية بالمدية برئاسة “إسكندراني محمد بن القاضي عبد المؤمن”، فرقة مسرح العاصمة برئاسة “قدور بن محي الدين الحلوي”، وفرقة مسرح البليدة برئاسة “القاضي محي الدين بن خده”، وتزامن ذلك مع تأسيس جمعية المطربية للموسيقى وعرض سلسلة تمثيليات قصيرة في شهر رمضان، فضلا عن سلسلة اسكاتشات لـ “علي سلالي” المعروف بـ “علالو”.

سنة 1912، بدأ التمثيل المسرحي ينتشر في الجزائر، إذ مثلت فرقة المدية مسرحية المروءة والوفاء للكاتب خليل اليازجي، وفرقة العاصمة مثلت مسرحية ماكبث، وهذه المسرحية قدمتها أيضا فرقة البليدة، قبل أن تعرض فرقة المدية في العام الموالي مسرحية “مقتل الحسين” التي حضرها العلاّمة “محمد بن شنب”، المفتي “حميد فخار”، والأمير “خالد”، كما قدّمت فرقة الآداب ثلاثة عروض: “صلاح الدين الأيوبي”، “القائد المغربي”، و”الطبيب المغصوب”.

في هذه الفترة، بدأت تظهر بوادر حركة مسرحية في النوادي تمثلت في إعداد عروض مسرحية هزلية ممزوجة بالموسيقى والغناء، تلا ذلك قيام طلبة المدارس الإسلامية بعرض تمثيليات باللغة العربية الفصحى، فقدمت جمعية المهذبة برئاسة علي الطاهر الشريف ثلاث مسرحيات: “الشفاء بعد المنع”، “خديعة الغرام”، و”بديع”، وقدمت فرقة أخرى أسّسها “محمد راض مُنصالي” (1889 – 1943)، تمثيليتي “في سبيل الوطن و”فتح الأندلس” علما أنّ الفرقة اصطدمت مع السلطات الفرنسية بسبب الطابع الوطني الذي حملته المسرحيتان.

وتوسعت حركة التمثيل المسرحي لتشمل مدينة تلمسان، حيث قدمت جمعية البركانية مسرحية “برّاد السم”، لتعود فرقة المدية في شتاء العام 1914 لتقديم مسرحية “يعقوب اليهودي” وتمتد بعد ذلك إلى مدن أخرى من الجزائر.

وبحكم نشوب الحرب العالمية الأولى، توقف المسرح في الجزائر لنحو أربع سنوات. 

 

ودادية إفريقيا وإطلالة الشريف 

شهدت سنة 1918، تأسيس “ودادية التلاميذ المسلمين في إفريقيا الشمالية”، فضلا عن ميلاد نادي السعادة” بتلمسان، وجمعية “إخوان الأدب” في وهران، وتقديم مسرحية “فتح الأندلس” لـ “محمد سعيد الزاهري”.

وفي عام 1921، بادرت مجموعة من المثقفين والطلبة الجزائريين بتأسيس “جمعية الآداب والتمثيل العربي” وترأسها الطاهر علي شريف في الخامس أفريل 1921، وقدّمت مسرحية “الشفاء بعد العناء” للطاهر علي الشريف في السابع جوان من العام ذاته.

وباركت جريدة الفاروق لـ “عمر بن قدور” آنذاك ما اعتبرته “الميلاد الحقيقي” للحركة المسرحية الجزائرية، واعتبرت الحدث بداية فاعلة في حياة الجزائر الثقافية والتحسيسية، باعتبار أنّ جلّ المسرحيات التي مثّلت على خشبة المسرح أخذت من التاريخ الإسلامي والأدب العربي والعالمي مثل عرض “صلاح الدين”، وأشار “بن قدور” إلى ذلك بقوله: “مثّلت مسرحية صلاح الدين فأحسن جوق الآداب تمثيلها وأثّرت في نفوس الحاضرين تأثيرا حسنا وكان (التياترو) مملوءً بهم”.   

من جانبها، قدّمت الجمعية الثقافية لمدينة قسنطينة “عشاق المسرح” مسرحية “المروءة والوفاء” للكاتب “خليل اليازجي”، والتي سبق لفرقة المدية عرضها، كما اشتغلت فرقة العاصمة على مسرحية “ماكبث”، وهذه المسرحية قدمتها أيضا فرقة البليدة بعد أشهر.

