-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

رقصة الدراويش في حوار يفتقر إلى ثقافة الحوار

حبيب راشدين
  • 1801
  • 8
رقصة الدراويش في حوار يفتقر إلى ثقافة الحوار
ح.م

أخيرا تحرَّك القطار المعطل للجنة الحوار والوساطة، بالإعلان عن الشروع في التواصل مع بعض الفعاليات من الحَراك، قبل توسيع المشاورات لتشمل أغلب ولايات الوطن والهجرة، في خطوةٍ عملية جاءت بعد أسابيع من الدوران في حلقةٍ مفرغة، وخضوع اللجنة لمشاغبات صبيانية من بعض أعضائها، ومن بعض الجهات التي ترفض الحوار وهي تضمر إطالة عمر الأزمة.

منذ خطاب رئيس الدولة المؤقت الذي نقل “كرة النار” من ساحة السلطة إلى ساحة الحَراك والطبقة السياسية، كان المؤمل أن تتدافع القوى الداعية إلى التغيير بمبادرات بديلة، ليس فقط من جهة ترشيح شخصياتٍ توافقية لإدارة الحوار، بل الإسراع بعرض ورقات عمل لأي حوار وطني قادم، قد وضعت له الرئاسة جدول أعمال من بند واحد: إعداد أفضل الشروط لتنظيم الرئاسيات القادمة، وحمايتها من تهمة التزوير، مع استعداد السلطة القائمة للتجاوب مع أي مقترَح يساعد على مراجعة قانون الانتخابات وتشكيل هيأة مستقلة لتنظيم الانتخابات.

إنفاق اللجنة قرابة أربعة أسابيع في اللف والدوران داخل حلقةٍ مفرغة، واستسلام بعض أعضائها لضغط الشارع، وتوحُّل جانب من المعارضة في مشاغبة حمقاء، تقاول في الوقت بدل الضائع لنفس المسار العبثي الداعي إلى هدم ما بقي من مؤسسات الدولة، هو صورة مصغرة لما كان سيقع في البلاد لو أنها استسلمت لمنطق إدارتها بمرحلة انتقالية خارج ضوابط الدستور.

نفس المشاغبة التي تتعرض لها اليوم اللجنة، والطعن في أعضائها، والمزايدة في قائمة الشروط المسبقة، كانت ستتضاعف بوتيرة هندسية ليتحول الحوار الوطني إلى حلبة صراع لتقسيم الريع بعيدا عن أحكام الصندوق، وما يخوله الدستور للناخب في المادتين السابعة والثامنة.

وبين أيدينا نموذجٌ قريب في التجربة السودانية التي قادها طرفا النزاع إلى حمام دم فظيع قبل التوافق على مرحلة انتقالية مفتوحة، بإعلان دستوري مبتذَل، صيغ داخل غرفة مغلقة تحت إملاءات خارجية، لا أحد يعلم يقينا كيف سيُصلح ما أفسده النظام الذي لم يسقط، وقد قبل به الحَراك شريكا بالمناصفة في إدارة المرحلة الانتقالية المفتوحة المعرضة للانتكاس في أيِّ لحظة.

أمام لجنة الحوار وما بقي من الطبقة السياسية ومن يسوِّق نفسه وصيّا على الحَراك حسنُ تقدير الموقف، والبناء عليه لتحقيق واحد من أعظم مكاسب الحَراك الشعبي، بتسليح البلد بقانون انتخابات عصري، يحيِّد الإدارة، ويحرمها من فرص العبث بالمسارات الانتخابية، وبناء هيأة مستقلة لتنظيم الانتخابات تعيد ثقة الناخب في المسارات الانتخابية القادمة.

وإذا كان لا بد أن نثمّن هذا المكسب، فلنثمّنه في ضوء ما تحقق في الحَراك التونسي الذي يُسوَّق اليوم كنموذج ناجح، حيث لم يخرج التوانسة من “ثورتهم المخملية” المكلفة سوى بهذا الانجاز الوحيد، الذي سمح لهم في السنوات السبع العجاف الماضية بإدارة أكثر من استحقاق انتخابي اطمأنَّ إليه الناخب، حتى وإن كان قد سمح لكثير من فلول النظام السابق بالعودة تحت أكثر من “طاقية إخفاء” لإعمار قلب السلطة.

