-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

إساءة بليغة للإسلام

حسين لقرع
  • 656
  • 0
إساءة بليغة للإسلام

الجريمة المروِّعة التي ارتكبها مسلمان في لندن بحق جندي بريطاني، لا يمكن إلا أن تُدان بكل المقاييس، فهي إساءة بليغة للإسلام، ولا تخدم 1.5 مليار مسلم في شيء، بل ستُلحق بهم أفدح الأضرار وستُفاقم موجة “الاسلاموفوبيا”، وتصعّد جرائمَ الكراهية والاضطهاد ضد مسلمي المهجر وضد مساجدهم هناك.

لقد جاءت هذه الجريمة النكراء لتنسف تقريباً الجهود التي بذلها العلماءُ والدعاة في الغرب لسنوات عديدة لطمأنة الغربيين والتأكيد أن الإسلامَ دينُ رحمة وتسامح وتعايش مع أتباع باقي الديانات، وتمنح فرصة ًمن ذهب لليمينيين المتطرفين في أوربا وأمريكا وحتى في جنوب شرق آسيا، حيث يُضطهد مسلمو ميانمار وسيريلانكا وغيرُهم في الأشهر الأخيرة، لتصعيد حملاتهم على الإسلام والمسلمين، والزعم بأن الإسلام “دينُ عنف وإجرام” كما فعل مئاتُ المتظاهرين الساخطين على جريمة قتل الجندي في قلب لندن.

هذان المسلمان اللذان قتلا الجندي البريطاني ومزقاه بالساطور ونكّلا بجثته ودعيا المارة إلى تصوير المشهد بالكاميرات.. يُعدّان من أكبر مشوِّهي الصورة الناصعة للإسلام وإن زعما “خدمته والدفاع عنه” أو تذرَّعا بجرائم الجيش البريطاني في أفغانستان وقبلها في العراق ومناطق أخرى، لمحاولة تبرير جريمتهما؛ ذلك أنهما منحا ذريعة من ذهب لغلاة اليمين المتطرِّف لتصعيد الهجوم الحاقد عليه ومواصلة تأليب شعوب العالم ضده، وكذا إضعاف حجج المدافعين عنه، كما أن جريمتها الفظيعة قد تجعل الآلاف من الغربيين الذين بدأوا يتعاطفون مع الإسلام ويفكرون في اعتناقه، يُحجمون عن ذلك الآن وهم يتابعون تفاصيل هذه الجريمة المنسوبة إليه ظلماً، ثم إن هذين المسلمين لم يلتحقا بأفغانستان لمقاتلة الجنود البريطانيين وباقي قوات الاحتلال المنضوية تحت لواء الناتو، وجهاً لوجه كما يفعل مقاتلو طالبان، بل فضَّلا الفتك بجندي بريطاني آمن وقتله غيلة وغدراً.

وسواء كان هذان المسلمان سويِّين أو مختلّين نفسياً وعقلياً، وهو الأرجح، فإن عملاً كبيراً ينتظر دون شك العلماءَ والدعاة لإقناع ملايين الشبان المسلمين في مختلف بقاع العالم، وبخاصة الذين يعيشون في شتى بلدان الغرب، بضرورة التحلي بالوسطية والاعتدال وضبط النفس وعدم الاندفاع والتهور وارتكاب الحماقات والجرائم بذريعة الدفاع عن الإسلام والمسلمين والرد على جرائم جيوش الغرب في أفغانستان أو غيرها، فمن أراد منهم ذلك، فما عليه إلا أن يلتحق بجبهات القتال المفتوحة، بدل أن يقتل الناس غدراً في عُقر ديارهم بطرق سادية رهيبة لا يقترفها عادة إلا غلاة المجرمين المضطربين نفسياً.

إن مظاهر الغلوّ والشطط وردود الأفعال الخاطئة على إهانة الإسلام والمسلمين في العالم، هي أخطر التحديات التي تشوّه وجه دين الله اليوم وتعطي المزيد من الذرائع للإعلام الصهيوني والغربي المتحالف معه ليزيده تشويهاً ومسخاً، وعلى العلماء التركيز على مكافحة هذه الآفة بكل جدّية ويخصصوا لها وقتاً وجهداً كبيرين لإنقاذ آلاف الشباب من مستنقع الغلو الذي يُعدّ أحدَ أخطر التحديات التي باتت تواجه الإسلام وتهدّد المسلمين في الصميم.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!