ووسط هذا الحراك، شهدت الجزائر قدوم فرقة التمثيل المصري لـ “جورج أبيض”، وإقامتها عدة عروض بقاعة المسرح الجديد في الجزائر العاصمة (بابا عزون)، وحملت المسرحيات مسميات: “ثارات العرب”، و”صلاح الدين الأيوبي” لـ “نجيب حداد”، و”مجنون ليلى”، وامتد نشاط الفرقة ليشمل تلمسان وقسنطينة، حيث قدم فيها عروضا مماثلة.

وأسهم الأمير خالد في الحملة الإشهارية لفائدة العروض المسرحية الخاصة

بفرقة جورج أبيض، حيث تكفل ببيع وتوزيع التذاكر على الطلبة والمثقفين

والتجار، وتمكّن من جلب 1048 متفرجا، مستغلا مكانته في المجتمع وتقدير الناس لشخصه ولعائلة جده الأمير عبد القادر، وعلّق “بشتارزي” في مذكراته: “إني متأكد من هذا الرقم، لأنني كنت مع الأمير وهو يعرض التذاكر على التجار من الميزابيين في باب القصبة”.

وذكر “بشتارزي” أنّ الهوة العميقة التي كانت قائمة بين الجزائريين والفرنسيين جعلت الجزائريين لا يشاركون في العروض التي كان يقدمها الفرنسيون في وقت مبكر، ما ساهم في تأخر ظهور الحركة المسرحية الجزائرية.

نواد وصحف كتبت فصلا مشرقا 

كتبت النوادي والصحف الجزائرية في عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي فصلا مشرقا في احتضانها للحركة المسرحية الوليدة، واتكأت النوادي على إعداد عروض مسرحية هزلية ممزوجة بالموسيقى والغناء، تلا ذلك قيام طلبة المدارس الإسلامية بعرض تمثيليات باللغة العربية الفصحى.

سنة 1922، زارت فرقة “عز الدين “المصرية للجزائر، أين قدّمت بعض العروض مصحوبة بمجموعة من الأغاني والمواويل الشرقية، ولاقت هذه الزيارة نجاحا كبيرا، حيث أقبل الجزائريون على متابعة عروضها لإعجابهم بأغاني” سلامة حجازي”.

في غضون ذلك، أسّس “محمد رضا منصالي” جمعية التمثيل العربي، وعرض مسرحية “في سبيل الوطن” مساء 22 ديسمبر 1922 في قاعة “كورسال” بمشاركة الممثلين: “إبراهيم دحمون”، “محي الدين بشتارزي”، “عزيز لكحل” و”علال العرفاوي”.

ومع مطلع سنة 1923، عرضت جمعية الآداب والتمثيل مسرحية “خديعة الغرام”، بالتزامن مع “فتح الأندلس” لجمعية التمثيل العربي، وهو عمل اقتبسه “منصالي” عن رواية لـ “جورجي زيدان”، وقدّمها بالبليدة، ولعب فيها “منصالي” دور “طارق بن زياد”، وجعلت الباحث “علاوة بوجادي” يعتبر “منصالي المؤسس الحقيقي للمسرح كفعل ثقافي وفني منظم”.

واعتُبرت “فتح الأندلس” أول عرض مسرحي بالمفهوم الأوربي، حيث مثّلت المجموعة نصا دراميا جسده ممثلون بحضور أكثر من ثلاثمائة متفرج، تلاها عرض مسرحية “بديع” لجمعية الآداب والتمثيل سنة 1924، قبل أن يعرف عام 1925، انطلاقة مرحلة المسرح الشعبي أو العامي، الذي ذهب أعلامه إلى البحث في مضامين حديثة، حيث تميز بالنظرة الشاملة.

 

انطلاقة “علالو”

عام 1926، أعطى “علي سلالي” المعروف بـ (علالو) إشارة انطلاق المسرح الجزائري الشعبي؛ بتقديمه مسرحية (جحا) المقتبسة عن حكايات ألف ليلة وليلة باللغة العامية والتي اجتذبت جمهورا غفيرا في قاعة جمعية المسرح الجديد بالجزائر العاصمة مساء 12 أفريل 1926، عبر ملهاة من ثلاثة فصول اقتربت من مسرحيتي: “مريض الوهم” و”الطبيب رغم أنفه” لموليير.

وحققت مسرحية جحا نجاحا كبيرا، وإقبالا واسعا من قبل الجمهور على مشاهدتها، بحيث استقطبت في عرضها الأول 1200 متفرجا، هذا الإقبال على مشاهدتها جعل المنظمين يبرمجون ثلاث عروض جديدة لها خلال شهر ماي من السنة نفسها.

