-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

غموض..

غموض..

سواء على الصعيد الاقتصادي أم السياسي أم الثقافي ـ الاجتماعي، يبقى الغموض سيد الموقف في بلادنا؛ غموض القوانين، وغموض الأرقام وغموض الوضع السياسي والاقتصادي والثقافي.. صحيح إننا نمر بمرحلة تَحَوُّلٍ حرجة في تاريخنا المعاصر، ولكن هذا لا يعفينا من أن نكون أكثر وضوحا في سياساتنا المختلفة، لأن الغموض يُولِّد الشك، والشك يؤدي إلى انعدام الثِّقة، وانعدام الثِّقة يؤدي إلى مزيد من الإحباط واليأس…

إلى حد الآن لم أستطع أن أفهم الذي تتحفظ عليه وزارة التربية من مَطالب المُضربين، التي تقول عنها إنها “غامضة” و”غير واقعية” و”فيها كذب” و”مساومة” و”تعسف” و”تحرّش”…؟! لماذا لا تَذكرها بوضوحٍ تام مطلبًا مطلبًا، وتُعلِن للرأي العام ما تستطيع القيام به وما لا تستطيع، ليتحمل كل طرف مسؤوليته بِلا لفٍّ ولا دوران؟

نفس الأمر، يتكرر مع الأطباء المقيمين، كان الأجدر بوزير الصّحة أن يُقدِّم للرأي العام في شفافية تامة ما يستطيع أن يقوم به نقطة بنقطة، وما هو خارج عن صلاحياته أو لا يستطيع القيام به، وهكذا أيضا يتحمل كل مسؤوليته.

وفي السياسية، بدل أن تغوص بنا بعض الأحزاب في مزيد من الغموض بشأن الانتخابات القادمة، وتَفتح المجال أمام المبادرات “الغامضة” والخَرجات غير المنتظرة لفلان أو فلان، كان عليها أن تتحمل مسؤوليتها بوضوح في هذا الشأن، وتُصدِر بيانات سياسية دقيقة تُطمئِن من خلالها الرأي العام وتَمنَع عنه الشكوك المختلفة بشأن المستقبل.

بل حتى في الرياضة، لا يُمكن للمتتبِّع من خارج المحيط الضيِّق، أن يفهم المعارك الدائرة بين الاتحادية والرابطة، ولا يستطيع أن يُحدِّد بالضبط فيم هما مختلفان أو متفقان؟ وأي نقطة جوهرية هي سبب هذا الصراع القائم بينهما؟ وما هي الخلفية الحقيقية لذلك؟

وعلى صعيد تعاملاتنا الخارجية، لا أفهم كيف يأتي وفد منظمة مقاولي فرنسا (الميديف) بحجمه وقوته، لتُطرح أمامه، مرة أخرى، قضية 49ـ 51 وكأنه لا يعرفها أو لا يعرف موقف الجزائر منها، دون أن نعرف بدقة حقيقة ما جاء من أجله ولا قيمة الأموال التي حَوّلَّها إلى فرنسا، وتلك التي مازال يُطالب بتحويلها اليوم؟ ولماذا في هذا الوقت؟ وما هو الموقف الجزائري الصريح من هذا الأمر في شكل نقاط مُحدّدة وواضحة يفهما الخاص والعام؟

وهكذا ينعكس هذا الغموض على جميع مناحي حياتنا اليومية، ويُصبح جوهر سلوكاتنا المختلفة، حتى إننا لم نعد نلوم الإداري البسيط أو المسؤول المحلي إذا مارس معنا سياسة الغموض، حيث لا نعرف ما إذا كان هو أيضا لا يعرف أو لا يريدنا أن نعرف، أو يريد أمرا آخر غامضا، نحن لا نعرفه مثله مثل مَن هم أعلى منه.

