-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

متى يتوقّف اقتصاد البازار؟

متى يتوقّف اقتصاد البازار؟

الكتلة النّقدية المهولة التي تتداول في السّوق الموازية بعيدا عن التّعاملات القانونية، يجعلنا نجزم أنّ عجلة الاقتصاد لنْ تتحرّك من دون وضع حد لهذه الآفة المدمّرة للاقتصاد، وعندما نعلم أن أكثر من 10 آلاف مليار دينار (مليون مليار سنتيم) لا تخضع لرقابة الدّولة ولا للاقتطاعات القانونية في الصّفقات التجارية وغيرها، نُدرك حجم الخسارة التي يتحمّلها الاقتصاد الوطني.

وقد أثبتت التّجربة أنّ السّياسات الاقتصادية التي تعتمدها الدّولة لن تنجح إلا باستقطاب الكتلة النقدية المهولة التي يتم تداولها في السّوق الموازية والتي قدّرها رئيس الجمهورية في آخر خطاب له بـ90 مليار دولار، وهو مبلغ يُعفي الجزائر من اللجوء مجدَّدا إلى المديونية الخارجية.

لكن؛ كيف السَّبيل إلى استعادة هذه الكتلة النّقدية وإدخالها إلى البنوك، طالما أنَّ القرارات السابقة بإلزام المواطنين بالتّعامل البنكي بدل التعامل النقدي في الصّفقات التّجارية المختلفة وكل التّعاملات التي تتمّ بمبلغ يفوق 50 مليون سنتيم قد منيت بالفشل؟ وهل تكفي السّياسة التّحفيزية أو حتى العقوبات في دفع أرباب المال لإيداع أموالهم في البنوك؟

وهنا لا نتحدّث عن المواطن البسيط الذي يستلم راتبه من البنك أو مصالح البريد على بساطته، ولكن المشكل في أرباب المال الذين لا زالوا يتعاملون بـ”الشكارة” في صفقات شراء وبيع بالملايير، حتى أنّ الكثير من رجال الأعمال والعائلات الثريَّة لا تحتفظ بأموالها في البنوك، وإنَّما في خزائن خاصَّة ولا يتمُّ التعامل مع البنوك إلا عند الضرورة.

إنّ القرار الذي اتَّخذته الكثير من الدّول هو تغيير الأوراق النّقدية ومعها قيمة العملة كأن يتم حذف صفر أو صفرين، لكن ذلك يتطلّب سياسة صارمة ومعها نظاما مصرفيا متطورا واقتصادا قويا ومنتجا، حتى لا تنهار العملة من جديد على وقع معدّلات التّضخم.

وهنا يُمكن للتوجّه الرّسمي في عدم الاعتماد على احتياطي الصّرف في تمويل الاستيراد أن يكون بداية صحيحة لبناء اقتصاد حقيقي، على أمل أن نصل في يوم من الأيام إلى عدم الاعتماد على الرّيع في تمويل عمليات الاستيراد، مع صعوبة هذا المسلك إن لم نقل استحالته في ظل الأرقام المتواضعة جدا لمداخيل الجزائر خارج مجال المحروقات.

لقد فوّتنا على أنفسنا فرصة الإقلاع الاقتصادي خلال الوفرة المالية التي تمتعت بها الجزائر خلال العقدين الماضيين، فهل نتمكن من استدراك ما فات واستغلال الانتعاش الطفيف لأسعار النفط وارتفاع سعر الغاز في التأسيس لاقتصاد منتِج والتوقف عن ثقافة الاستهلاك التي انتشرت في أوساط الجزائريين حكاما ومحكومين؟

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!