إنّ النجاح الذي حققته هذه المسرحية، جعل كثيرا من الباحثين والدارسين للشأن المسرحي في الجزائر، يعتبرونها البداية الحقيقية للمسرح الجزائري، لكونها مسرحية جحا حررت مجال الإبداع المسرحي، الذي أصبح يتسم باستمرارية الإنتاج.

وقالت الباحثة الفرنسية “أرليت روت” بهذا الصدد: “لقد كانت جحا إبداعا اتسم بالتجديد على ثلاث مستويات، ذلك من حيث النمط ومن حيث المواضيع ثم من حيث اللغة المستعملة، فإذا كانت المسرحيات الأولى باللغة العربية الفصحى قد دافعت عن أطروحات اجتماعية وعالجت مواضيع نبيلة كالوطنية، فإنّ مسرحية جحا كانت مسرحية مضحكة باللغة العامية”.

وقدّم علالو مسرحية “زواج بوعقلين” في 26 أكتوبر 1926، وشهد العرض انطلاقة المسار الفني لرشيد قسنطيني (اسمه الحقيقي رشيد بلخضر).

 

بهجة “قسنطيني” وثلاثينية الذاكرة

سنة 1927، أنشأ “علالو” رفقة “جلول باش جراح” فرقة “الزاهية”، وقدّما مسرحية “العهد الوفي”، بمشاركة كل من محي الدين بشتارزي، ورشيد قسنطيني، وسعد الله إبراهيم المعروف بـ (دحمون)، وترك لنا “علالو” ثماني مسرحيات، ففضلا عن “جحا”، قدّم “عنتر الحشايشي”، “الصياد والعفريت” وغيرهما، ليتم تقديم مسرحية “زواج بوبرمة” لرشيد قسنطيني في 22 مارس 1928، ثمّ “تونس والجزائر”، و”بابا قدور الطمّاع” لـ “رشيد قسنطيني” بحر سنة 1929.

في 1930، كان الموعد مع تقديم مسرحية “لونجة الأندلسية” التي تم عرضها في دار الأوبرا بالجزائر العاصمة بتاريخ 28 فيفري 1930 عن نص لـ “رشيد قسنطيني” باللغة العامية، استوحى أحداثها من التراث المشترك الذي احتفظت به الذاكرة الجماعية للشعب الجزائري، إذ أنه عمد فيها إلى” خلق شخصيات خيالية محضة وصوّر لوحة لغرناطة لا تتطابق إلاّ مع الذكريات التي احتفظ بها التراث الشعبي في بعض الحكايات، مع تقديم سلسلة (اسكاتشات) بغرض جمع التبرعات للتكفل بالدفاع عن السجناء السياسيين والوطنيين الذين كانوا يتعرضون للاعتقال والقمع. 

وجرى عرض مسرحية “عنتر الحشايشي” لـ “علالو” في 26 فيفري 1931، و”حلاق غرناطة” خلال العام ذاته في مرحلة اتسمت بطغيان المواضيع الاجتماعية (الطلاق، الزواج، التقاليد). 

في 1932، زارت فرقة “فاطمة رشدي” الجزائر، وقدّمت ثلاث مسرحيات، اثنتان لأحمد شوقي وهما: “مصرع كليوباترة”، و”مجنون ليلى”، إضافة إلى مسرحية “العبّاسة أخت الرشيد”.

وكان لهذه الزيارة تأثير كبير على مسار تطور المسرح الجزائري، حيث استفاد الفنانون الجزائريون من تجربة فاطمة رشدي التي لاقت فرقتها ترحابا واحتفاء كبيرا من قبل الجمهور الجزائري، وتم تكريمها في نادي الترقي بالجزائر العاصمة، كما تمّ عرض مسرحية “البوزرّيعي” لـ “محي الدين بشتارزي”، وهي أشهر مسرحياته وأكثرها التزاما بالقضية الوطنية.

 

هجوم “بشتارزي” 

قاد “بشتارزي” سنة 1934، هجوما لاذعا ضدّ المستعمر الفرنسي في مسرحية “فاقوا”، كما انتقد بشدة الجزائريين المتعاونين مع فرنسا، وخاصة بعض السياسيين والمنتخبين، وأبرز دارسون أنّ “بشتارزي” كان يستعمل في حواراته لغة الشارع المتكونة من العربية، الأمازيغية، والفرنسية، فضلا عما عُرف وقتذاك بـ “لغة سابير”  (sabir)وهي عبارة عن خليط من الكلمات الإسبانية والإيطالية والعربية التي كانت تعرف بـ “العامية” كخليط لهجات وليست العربية والفرنسية فقط، بل مزيج من لغات البحر الأبيض المتوسط.