فمَن يُزيل هذا الغموض من حياتنا لعلنا نرى بصيص الأمل القادم؟

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
6
  • دار عمر

    مقدر على الخفاش ان يعيش في ظلمة الليل فنور الشمس يؤذيه والغذاء في الليل يكفيه ومجرى سنة الله تعالى على خلقه تشفيه لاتشقيه لكنني لاأفهم أو أفهم مثل ماتفهم وغيرنا يفهم الحيا ة في الغموض تخدمني ام تخدمك ام تخدم المواطن ام انه ليس شريك أو ربما قاصرا أُنزل في بركة عكرة فاحتار وصار لايميز وهناك وجد الأخر فرصته.غموض غموض غموض ...

  • ابراهيم

    حتى انا اعيش غموض حقيقي في حياتي لا اعرف ماذا ابحث

  • بوراكة

    هذا يسمى نظام الفوضة الذي فتح كل الثغرات و دفع الجميع الى التمرد عبر تلك الثغرات
    تمرد بالوان كلن و اسلوبه الاستغلالي الخاص على حسب الفئة التي ينتمي اليها بين المجتمع
    وهكذا تخققت الفوضة بالانانية الزائدة والمطالب اللامتناهية و العقلية المستهلكة
    لا يوجد نظام حقيقي يتطور عليه الاجيال لا توجد سكة حديدية يسري عليها القطار
    فماذا تفعل اذا اردت ان تطبخ شربة رمضان و انت لا تملك من الاواني غير الكسكاس
    اغلاق ثقوب الكسكاس بالالمنيوم اغلاق الثغرات بالبديل الذي يوجه المستغلون
    البديل الافضل هو النظام الافضل

  • بدون اسم

    ...وعلى صعيد تعاملاتنا الخارجية، لا أفهم كيف يأتي وفد منظمة مقاولي فرنسا (الميديف) بحجمه وقوته، لتُطرح أمامه، مرة أخرى، قضية 49ـ 51 وكأنه لا يعرفها أو لا يعرف موقف الجزائر منها، دون أن نعرف بدقة حقيقة ما جاء من أجله ولا قيمة الأموال التي حَوّلَّها إلى فرنسا..
    ولا قيمة الأموال التي حَوّلَّها إلى فرنسا..إن أنت جدي وصادق وضح لنا وللمتابع الجزائري ماذا تقصد
    ان كان الحديث خالي من ألادلة والبراهين فهو إرهاب وعنف
    وان بني على شك فأغلب الشك إثم

  • مسعود الطاهيري

    المشكلة لم تعد في ما نعانيه من مشاكل جمة و متعددة في مختلف نواحي الحياة بل أصبحت في طرق حل هذه المشاكل المطروحة التي كثيرا ما تزيد في تعقيدها أكثر و هذا ما يجعلنا نستبعد أي انفراج في المستقبل القريب على الأقل خاصة إذا لم نستثمر في الإنسان لأنه لب المشكلة ، فاشباه المسؤولين الحاليين في مختلف المستويات بعيدين كل البعد على الوضوح و الدقة التي أشرت إليها أستاذ سليم لأن فاقد الشيئ لا يعطيه .

  • فوضيل

    أظن انه يجب أن يفسر كلام السلطة بدقة شديدة ولا يخرج من سياقه، وحجة السلطات ليس لها قيمة على الأغلب،لأننا لاحظنا الكثير من هذه المغالطات والغموض من كلام الكثير منهم، فالهروب من الحقيقة هو الذي يدفع المسؤولين إلى أن يتصرفوا بهذه الطرق ويضعوا لذالك مبررات يحاولون بها الإفلات من الحقيقة باستخدامهم أساليب الخداع اللغوي وغموض العبارة...العلاقة التى تربطنا نحن "العرب" بالحقيقة علاقة تنافر وابتعاد وهروب ...فالكثير يهربون من حقيقتهم بتزييفها أو تغطيتها أو حتى تزيينها..(الشيوخ أبطال هنا في هذا المجال).