-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

أحزاب الأشخاص وأحزاب الأفكار

أحزاب الأشخاص وأحزاب الأفكار

الحياة السياسية في بلادنا بحق هزيلة، بدل أن نرى الأحزاب التي توصف بالكبيرة تبدأ في القيام بانتخابات داخلية لاقتراح مرشحيها للرئاسيات القادمة، ونرى برامج وأفكارا تتنافس داخل كل حزب وبين الحزب والآخر حول هذا الحل أو ذاك أو هذه الرؤية أو تلك، نجد أن الكل في انتظار حسم المعركة في أعلى هرم السلطة ليروا ما يفعلون. وكأن هذه الأحزاب إنما هي رد فعل لما سيقوم به طرف آخر خارجها، وليست مؤسسات سياسية لديها رؤية وبرامج وأفكار خارج تصورات الآخرين تسعى للدفاع عنها.

باستثناء بعض الإطارات الحزبية لدى الأحزاب الناشئة بالخصوص التي يؤلمها مثل هذا الوضع، وتُسِر في معظم الأحيان وتُعلن أخرى أن غلق الحياة السياسية في البلاد تجاوز الحد المقبول، تُساير الأحزاب التقليدية المعروفة مجريات الواقع كما هو من غير أية محاولة للتأثير فيه، بل إن ممارستها تدل  أنها لا تتصرف إطلاقا كأحزاب تسعى لبناء حياة سياسية تعددية وديمقراطية إنما كمجموعات أفراد تتصارع فيما بينها حول ولاءات معينة لأشخاص معينين.

وهكذا بدل أن تتحول هذه الأحزاب إلى مؤسسات سياسية تطرح أفكارا وبرامج وحلولا للمشكلات تسعى من خلالها إلى إعادة الأمل للناس، تنغلق على نفسها مانعة كل تطور أو تنوع إلى أن يحدث لديها الانفجار من الداخل، فتنقسم إلى حُزيبات صغيرة أو تستنزف قدراتها الداخلية عن طريق التهميش والإقصاء.

ويبقى المجتمع نتيجة لذلك يتحرك في فراغ من غير إطار ينظم حركته السياسية، ويعبر عن تطلعاته، معرضا عن كل أنواع التأثير، وغير قادر على إيجاد الفرص الملائمة للتعبير عن ذاته بحرية، وهي أسوأ حالة يمكن أن يوجد فيها.

 

ولعلنا نعيشها الآن وينبغي أن نتجاوزها بدون أي تأخير، ذلك أن غلق الحياة السياسة وتدجين الأحزاب وإن بدا على المدى المباشر من غير ذي تأثير، ويحقق بعض الأهداف لبعض الأشخاص، فإنه على المدى المتوسط والبعيد يشكل خطرا استراتيجيا على وحدة  الأمة وأمنها الوطني، باعتباره سيُفسح المجال لإمكانية بروز بدائل سياسية متطرفة أكثر قدرة على تعبئة الناس وتوجيههم نحو العنف. وهو ما ينبغي استباقه قبل فوات الأوان من خلال الاعتراف أولا بخطورة ما يجري الآن من تحطيم منظم للحياة السياسة بشكل عام والحزبية بشكل خاص، والشروع في إعادة بناء الإطار العام للحركة السياسية في بلادنا من جديد، على أساس الأفكار لا الأشخاص، ذلك أن الأفكار عندما تتصارع تولد أفكارا جديدة، أما الأفراد إذا تصارعوا فلن يولدوا سوى الخراب والدمار ونحن لا نريد لبلادنا هذا البديل.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
3
  • Mohend Ali

    إني اشكرك من اعماق قلبي و أدعوا لك بالاستمرار في كتابة هذه الاسطر التي تنزل كالبلسم على قلوبنا ، كما أدهوا الله ان يطيل لك العمر بالمزيد و اى الأمام . وفقك الله

  • قادة

    هزال السياسةفي الجزائرراجع لطبيعة الاحزاب السياسية التي للاسف هي ليست احزاب بل في الحقيقةهي لجان مساندةلشخصية،والاكيف نفسر احزاب متباينة في الفكروفي المنهجية والبرامج لكنها تستغنى عن برامجهاحتى تطبق برنامج شخص الرئيس شفاه الله.السياسة في البلادهي سياسةالتبعيةللقوة اوللشخصيةلتعتلف من الريع وليس من اجل نشر افكار وتخطيط برامج وتنفيذ سياسات من اجل تحسين امور البلادوالعباد.السياسةفنياناس بهايكون القائد ومنهايخطط المنهاج وبها تطبق البرامج.لهذا ان لم يكون صقلهابالعلوم والمعارف والاخلاق فارضها تكون بور.

  • المشكاة

    المتأمل للحياة السياسية يدرك أنها باهضة التكاليف عديمة النفع وعليه أنصح كل غيور على هذا الوطن أن يركز على العمل الجمعوي الخيري والثقافي و كذا العمل الفردي للنهوض من جديد فهل تحتاج نظافة شوارعنا وطرقاتنا الى السياسة و قس على ذلك
    من الامثلة البسيطة مشكلة سيارات الاجرة بالمكان حلت بين المواطنين بصف الانتظار فأصبحنا نتمتع برؤية الانضباط ......