في 1935، جرى تقديم مسرحيتي “بني وي وي” و”على النيف” لـ “بشتارزي” التي هاجم فيهما السلطات الاستعمارية، وكشف فيها عن اللامبالاة والتزوير اللذين طبعا انتخابات تلك الفترة في الجزائر، واعتبر أنّ الناخبين يجب أن لا يظلوا مجرد دمى، لأنّ مستقبل الشعب كله مرتبط بأصواتهم الانتخابية.

وواصل “بشتارزي على المنوال ذاته في مسرحية “الخدّاعين” مساء السادس فيفري 1937، كما قدّم مسرحية “النساء” في أكتوبر من العام ذاته، هاجم فيهما “بشتارزي” المتعاونين مع الاستعمار، وأبرز سلبياتهم وانتقد الطرقيين المدعومين من قبل الإدارة الاستعمارية، وهذا ما كان سببا في تعرض “بشتارزي” إلى هجوم مزدوج، من جهة، الإدارة الاستعمارية التي أقدمت على منع المسرحيتين، ومن الطرقيين الذين انتقدوا العملين بشدة في جريدة “البلاغ الجزائري”.

في 1938، تمّ تقديم مسرحية “الكذّابين” في جويلية، أين سعى “بشتارزي” لتوعية الشعب الجزائري وإعداده للثورة، وتضمّن العمل جرعة نقدية عالية حيال السياسة الفرنسية والحياة السياسية.

وبين سنتي 1937 و1939، جرى تقديم خمس عشرة مسرحية بين مدرسية وغيرها، بينها أول مسرحية شعرية وهي “بلال” لمحمد العيد آل خليفة، “الدجّالون” لمحمد النجار، “البعثة الدينية” لمحمد بن العابد الجيلالي، و”سحّار بالرغم منه” لمحي الدين باشتارزي، هذا الأخير أخرج مسرحية “المشحاح واخديمو” المقتبسة عن “البخيل” لموليير في ديسمبر 1940، وتلتها مسرحية “الدكتور علال في القهوة” لـ “محمد التوري”. 

 

اعتزال ورحيل ونفس ثان 

في الثاني ماي 1941، عرض “بشتارزي” مسرحية “سليمان اللك” والمقتبسة عن “مريض الوهم” لموليير 

وبين عامي 1942 و1945، فقد المسرح الجزائري العديد من رجالاته، حيث توفي كل من” سعد الله إبراهيم” المعروف بـ “دحمون” سنة1942 ، “بن شوبان” سنة 1943، “رشيد قسنطيني” سنة1944 ، و”محمد رضا منصالي” سنة1945 . 

وأشار باحثون إلى أنّ “قسنطيني” (ألّف أكثر من مائة مسرحية)، كان يعتمد في عروضه على إصدار أصوات غريبة ويستعمل نطقا غير سليم للكلمات والألفاظ العربية، مما جعلهم يعتبرون بأنّ “عامية قسنطيني أخّرت اللهجة الجزائرية المشتركة، بما فيها من العنّة وتعويج الفم والهبوط في التعبير”.

واتسمت المرحلة ذاته باعتزال العديد من الفنانين أمثال “ماري سوسان”، “علي سلالي” (علالو)، “عزيز لكحل”، “علال العرفاوي”، و”محمد فرحي”، في وقت ظهر جيل جديد من الممثلين الفكاهيين والمؤلفين المسرحيين، أمثال “محمد التوري”، “مصطفى بديع”، “مصطفى قزدرلي”، “مصطفى كاتب”، “عبد الحليم رايس”، “حسن الحسني”،” أحمد عياد” المعروف بـ “رويشد”، ثم “عبد الرحمان عزيز”.

في عام 1946، كان الجزائريون على موعد مع تأسيس فرقة مسرح الغد على يد “رضا حاج حمو” المعروف بـ “رضا فلكي”، وكانت تتكون من خمسين عضوا، قدّمت العديد من المسرحيات، نذكر منها: “بعد الشدة يأتي الفرج”، “الجن المجهول”، و”الغد السعيد”، ثمّ تأسيس جمعية المسرح الجزائري على يد “مصطفى كاتب”. 

وبين عامي 1947 و1954، قُدّر عدد المسرحيات المعروضة بثلاثين مسرحية، تم تقديمها إما من طرف الفرق الجزائرية مثل فرقة التمثيل العربي، وفرقة هواة التمثيل العربي وغيرها من الفرق الجزائرية، أو الفرق العربية التي كانت تزور الجزائر.

