-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
تحسّر على تراجع النفود الفرنسي.. دريانكور يعترف:

أوراق قوية بيد الجزائر للضغط على باريس

محمد مسلم
  • 7394
  • 0
أوراق قوية بيد الجزائر للضغط على باريس
أرشيف
كزافيي دريانكور

يعترف الفرنسيون بأن حظوظ مراجعة اتفاقية 1968 تبقى مستعصية، من دون موافقة الطرف الجزائري الرافض لخوض أي نقاش حول هذه القضية، التي تحولت إلى حصان طروادة بالنسبة لليمين الفرنسي الذي يريد إحراج الرئيس إيمانويل ماكرون، عبر ضرب مساعيه الرامية إلى إقامة علاقات مستقرة وندية مع الجزائر.
وقبل أقل من أسبوعين عن الموعد (غير الرسمي) للزيارة المرتقبة للرئيس عبد المجيد تبون، إلى فرنسا، تسارع الأوساط اليمينية بكل ما أوتيت من نفوذ سياسي ودبلوماسي وإعلامي، من أجل العمل على إفشال هذه الزيارة، أو على الأقل إدراج قضايا حساسة مثل مراجعة اتفاقية 1968 على أجندة الزيارة، بهدف واحد وهو تسميم هذا الموعد، الذي يراهن عليه رئيسا البلدين لإتمام ترميم العلاقات الثنائية.
وباتت “خرجات” الإعلام المحسوب على اليمين الفرنسي مركزة ضد هذه الاتفاقية، ومن ورائها الزيارة، وقد وجدوا في السفير الفرنسي السابق بالجزائر على مرتين، كزافيي دريانكور، أداة لتنشيط هذه الحملة، باعتباره شخصية تقدم في البلاتوهات الفرنسية، على أنه الدبلوماسي الأدرى بخبايا العلاقات الجزائرية الفرنسية، بحكم قضائه ما يقارب الثماني سنوات في الجزائر (عهدتين دبلوماسيتين) في سابقة لم تحدث من قبل.
وبعد تقديمه الأسبوع المنصرم، لوثيقة اعتبرت “خارطة طريق” في التعاطي مع ظاهرة الهجرة واتفاقية 1968، في ملتقى نظمته مؤسسة يمينية تسمى “فوندابول”، أرسلت نسخة منها لوزارة الداخلية، عاد دريانكور ليحظى بحوار مع خدمة “لوفيغارو مباشر”، نشطه رئيس التحرير، فانسون رو، في مشهد بدا وكأن القضية تتعلق بمسلسل لا تنتهي فصوله إلا بتحقيق هدف واحد تحرص عليه الأوساط المعادية للجزائر، وهو الإضرار بالعلاقات الثنائية عبر تحريك ملفات حساسة.
يتحدث السفير الفرنسي السابق، الذي نفى أن يكون قد تسبب في أزمة دبلوماسية بين الجزائر وباريس بسبب استهدافه المتكرر للمصالح الجزائرية، عن مزايا اتفاقية 1968 التي ليست في صالح بلاده كما يزعم، معددا إياها في حق الجزائريين في الحصول على الإقامة لمدة عشر سنوات، الأمر الذي اعتبره أكبر امتياز، فضلا عن الحق في “التجمع العائلي”، أي نقل العائلة من الجزائر للإقامة في فرنسا بعد حصول الزوج على وثائق الإقامة.
وتوقف الدبلوماسي الفرنسي أيضا عند حق الجزائريين في الحصول على الإقامة، دون الخضوع لشروط الاندماج في المجتمع الفرنسي، من قبيل إتقان اللغة الفرنسية، بالإضافة إلى عدم قدرة الإدارة الفرنسية على سحب وثائق الإقامة من الجزائري إلا بقرار من العدالة، فضلا عن إمكانية تحويل التأشيرة من تأشيرة الدراسة إلى ممارسة التجارة ثم مواصلة الإقامة بطريقة عادية، وكل هذه الامتيازات تبقى حكرا على الجزائريين دون غيرهم من التونسيين والمغربيين، بموجب اتفاقية 1968.
أما عن مبررات مراجعة اتفاقية 1968، فيرى الدبلوماسي المتقاعد أن الاتفاق جاء من أجل تسهيل تنقل الأشخاص غداة الاستقلال، وذلك بسبب وجود نحو مليون أوروبي (الأقدام السوداء) في الجزائر، الذين لهم روابط عائلية في بلدهم الأصلي فرنسا، غير أن الأقدام السوداء غادروا الجزائر مباشرة بعد 1962.
ويعتقد دريانكور أن هروب الأوروبيين من الجزائر بعد الاستقلال يعد مبررا كافيا لمراجعة اتفاقية 1968، لأن هذا المعطى خلق فراغا قانونيا بين 1962 و1968، ولذلك جاء التفكير في إبرام هذه الاتفاقية في 27 ديسمبر 1968، لتنظيم وتسهيل إقامة وتنقل الجزائريين في فرنسا، ومنحهم امتيازات لا يتوفر عليها غيرهم من جنسيات أخرى.
ووفق مؤلف كتاب “اللغز الجزائري”، فإن الاتفاقية تتحدث عن التأشيرات طويلة الأمد، غير أن القنصليات الفرنسية في الجزائر لم تمنح للجزائريين سوى نحو 100 ألف تأشيرة سنويا قصيرة الأمد، بمعنى أن الجانب الفرنسي لم يحترم اتفاقية 1968 التي تتحدث عن تسهيل تنقل الأشخاص، ولذلك يحاول بعض الفرنسيين اليوم تقنين رفض منح التأشيرات للجزائريين، عبر مراجعة الاتفاقية المذكورة، حتى لا يتهمون بخرق الاتفاقيات الثنائية، وهي التهمة التي يجب على السلطات الجزائرية توجيهها بقوة للجانب الفرنسي.
هذه الاتفاقية تمت مراجعتها ثلاث مرات آخرها في سنة 2011 ويومها كان دريانكور سفيرا في الجزائر، غير أن المراجعة الأخيرة تمحورت حول مسائل هامشية وثانوية، ولم تمس امتيازات الجزائريين -وفق الدبلوماسي الفرنسي- الذي يرى ضرورة توظيف ورقة التأشيرات لثني السلطات الجزائرية عن موقفها المتصلب.
ويعترف دريانكور بأن الأوراق التي بيد فرنسا للضغط على الجزائر أقل من تلك التي بيد هذه الأخيرة، والتي في مقدمتها ورقة الغاز، وهي المعضلة التي تعقد من مهمة سلطات باريس أيضا، فيما تحسر السفير الفرنسي السابق على تراجع فئة الفرانكوفيليين لصالح الفرانكوفونيين، الذين لا يدينون بالولاء لفرنسا.
وبخصوص المعوقات التي تحول دون مراجعة اتفاقية 1968، فهي ذات طابع قانوني، لأن الاتفاقيات الدولية أسمى من القوانين، كما أن الارتباط الحاصل بين اتفاقيات إيفيان واتفاقية 1968، هو ما قد يؤدي إلى “حالة من الالتباس” حسب بعض فقهاء القانون، في حين أن اتفاقيات إيفيان رسمت استقلال الجزائر، وهذا الأمر غير مطروح للنقاش.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!