-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

أجراس الهزيمة تُقرع في “إسرائيل”

حسين لقرع
  • 803
  • 0
أجراس الهزيمة تُقرع في “إسرائيل”

خلافا للتصريحات العنترية الفارغة التي يصرّ رئيسُ وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو على تكرارها منذ خمسة أشهر ونصف شهر، ويتحدّث فيها عن اقتراب تحقيق “النصر المطلق” على حماس، يؤكّد وزراء وضباطٌ رفيعون سابقون ومحلّلون صهاينة بارزون أنّ هزيمة جيش الاحتلال باتت أكيدة.

الوزيرُ الصهيوني المتطرّف، جدعون ساعر، أطلق تصريحا مدوّيا اعترف فيه بهذه الحقيقة حينما قال في تصريح للقناة الـ12 الصهيونية: “يومًا بعد يوم نبتعد عن النصر على حماس، لا توجد خطةٌ منظمة لتدمير قدراتها العسكرية والحكومية، ولا توجد سيطرة على دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة”.

هو تصريحٌ مثير أطلقه وزيرٌ حالي في حكومة نتنياهو ولم يُدلِ به معارضٌ مثل لابيد أو غيرِه حتى نقول إنه يناكف رئيسَ حكومته، ما يدلّ على أنّ كبار قادة الاحتلال باتوا يشعرون باقتراب الهزيمة الحتمية، وأنّها مسألة وقتٍ فحسب، بعد أن مرّ قرابة نصف سنة على بداية حرب الإبادة والتجويع في غزة، من دون أن يحقّق جيشُ العدوّ أيَّ هدفٍ من أهدافها، وفي مقدّمتها سحق حماس وإسقاط حكمها، وتحرير الأسرى الصهاينة بالقوة.

خلال هذه المدّة الطويلة من الحرب، ألحق جيشُ الاحتلال دمارا مهولا بالقطاع فاق ما شهدته بعضُ المدن الألمانية والروسية خلال الحرب العالمية الثانية، حتى أصبحت مناطق واسعة منه غير قابلة للحياة، كما قَتل نحو 40 ألف فلسطيني باحتساب العالقين تحت الأنقاض، وأصاب قرابة 74 ألف آخر بجروح متفاوتة، وجوّع سكانَ القطاع كلَّهم، لكنّ نتيجة الحروب لا تُحدَّد بمعيار كثرة ضحاياها في جانب وقلّتهم في الجانب الآخر، بل بتحقيق أهدافها. يقول يوفال نوح هراري، أستاذ التاريخ في الجامعة العبرية بالقدس، في مقال نشره في صحيفة “يديعوت أحرونوت”: “في الحرب ليس الفائزُ بالضرورة هو الطرف الذي يقتل المزيد من الناس، أو يأخذ المزيدَ من السجناء، أو يدمِّر المزيد من المنازل، أو يحتلّ المزيد من الأراضي.. الفائزُ هو الطرف الذي يحقّق أهدافه السياسية”. ويوضّح هراري أنّ حماس تسير بثبات نحو تحقيق أهدافها من خلال تدمير أيِّ فرصة للتطبيع مستقبلا بين اليهود والعرب، وسيمتدّ ذلك لأجيال قادمة، ومن ثمة فهي قريبة جدا من تحقيق النصر، في وقتٍ أخذت الكراهية ضدّ الاحتلال تملأ أذهان مئات الملايين من الناس حول العالم، ومكانة “إسرائيل” في مستوى منخفض لم يسبق له مثيلٌ حتى في الديمقراطيات الغربية التي كانت صديقتها لسنوات، وكل يوم إضافي يُقتل فيه الفلسطينيون أو يتضوّرون جوعا في غزة، تأخذ حماس خطوة أخرى إلى الأمام نحو النصر.

تجاربُ ثورات الشعوب على مستعمريها تؤكّد جميعا أنّ نتائج الحروب يحدِّدها تحقيقُ أهدافها وليس كثرة ضحاياها، وقد تحدّثنا في مناسبات سابقة عن تجارب شعوبٍ قدّمت ملايين الشهداء والقرابين على مذبح الحرية وصمدت حتى انتصرت على مستعمريها وطردتهم من أراضيها، وفي مقدّمتها تجربة الثورة الجزائرية التي قدّمت 1.5 مليون شهيد مقابل مقتل 22500 فقط من الجنود والمعمِّرين الفرنسيين، لكنّ الثورة انتصرت ودحرت الاحتلال الفرنسي وأعادت للجزائر سيادتها وللشعب حريته، وذلك ما سيحدث في فلسطين مهما طال الزمن وتعاظمت التضحيات والخسائر، وما غزوة 7 أكتوبر المباركة إلا مقدِّمة لمعركة التحرير الكبرى، والعدوُّ يعرف ذلك تماما، لذلك جُنّ جنونه وردّ عليها بهذه الطريقة الوحشية النازية أملًا في تهجير الشعب الفلسطيني وتصفية قضيته، ولم يجنِ إلى الآن سوى الخيبة.

المفارقة أنّ العديد من القادة والعسكريين والأمنيين، الحاليين والسابقين، والمفكّرين والمحللين الصهاينة، يعترفون بأنّ كيانهم يخسر الحرب يوميًّا، وهو في طريقه إلى تكبّد هزيمةٍ مدوّية تفوق ما حدث يوم 7 أكتوبر، آخرهم الجنرال احتياط يتسحاق بريك الذي أكّد هزيمة الاحتلال عسكريًّا وأنّ قادته “يقودون إسرائيل إلى  أكبر كارثة في تاريخها منذ قيامها قبل 75 سنة”، ومع ذلك، يصرّ المتصهينون العرب على تحميل المقاومة مسؤولية الحرب وما نجم عنها من كوارث، وبهذا المنطق المعوج ينبغي أن نُدين بن بولعيد وبن مهيدي وديدوش وكريم بلقاسم وقادة الثورة جميعا، لأنّهم “تسبّبوا” في استشهاد 1.5 مليون جزائري ووقوع خسائر مادّية جسيمة أشدّها وطئًا على الجزائريين تدمير 8 آلاف قريةٍ من قراهم، بل ينبغي أيضا إدانة الأمير عبد القادر وبوعمامة والمقراني والحداد ولالّة فاطمة نسومر والشيخ آمود وغيرهم من قادة الثورات الشعبية التي استُشهد فيها ملايينُ الجزائريين، ونتّهمهم بأنّهم السببُ في استشهادهم بدل أن ندين الاستعمار الفرنسي الذي سلبهم وطنهم وحرّيتهم وكرامتهم!

يبدو أنّ المرجفين وأحفاد ابن أبي سلول لا يتوبون.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!