 

أول موسم مسرحي عربي 

شهد خريف عام 1947، افتتاح أول موسم للمسرح العربي في أوبرا الجزائر بإشراف “محمد الرازي”، واستغرق ما يزيد عن السبعة أشهر، حيث امتد من نوفمبر1947 إلى جوان 1948، وكان يتم تقديم العروض مرة في الأسبوع، وذلك يوم الجمعة مساءً لجمهور مختلط، ومرتين في الشهر صباحا، لفائدة جمهور متكون من النساء فقط وبمعدل ثلاثين مسرحية في الموسم.

واستمتع الجمهور بعرض “البارح واليوم” لـ “محمد التوري”، “خالد أوشمشون الجزائري” لـ “محمد ولد الشيخ”، و”الناشئة المهاجرة” لمحمد الصالح رمضان والتي دار موضوعها حول الهجرة النبوية ومُثلت لأول مرة في مدرسة دار الحديث بتلمسان، علما أنّ ذاك العرض كان من كتابة “محمد الصالح رمضان” الذي ألف العديد من المسرحيات الملتزمة مثل “المولد النبوي”، “حليمة السعدية”، “الخنساء” وغيرها.

وتكوّن عرض “الناشئة المهاجرة” من سبعة مشاهد، دارت الأحداث في مكة المكرمة، وعالجت بعض المواقف من هجرة النبي وأصحابه إلى يثرب، وفي الأصل، كانت المسرحية موجهة للتلاميذ الصغار، وذلك بغرض اطلاعهم على بعض الجوانب المشرقة من التاريخ الإسلامي، وتعليمهم أهمية التضحية في سبيل الدفاع عن المبادئ العظيمة والعقيدة، والصبر على الأذى، وتحمّله من أجل تبليغ الرسالة.

وكتب “محمد الصالح رمضان” عرض “الخنساء”، أما أحمد توفيق المدني فكتب “حنبعل”، كما كتب عبد الرحمن الجيلالي مسرحية المولد، وألّف “أحمد رضا حوحو” مسرحيتي “صنيعة البرامكة” و”أبو الحسن التيمي”، وتزامن ذلك مع تأسيس “محمد الطاهر فضلاء” فرقة هواة التمثيل العربي سنة 1947.

سنة 1948، عُرضت مسرحية “الزنجي الأبيض” لـ “محمد واضح”، فضلا عن مسرحية “بلال” لمحمد العيد آل خليفة، و”بطل قريش” لمحمد الطاهر فضلاء، وحثّ العملان على بعث القيم الثقافية والأخلاقية، وكتبت “أنيسة بركات”: “المسرحيتان تضمنتا نداءً لنشر الدعوة الإصلاحية والمحافظة على القيم الدينية والأخلاقية، وجرى استعمالهما كسلاح من أسلحة الإيقاظ الشعبي”.

ومع إطلالة عام 1949، كان الموعد مع تأسيس فرقة “المزهر القسنطيني” على يد الدكتور “بن دالي” و”أحمد رضا حوحو” الذي شغل منصب مدير فني، وألف العديد من المسرحيات بينها: “صنيعة البرامكة”، “بائعة الورد”، “عنبسة”، “أدباء المظهر”، “بطل قريش”، و”أبناء الصحراء” التي اقتبسها عن مسرحية ليوسف وهبي، هذا الأخير زار الجزائر مع الفرقة المصرية للتمثيل والموسيقى، وبمرافقة المفكر “زكي طليمات” ومجموعة من الفنانين أمثال “أمينة رزق”، و”حسن رياض” وغيرهما، وقدّمت الفرقة مسرحيات: الاعتراف، بنات الريف، أولاد الفقراء، والبساط الأخضر في الجزائر العاصمة، سيدي بلعباس، تلمسان، ووهران.

 

منعرج الخمسينات 

في 16 مارس 1951، قدّمت فرقة هواة التمثيل العربي مسرحية “ليلى بنت الكرامة” بقاعة الأوبرا للجزائر العاصمة عن نص “محمد الطاهر فضلاء” وإخراج “محي الدين بشتارزي” في عمل ناطق باللغة العربية الفصحى، كما تمّ تقديم مسرحيتي “المولد” و”الهجرة” لعبد الرحمان الجيلالي، وجسدتهما فرقة “بشتارزي” في ديسمبر 1951، ومن حيث بناءهما الفني، جرى توجيههما إلى الناشئة في المدارس. 

