-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
مختصون يدعون الأولياء لحسن اختيارها لحماية نفسية وخيال أطفالهم

أدوات بأشكال غريبة وعدوانية تشتت تركيز التلاميذ!

وهيبة سليماني
  • 17103
  • 2
أدوات بأشكال غريبة وعدوانية تشتت تركيز التلاميذ!
أرشيف

قوراية: أبطال الكرتون والوحوش على المحافظ تتعارض مع عاطفة الطفل
بن حليمة: أشكال بعض الأدوات المدرسية “فخ” لتجريد التلميذ عن واقعه

اجتاحت الأدوات المدرسية مع الدخول الاجتماعي الجديد، الأسواق والمحلات، واختلطت مع المواد الغذائية، والأواني والعطور وتجارة المساحيق، وحتى الملابس، وأصبحت بألوانها الفاقعة وأشكالها المختلفة تتداخل مع ألعاب الأطفال لدرجة أنك لا تميز بينهما أحيانا.. انتشار واسع لتجارة الأدوات المدرسية ففضلا عن غلاء أسعارها في ظل جائحة فيروس كورونا فإن أشكالها الجديدة وضعت بعض الأولياء في حرج، وبين إرضاء الأبناء والعجز عن شرائها معركة نفسية أخرى تضاف إلى معارك يخوضها الجزائريون على جميع الأصعدة مع آثار الوباء.
أولياء يلجؤون إلى اقتناء أدوات مدرسية في غاية البساطة لتفادي الاصطدام مع الأسعار الملتهبة، وآخرون لم يجدوا حلا لإرضاء أبنائهم الذين جعلت منهم التطوّرات التكنولوجية رجالا صغارا يختارون الأدوات المدرسية التي يفضلونها، إلا دفع مبالغ مالية ولو بالاستدانة لشراء هذه الأدوات.

أدوات مدرسية غريبة تفرض تواجدها في الأسواق
سيارات، ومساحيق، دمى، وأقلام بشكل حيوانات، محافظ ممزوجة برسومات الأفلام إلكرتونية، وتحمل دمى من القش، ولاعات، ممحاة على شكل”كيتور”، وسجائر، وغيرها من الأشكال لأدوات مدرسية غريبة، تفرض نفسها في السوق مع الدخول المدرسي 2021، وكأنها جزء من عالم جديد يهيمن علينا في ظل جائحة فيروس كورونا المستجد.
ففي جولة استطلاعية ميدانية، إلى بعض المكتبات والمحلات والأسواق المغطاة “لابرادلي” في مختلف بلديات العاصمة، كان الاكتظاظ واضحا عشية الدخول المدرسي، وأطفال يبحثون بين الحجم الكبير للأدوات المدرسية، عن ما يرغبون فيه، وخلافات بسيطة بين الأولياء والأبناء ونقاشات طويلة، وأخذ وعطاء للتفاهم في الأخير عن شكل أو نوع أو لون المحفظة، المقلمة، الكراريس، علب العجين، الممحاة، الأقلام، المبراة، لأن بكل بساطة هناك ما يبهر ويثير الدهشة لحجم التنوع والاختلاف والتمايز، لكن السعر يلسع فيثير موجات من غضب الأولياء وهم أمام طفلهم الصغير الذي يثير الشفقة ويسيطر بسحر براءته وتلقائيته والحاحه على مشاعر أب أو أم قد يضطران لدفع المبلغ دون التفكير في العواقب.

خلافات مع الأولياء حول اختيار الأدوات
في محل بحسين داي، وقف طفل يتحدى والدته، أمام محفظة معلق بها دب أبيض من القش الناعم، يثير إعجاب حتى الكبار، وحاول إقناعها كرجل صغير بأن هذه المحفظة لا تود مثلها في عينه قيمة وإعجابا منذ أن جاب معها عدد من المحلات والأسواق، لكن الأم تحدثت معه بأسلوب هادئ تحاول أن ترضيه بأن يقلع عن فكرة شرائها لكي يترك من المبلغ الذي تحمله معها، نصيبا لشقيقه الأصغر.
وكان سعر المحافظ التي تحمل الدمى والمكتظة برسومات الأفلام الكرتونية، يتراوح بين 2000دج و5000دج، فإذا تمكنت هذه الأم من التأثير على ابنها وفي هدوء للتخلي عن فكرة شراء مثل هذه المحافظ، فإن طفلين كانا مع والدهما في مركز تجاري فتح مؤخرا في بالعاصمة، انساقا وراء رغبتهما الجامحة في شراء أدوات مدرسية تحمل معها أبطالهما المفضلين في عالم أفلام الكرتون، وما كان على الأب المسكين إلا شراء ما تعلق بقلبي ابنيه وهما يلحان بإصرار، والزبائن ينظرون إليهما بابتسامة ولطف.
وتعمد بعض الأولياء حسب ما فهمناه من آراء بعضهم، شراء أدوات مدرسية بأشكال ألعاب وتحمل أبطال أفلام الكرتون، خاصة لتلاميذ التحضيري والابتدائي، حتى لا تكون هناك قطيعة حسبهم بين العالم الخارجي والمدرسة التي يتعلم فيها أبناؤهم.

