-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

أمة لا تفعل شيئا… هزات ارتدادية!

أمة لا تفعل شيئا… هزات ارتدادية!
أرشيف

مشهد مختلف الوُلاة، وهم يَعدّون لوزارة الداخلية ما حملته الشاحنات من قمامة في حملات التنظيف، التي شملت مختلف البلديات، وما أنجزوه حوالي الأودية من حواجز وأسوار، وصورة والي تبسة وهو يتجوّل من عل، عبر طائرة عمودية لمتابعة حركة أودية الولاية الجافة منذ عقود طويلة، وهرولة والي قسنطينة لتفقد واد يجري على بعد أمتار من مكتبه.. يؤكد أننا بلد يرتكب في حق نفسه جريمة “التخلف الصاخب” مع سبق الإصرار والترصد، ويمارس الخطيئة مع نيّة ارتكابها، من دون التفكير في أن يكون خير الخطائين مع التوّابين.
لا أفهم مبعث بهجة رؤساء البلديات والولاة ومديري البيئة ومصالح النظافة، وهم ينقلون بكل “فخر” في قسنطينة ووهران وفي غيرهما من الولايات الكبرى والصغرى أرقاما عن آلاف الأطنان من القمامة التي حملوها من مختلف الأحياء والتجمعات السكنية، ولا أفهم كيف كانت هذه الأطنان من القمامة تخنق المواطنين وتجاورهم في مسكنهم ومأكلهم وغدوّهم ورواحهم، وهم صمّ وعمي وكأنهم لا يفقهون ولا يعقلون.
ماذا ينفع أهالي ضحايا الفيضانات في تبسة وقسنطينة وباتنة، هذه الخرجات التي تأتي بعد أن تكون الكارثة قد دخلت البيوت وعاثت فيها موتا، خاصة أننا جميعا نعلم بأن حملات النظافة، وزعم الوقاية واتخاذ الإجراءات اللازمة لتفادي الأوبئة ومخاطر الزواحف والعقارب والفيضانات، إنما هي رد فعل مؤقت، يتبخر مع عودة بصيص من الهدوء، أما عن العمل المقنّن والمخطط له الذي يقوم به رئيس بلدية أو مدير ولائي أو والي ولاية أو حتى حامل حقيبة وزارية، من أجل وضع المواطن والبلد في ظروف معيشية لائقة، فذاك ما نفتقده، ليس بسبب تقاعس المسؤولين فقط، وإنما لأن المسؤوليات مُسندة إلى غير أهلها.
في الجزائر يهرع رئيس البلدية وفريقه العامل كلما جرفت السيول قطيعا من الغنم أو غرق طفل في حاجز مائي، ويركب الوالي سيارته ويجمع في مكتبه المديرين العامين عندما يجتاح وباء منطقته، ويبني مدير التربية جدارا جديدا عندما يقتل الجدار القديم تلميذا أو أستاذا، ولا نكاد نشاهد وزيرا يفكّر وينفذ إلا بعد أن تكون الواقعة قد قتلت هنا أو هناك، ويتحول ردّ الفعل إلى سلوك عملي دائم، وأحيانا إلى مشروع وبرنامج عمل، تتحكم فيه الظروف الطبيعية، ومزاج المواطنين، إلى درجة أن غالبية المسؤولين والمديرين والوزراء يدخلون مكاتبهم كما يدخلها رجال المطافئ، ينتظرون انجرافا للتربة أو حريقا هنا أو حركة احتجاجية هناك، من أجل التدخل والتحرك، وماعدا ذلك فلا يوجد أي مخطط حقيقي لأمن البلاد والعباد.
عندما تبتلى أمة بمسؤولين لا يحملون “سيوفهم” إلا بعد أن تكون “المعركة” قد انتهت بدحر “جيشهم”، فإن الأمر ليس معقدا إلى درجة المستحيل، وبقليل من الصبر سيغادر المسؤول وقد تتغير طريقة العمل، لكن المصيبة أن يعمّ الوباء كل الناس، فلا يلتفت الأب إلى أبنائه إلا بعد أن تهزه المأساة، ولا يلتفت المواطنون إلى نظافة حيّهم إلا بعد أن تقتلهم الكوليرا، عندها فقط، ندرك أننا صرنا أمة لا تفعل شيئا.. بل مجرّد هزات ارتدادية!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • ابن الجزائر

    ا تعتقد أنهم يؤ منون بالغاشي الراشي ؟هل هده الأدارة لا تعرف هدا ؟ اليوم اكتشفوا وفضحوا أمام العالم بهدا التسيير وهدا البرنامج الدي يشيتون له ما يقارب عشرون سنة ،هدا ما جعلهم ينتفضون ويشمرون ويعملون ويصورون لأن وسائلهم لم تقل يوما الحقيقة بل كانت تنقل الا الزيف مثل كميرة ولد عباس الدي خلقها يوم كان وزيرا مهمتها الوحيدة التشيات ،لا العمل ولا الحقيقة ،الآن العالم يتفرج عليهم ففضحتهم الكوليرا والكوكايين والغش والكدب فهم مستعجلون لأدراك ما فات أين أنت يا بن حمو وولد عباس وغول وسيدهم السعيد من تطبيق برنامج فخامته ،أنتم من أفشل برنامجه ومن بعده ستكدبون عليه نحن نطبق البنامج؟

  • العلم نور

    الوالي والمير والأب وكل مسؤول مديه الزف زف الدنيا , ويرونه بعيدا ونراه قريبا ,