في 1952، جرى عرض مسرحية “يوغرطة” لعبد الرحمان ماضوي بمدينة تلمسان، وتكونت من خمسة فصول، ودارت أحداثها في المرحلة الممتدة من سنة113 ق.م إلى سنة 105 ق.م، وتناولت الصراع النوميدي الروماني القديم في شمال إفريقيا، وجرى أيضا عرض مسرحية “حنبعل” لـ “أحمد توفيق المدني”، التي أخرجها “بشتارزي”.

سنة 1953، دخل المسرحي الجزائري الشهير “كاتب ياسين” الساحة بعرضه الشائق “الجثة المطوقة” في فرنسا، وأعقبها ثلاث سنوات من بعد بأيقونته الخالدة “نجمة”.

وبين عامي 1951 و1957، شاركت فرقة المسرح العربي بقيادة مصطفى كاتب في المهرجان العالمي للشباب ببرلين 1951، بوخاريست 1953، فرصوفيا 1955 وموسكو 1955، بالإضافة إلى ذلك شاركت فرقته في جولات بفرنسا وساندت جبهة التحرير الوطني سنتي 1956 و1957.

وغداة المآثر التي سطرتها الفرقة الفنية لجبهة التحرير بين سنتي 1958 و1962، شكّلت مرحلة ما بعد استقلال الجزائر، نقلة نوعية بفنانين كبار بوزن الراحلين “محمد بودية”، “ولد عبد الرحمن كاكي”، مصطفى كاتب”، “ياسين كاتب” و”عبد القادر علولة” الذين اهتموا بنقد الكثير من المشكلات التي عرفها المجتمع الجزائري كتشخيص البيروقراطية والانتهازية.

 

مهمّة “الدعاية” على وتر اشتراكي   

ذهب الباحث “عبد الكريم غريبي” إلى أنّ الاستعدادات الثقافية والفنية للمسرحيين والظروف السوسيو-ثقافية والتاريخية للمجتمع، ساهمت في بلورة أبعاد متعددة للفعل المسرحي في الجزائر مع مطلع الاستقلال، بفعل المخاض السياسي والثقافي والاجتماعي العسير الذي رافقه، ورأى “غريبي” أنّ ما حدث في التاسع عشر جوان 1965، أحدث انقلابا شاملا في البنية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية، وأفرز شبه قطيعة في الممارسة المسرحية. 

وعليه أصبح المسرح في الجزائر ما بين 1963 و1972 مؤسسة “أداء مهمة” الدعاية السياسية والإيديولوجية وفي نفس الوقت التوجيه والتعليمية النقدية السياسية والاجتماعية في إطار منظومة التأسيس والتأصيل عبر توظيف الأشكال الشعبية المبنية على القول والدراما الاجتماعية والسياسية أو الاقتباس وجزأرة الدراما العالمية على مذهب “الواقعية الاشتراكية”.

ابتداء من منتصف سنة 1972 ومن خلال التوجهات الكبرى لمشروع الأمة الاشتراكي، الذي بدأ أولا بتطبيق لامركزية تسيير المسارح الجهوية وتوزيع الطاقات والوسائل القليلة المتوفرة، وبرزت تجارب مسرحيين انتموا إلى المؤسسة الرسمية كان لهم الأثر البالغ في التأسيس للحركة المسرحية أبرزهم: مصطفى كاتب، ولد عبد الرحمن كاكي، عبد القادر علولة، كاتب ياسين.

برّر “عبد القادر علولة” هذا الالتزام بقوله: “ارتباط المسرح بمواضيع الثورة الزراعية والتسيير الاشتراكي للمؤسسات والدفاع عن نضال العمال والتضامن حتمية تاريخية لا مناص منها بل واجب والتزام”.

 

استقلالية الهواة 

تبلور مسرح الهواة في الجزائر منذ العام 1965، كـ “حركة شبه مستقلة” عن المؤسسة الرسمية، مسرح جماهيري تأرجح بين الشعبي والشعبوية، وتوظيف المسرح العالمي، استطاعت هذه الحركة المسرحية أن تحتوي في هذه المرحلة الخطاب المسرحي وتكتسح الساحة الثقافية برصيد من التجارب المسرحية كما وكيفا لفرق هاوية ونصف محترفة على غرار “مسرح الطليعة” لمدينة وهران الذي اشتغل على نصوص “انغمار برغمان” مثل مسرحية الطاعون، وفرقة فوج 70 التي اشتغلت على نصوص “يوجين يونسكو”، فضلا عن فرقة مسرح البحر، وفرقة الورشة وفرقة المسرح والثقافة التي كانت تقوم بتجارب مسرحية من أجل التكوين الذاتي واشتغلت على نصوص الاغريقي “إسخيلوس” والألماني “بريشت”، والفرقة المذكورة تخرج منها ثلاثة من أعمدة المسرح الجزائري وهم: “أحمد بوزيدة”، “عز الدين مجوبي” كممثل ومخرج و”سليمان بن عيسى” كممثل وكاتب مسرحي.     