أدوات مدرسية من عالم الوهم تشوّش على التعلم
وفي السياق، قال الدكتور أحمد قوراية مختص في علم النفس وأستاذ بجامعة الجزائر، أن الدخول المدرسي لسنة 2021، 2022، لم يكن كما ينبغي، خاصة أن الحجر الصحي الذي طال لمدة طويلة بسبب كورونا الفيروس المستجد، ترك نفسيات هشة وسط الجزائريين، والأطفال على وجه الخصوص.
وجاءت الأدوات المدرسية، حسبه، بغلائها، وتنوعها وأشكالها الغريبة لتضغط على الأولياء والتلاميذ معا، حيث أن أغلب هذه الأدوات لا تتماشى مع العاطفة العقلية الطبيعية للطفل، وهي أغلبها بعيدة عن كونها أدوات علمية تحفز على التفكير وتجعله يعيش في محيط القسم ويركز مع الأستاذ.
ويرى قوراية، أن الرسومات والصور التي تحملها المحافظ والأدوات المدرسية، تجعل التلميذ يبحث في أعماقها ويطلق الخيال لتطويرها في ذهنه، ويسافر بعيدا عن أجواء القسم، فبدل الاهتمام والتركيز مع الأستاذ وفي الدرس، فإن ذلك يعيق عملية التحصيل التعليمي والتربوي.
وأوضح الدكتور احمد قوراية، أن هناك فرق بين الطفل الذي يتعلم مادة علمية، وبين الذي يغرق في مقارنة ويعيش خيالا في عالم الوهم، ويعيش مع الصورة التي هي على الأدوات المدرسية، فلا يرتقي إلى فهم الدروس، حيث يرتكز اهتمامه في رؤية نفسه في بطل الفيلم الكرتوني الذي هو أصلا لا ينتمي إلى عالم حقيقي، بعيدا عن المحيط الطبيعي الذي عاش فيه الطفل.

تلاميذ في القسم برداء مخلوقات خيالية
وحذر الدكتور أحمد قوراية من خطورة التباهي والتقليد الذي يعيشه التلميذ في القسم مع شخصيات وأبطال لرسوم متحركة يكون أبطالها لا ينتمون في أشكالهم وقصصهم إلى الحياة الواقعية التي تعود عليها الطفل، كأبطال من الفضاء وفي أشكال روبوتات، وأجسام طائرة، ووحوش، وهي تحمل كرسومات معهم إلى أقسام الدراسة، تجعلهم عنيفين، مسيطرين، يتخيلون أنفسهم أبطالا، ويتسبب التخيل الواسع للطفل في خوض معارك في تصوّره مثلما التي يخوضها أبطاله الكرتونيين الذين يتواجدون أمامه في المدرسة على الأدوات المدرسية والمحافظ، فيصاب بمرض نفسي يسمى “رداء الآخر”، حيث تغير الصورة ذهنية التلميذ وسلوكه، وقد يصاب بالتوحد، وغير قادر على الإبداع، والمبادرة.

برنامج أجنبي خفي لغرس سلوك غير جدي
وأكد أحمد قوراية، أن هذه الأدوات المدرسية الغريبة التي اجتاحت السوق الجزائرية تزامنا مع الظرف الاستثنائي لجائحة كورونا المستجد، هي رسائل مسطرة في شكل برنامج خفي من مخابر أجنبية، تعمل على تحقيق التأثير السلبي في عقول الأطفال الجزائريين، وجعلهم عدوانيين وتابعين من خلال رسومات وصور لأبطالهم المفضلين في عالم أفلام الكرتون، ترافقم إلى المدرسة عن طريق الأدوات والكراريس والمحافظ، فهذه الصور ليست إيجابية حيث تخلق جيلا يعيش في اللهو، واللعب، لا يلتفت إلى العلم، فهي أشكال ورسومات تعبث بعقله ونفسه وسلوكاته.
وكذلك يرى أن هذه الأدوات المحمولة بأيديولوجيا في صور وألوان، وأشكال، تبعد عن المواد العلمية التي تعصر العقل وتحفزه على البحث والتفكير، وتجعل التلميذ لصيقا بمواد أخرى أو بما هو غير جدي.

أدوات تصدم التلاميذ وتشتت تركيزهم
من جهته، قال الدكتور مسعود بن حليمة، أخصائي علم النفس العيادي، إن الأدوات المدرسية الغريبة بأشكالها وصورها تصدم التلميذ حيث يجد فيها غير الصورة التي بناها في عقله وسط عالمه الطبيعي، وخاصة إذا لم يشهد هذه الصور من قبل، فيبقى يركز فوق الطاولة، مشوش ومشتت الفكر، وقد يسافر بعيدا في الخيال.
واعتبر أن هذه الصور والأشكال والرسومات التي تحملها الأدوات المدرسية، “فخ” يبعد التلميذ عن الأساس المعرفي العلمي، الإنساني، ويجعله غريبا غير واقعي، شكليا غير متفهم، ولا يهتم بأعماق الأمور.
وأشار إلى أن هذه الصور تبقى في الخيال، ويكررها حتى تترسخ في ذهنه، وتشكل له شخصية عدوانية، وتجعله مضطربا، لا يملك قدرات الاستيعاب، لا يتكيف مع المحيط العائلي، مستهترا، لا يعطي أهمية للأستاذ ولا يفهم المناهج البيداغوجية باصطحابه لصور غريبة مبعوثة عبر الأدوات المدرسية من الخارج.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • علي كيروان

    لماذا لا تجرون حصص اوحتى مقال على ندرة الكتاب المدرسي وتهتمون بأشياء تعتبر ثانوية عند اغلبية الجزائريين...

  • الخلاط

    نفس السؤال الذي يُطرح حول الألعاب النارية : من سمح بإدخال هذه المنتجات أصلاً ؟