يقيناً سوف نحتاج مثلهم إلى سنوات من اختبار النخب السياسية، عبر أكثر من مسار انتخابي، قبل أن نوفق في حسن منح الوكالة لمن هو أهلٌ لها، وقد لا نوفق في حسن اختيار الرئيس القادم، أو في تجديد بقية مؤسسات الحكم، لكننا نكون على الأقل قد جرَّدنا النخب السياسية من حجة الطعن الأخرق في نتائج الانتخابات، وهو أعظم مكسبٍ يضع التجربة الديموقراطية على السكة السليمة، ويمنح فرصة حقيقية لتجسيد المادة السابعة وملكية الناخب للسلطة التأسيسية، وما سوى ذلك هو محض تفصيل موكول لاجتهاد النخب السياسية وقدرتها على التنافس والإقناع.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
8
  • HOCINE HECHAICHI

    ج‌. للخروج من الأزمة الاقتصادية ومن ثم من التخلف: الدخول في" اقتصاد حرب " لمدة 10- 15 سنة أساسه الشعب العامل والتقشف والانغلاق وتنظيم النسل وتنظيف المحيط بإدارة تكنوقراطيين (مع احترام التوازن الجهوي) في إطار الجمهورية الثانية.
    الحلول الأخرى : خطب رنانة وشعارات جوفاء.

  • مراقب جزائري

    تجاهل المبادرات الطيبة مثل (حركة_عزم) وإقصاؤها من منتديات الحوار... ومن الإعلام... وهناك العديد من المبادرات الوطنية الأخرى مثل نداء علماء الجزائر، وثيقة عين البنيان للمنتدى الوطني للحوار، الحل السلمي من أجل مستقبل الجزائر، بيان لقاء العين الصفراء، بيان زوايا الجزائر، مبادرة الحراك الوطني التشخيص والمخارج لمنتدى حراك المثقفين وغيرها،... إضافة إلى مبادرات لشخصيات وطنية ومبادرات ولائية معتبرة ... ألا يعبر ذلك عن النوايا الحقيقية لبعض الجهات!؟

  • مراقب جزائري

    معك الحق في بعض ما قلت... مثل عبارة [تسليح البلد بقانون انتخابات عصري، يحيِّد الإدارة، ويحرمها من فرص العبث بالمسارات الانتخابية، وبناء هيأة مستقلة لتنظيم الانتخابات تعيد ثقة الناخب في المسارات الانتخابية القادمة]
    أما ما عدا ذلك فهو من قبيل الفذلكات التي لا تفضي إلى شيء...كان الأولى أن نبين للناس أن يسيجوا السياسة بقيم ومبادئ أخلاقية قوية... لأن السياسة [بلا قيم أخلاقية دمار للشعب والمجتمع والوطن] كما كان يقول مالك بن نبي رحمه الله في بداية سنوات الاستقلال

  • نوار خليفة

    أهلا بعودتك...منذ الإعلان عن لجنة الحوار المثيرة للجدل لم نقرأ لك مقالا و الأكيد أنها تعرضت للقص و التعتيم فأنت لا تسكت خاصة في المناسبات المصيرية...ليتك تسعى مجددا إلى إصدار جريدة و لوكانت أسبوعية أو حتى نصف شهرية فقراؤك الأوفياء كثيرون...حتى لا يبقى قلمك رهينة لأهواء البعض

  • جزائري

    ثقافة الجزاءري لا تعرف الحوار . الحوار عندنا هو رفض كل ما ياتي من عند الآخرين . الرفض نتيجة الضعف. القوي يقول نعم ثم يبحث بذكاءه عن ما هو ايجابي وحتى تحويل ما يرونه سلبي الى ايجابي في قبول نعم. هكذا فاوض الايرانيون العالم كله في ملفهم النووي اللذي استفاق العالم أنه لم يكن اتفاقا مثاليا. لو اعادوا الكرة لحدث نفس الشيىء لأن البراعة في التفاوض أفضل من البراعة في اضهار العضلات وقد دفعنا ثمن العضلات غاليا. التهرب من الحوار دليل ضعف ينبؤ بضعف الحراك وفقدانه للذكاء اللازم لتحقيق مطالبه. التهديد بالعصيان المدني دليل ضعف الحجة والضعف في الحوار بل هو هروب من الحوار.

  • جزايرية

    Zero

  • الأوراسland

    تحياتي لك
    مقال عن ما يجري بين إسرائيل والعرب وإيران حول الناقلات البحرية المحجوزة
    شكـــــرا

  • hayar

    بدون مقدمات لغوية طويلة سفسطة و اظهار منطق و استعلاء نريد رجل نظيف قوي عادل .. و الباقي ديكور سجع و بيان.