واستوعب الحراك أيضا، فرقة مسرح الخشبة لمستغانم : التي تأسست سنة 1969 واتخذت من مسرح “كاكي” و”بريشت” مدرسة ومنهجا، فضلا عن فرقة الحركة الثقافية لقسنطينة (GAC) ومن أهم إنجازاتها العمل على إنتاج العرض الشامل الذي يوظف اللغة الدرامية الشاملة الكلمة والحركة بالاشتغال على نصوص “كاتب ياسين” مثل: “مسحوق الذكاء”، “محمد خذ حقيبتك”، والفرقة التي أسسها “كاتب ياسين” نفسه تحت اسم الحركة الثقافية للعمال (ACT) التي قامت على أنقاض فرقة مسرح البحر وغيرها من الفرق. 

وساهمت الحركة الثقافية التي قامت أواسط ماي 1968 بفرنسا في تفاعل الأفكار، وترسيخ قناعات جديدة في بلورة جملة من التصورات التي ظهرت ملامحها في الجزائر العاصمة بمناسبة المهرجان الوطني للمسرح سنة 1971، حيث عرضت مسرحيات من التراث العالمي بتنوع أساليبه ومضامينه، وكانت الرؤية تبدُ واضحة إلى تلك السنة، من خلال الوثيقة التي وزعت بهذه المناسبة على المشاركين والتي تحث خاصة على الحرية والصدق والشجاعة في التعبير المسرحي عن الواقع بتناقضاته، والالتزام بالوظائف التقليدية للفن المسرحي”.

 

الفعل الثقافي “التعاوني” 

اعتبارا من النصف الأول للسبعينات، التحق “الهواة” بقاطرة “الاحتراف”، وحصل ذلك بكثافة عبر ورشات العمل المسرحي الجماعي التي تموقعت تحت مظلة “الفعل الثقافي التعاوني”، وبرزت تجربة مسرح وهران مع “عبد القادر علولة” وأعماله على منوال “المايدة” التي حملت اسم أول قرية نموذجية فلاحية (أوراس المايدة) التي أنجزت في إطار الثورة الزراعية، وحكى العرض قصة يوم تطوعي للطلبة لشرح ميثاق الثورة الزراعية للفلاحين، وتعرض أشكال انحرافية هذا المسار على يد أصحاب المال وتواطئ السلطات المحلية من أجل إفشال هذا المشروع. 

وأعقب “علولة” ذلك بمسرحية “المنتوج” (1974) وهي تعرض في عشرين لوحة أساليب التسيير الذاتي والنقابي في إطار المنظومة الاشتراكية، مع التحذير من مخاطر الانزلاقات الرجعية، وهي وسيلة لفتح النقاش والحوار والشرح لهذه المبادئ، قبل أن ينتج “علولة” مسرحية النحلة للأطفال (1976) التي تعد درسا مسرحيا لقيم العمل والتعاون والتضحية، ورغم طابعها البيداغوجي الثقافي والسياسي.

وإلى جانب فصيل “علولة”، برزت فرقة مسرح وثقافة (TC) وفرقة مسرح “مصطفى كاتب”، ناهيك عن فرقة البروليتاريا الثقافية لسعيدة (( Prolet- cult. de Saida ، والتي قامت على برنامج شامل مبني على التكوين السياسي والمسرحي بقيادة ولسنوات طويلة منشط الشباب “عثمان مختاري”.

 

قطيعة الثمانينات 

تعتبر مرحلة الثمانينات وما بعدها، بداية مرحلة القطيعة مع كل شيء، ونقطة التراجع عن كل ما كانت تعتبره السلطة “مكاسب ثورية مقدسة”، وبداية “تحريم” كل خطاب عن الاشتراكية وثقافتها، ومنه مسرح الدعاية السياسية، كما هي مرحلة مطاردة أهم المثقفين والفنانين بشتى الأساليب خاصة أولئك الذين كرسوا حياتهم لخدمة تلك الأفكار المثالية في يوم من الأيام، وإقصائهم وتهميشهم والتشهير بهم عبر قنوات المؤسسات التعليمية والدينية العلنية والسرية وأجنحة النظام التنظيمية 

لقد أصيب جيل كامل في هذه المرحلة بنكسة وإحباط سبب تفككا في نسيج بنية سلم القيم الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والدينية والتي أفرزت (خطاب أزمة) شامل يتميز بالعنف في الطرح للمضامين وأساليب تبليغها المبنية على نزعة “رد فعل مستعجل” يعكس مدى الانفصام والقطيعة ومحاولات إعادة النظر في كل المسلمات (التاريخ-الذات-الهوية –القيم السوسيو-ثقافية والجمالية). 

وإضافة إلى هذه المعطيات مجتمعة فإن هذه المرحلة شهدت بداية رحيل ونزيف جيل من أقطاب المثقفين والمسرحيين الجزائريين من قامة: كاتب ياسين، مصطفى كاتب (في يوم واحد)، ولد عبد الرحمن كاكي ورويشد، حسن الحسني (في أوجّ فقره)، عبد المالك بوقرموح، بوبكر مخوخ، عصمان عثمان، سيراط بومدين، علال المحب، الطيب أبو الحسن والجيلالي بن عبد الحليم (مؤسس مهرجان مستغانم سنة 1967)، الحاج عمر، باش علي، الأديب عبد الحميد بن هدوقة، عمار بلحسن، مولود معمري، إسياخم، وشهدت الفترة ذاتها ظاهرة انتحار بعض المثقفين مثل: الشاعرة صافية كتو، الناقد والصحافي صالح زايد، الشاعر عبد الله بوخالفة.

ومع بداية التسعينات أصبحت النخبة المثقفة الطليعية مرمى هدف الإرهاب الشامل    بالتصفية الجسدية لعلامات مؤكدة أمثال: عبد القادر علولة، عزالدين مجوبي، بختي بن عودة، الهادي فليسي، جيلالي اليابس، فضلا عن حرق “الحاجة مناد” الممثلة الشابة في مسرح الموجة، بالبنزين من طرف شقيقها في مستغانم.

ويتقاطع “عبد الكريم غريبي” مع د. “مخلوف بوكروح” في كون أزمة المجتمع انعكست على العمل المسرحي مع تلك العروض التي قدمت في هذه الحقبة الزمنية”.

 

ضحالة رغم التراكم 

غداة توقف استمرّ نحو ست سنوات إثر ما ترتّب عن الأزمة الأمنية التي هشّمت الجزائر في التسعينات، شهدت المنظومة الركحية العامة اتساعا عبر إطلاق ترسانة من المهرجانات اعتبارا من النصف الأول للألفية الثالثة.

وبعد رحلة ترميم مزمنة، جرى إعادة فتح المسرح الوطني الجزائري في 16 أفريل 2000، قبل أن تتولى الاحتفاليات الضخمة من سنة الجزائر بفرنسا 2003، وصولا إلى المهرجان الثقافي الإفريقي 2009 مرورا بالجزائر عاصمة الثقافة العربية 2007 وانتهاء بتلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية 2011 وقسنطينة عاصمة الثقافة العربية 2015.

وكان العقد الأخير عنوانا لأكثر من مائة ونصف مسرحية بينها أعمال أعيد إنتاجها كــ: القرّاب والصالحين، الشهداء يعودون هذا الأسبوع، وصية دمنة، سليمان اللك، الجثة المحاصرة، 132 سنة، إضافة إلى أخرى جديدة على غرار: التمرين، ميموزا الجزائر، نسين والسلاطين، اللثام، نجمة، وغيرها.

اللافت، أنّه اعتبارا من سنتي 2003 و2004، اتسع نطاق المسرح الجزائري أكثر خصوصا بعد استحداث عشرات التظاهرات المسرحية وترسيم المهرجان الوطني للمسرح المحترف (ماي 2006)، وما أعقبه من تفعيل المهرجان الدولي للمسرح وآخر للفكاهة وهلّم جرا.

لكن الممثل والكاتب المسرحي المخضرم “سليمان بن عيسى” يجزم أنّ “المسرح في الجزائر ليس بخير”، مستدلا بضحالة النوعية وعزوف الجمهور رغم المخصصات الضخمة.

ويرى الناقد المسرحي د. “أحمد شنيقي” بحتمية إعادة النظر في نمطية المؤسسات المسرحية، ما يفرض تحويل السواكن إلى متحركات.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!