-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
رغم‭ ‬أن‭ ‬المغرب‭ ‬فعلت‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬لضمان‭ ‬ولائهم‭ ‬وخضوعهم

البوليساريو‭ ‬حاضرة‭ ‬بقوة‭ ‬في‭ ‬قلوب‭ ‬الصحراويين‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬المحتلة

الشروق أونلاين
  • 16410
  • 6
البوليساريو‭ ‬حاضرة‭ ‬بقوة‭ ‬في‭ ‬قلوب‭ ‬الصحراويين‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬المحتلة

أثناء ذلك الغضب الجامح الذي ظهر على الشاب أحمد وهو يروي لي معاناتهم مع الفقر والظلم والتسلط، نادى عليه بومبا وهمس له في أذنه، عرفت أنه يطلب منه السكوت وعدم كشف مثل هذه الأمور لي، بل سمعته يقول: “أنا جئت عندكم بضيوف وعيب أن يسمعوا منكم هذا الكلام” لكن أحمد ابتسم بسخرية وعاد إلي مسترسلا: “أعرف أن الجزائريين شرفاء وهذه هي الحقيقة التي يجب أن تعرفها منا نحن سكان الصحراء وليس المغاربة الذين يحتلون بلادنا، أو المرتزقة من مثل هؤلاء«، وأشار بسبابته إلى صاحبنا الذي اسود وجهه من الحنق والغيض.

  • أما الأستاذ الجامعي الإسباني وشقيقه، فقد انشغلا بأخذ صور تذكارية للمكان، وأحيانا يستمع لترجمات يقوم بها صاحبنا، ولديّ شك في سلامة الترجمة، لأننا أحيانا نتحدث في أمر جدّي ومحزن عن إستغلال الأطفال بطرق لا تمت بصلة للقوانين الدولية، ولكن الأستاذ الجامعي بعدما‭ ‬يتلقى‭ ‬الترجمة‭ ‬بلغته‭ ‬الإسبانية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يتقن‭ ‬سواها،‭ ‬يضحك‭ ‬مقهقها،‭ ‬مما‭ ‬يوحي‭ ‬أن‭ ‬الحال‭ ‬لم‭ ‬يصله‭ ‬كما‭ ‬هو‭.
  • لم يصبر صاحبنا كثيرا على إصرار أحمد وياسين على التحدث بصراحة، وإعلانهما مواقفا لا تتماشى وطموحاته التي أراد أن يوصلها لنا من خلال هؤلاء السكان، وزاد الطين بلة لديه هو تدخل صهرهم الذي كان قبلها يلتزم الصمت ويعدّ لنا الشاي، حيث قال بالحرف الواحد:”لن نقبل بالمغرب أبدا ولو نموت جميعا«، حينها وقف صاحبنا طالبا منا المغادرة، إلا أن الرجل صمم على توصيل فكرته قائلا: “لن نقبل إلا بالحرية التامة والكاملة«، فرد عليه صاحبنا: “الحكم الذاتي هو حرية كاملة لنا«، فرد عليه من دون أن يلتفت نحوه، بل سمر نظراته في وجهي وهو يقول:‮”‬الحرية‭ ‬التامة‭… ‬الحرية‭ ‬التامة‭… ‬ولن‭ ‬نقبل‭ ‬عنها‭ ‬أي‭ ‬بديل‮”‭.‬
  • غادرنا المكان الذي إختاره لنا صاحبنا بنوايا مسبقة ومبيتة، وتساءلت في قرارة نفسي عن الحال في الخيمات الأخرى، فالرجل هو من قصد بنا هؤلاء الأشخاص الذين على ما يبدو كان يعتقد مؤازرتهم له في نشاطاته، وبالرغم من ذلك وجدتهم ثائرين ضد المغرب وضد حتى من أمثال صاحبنا‭ ‬ومن‭ ‬معه،‭ ‬الذين‭ ‬وصفهم‭ ‬أحد‭ ‬المتحدثين‭ ‬بأنهم‭ “‬مرتزقة‭ ‬لم‭ ‬يحققوا‭ ‬غايتهم‭ ‬مع‭ ‬الجبهة‭ ‬في‭ ‬الجزائر‭ ‬وإسبانيا،‭ ‬فلجؤوا‭ ‬إلى‭ ‬المخزن‭ ‬يعرضون‭ ‬خدماتهم،‭ ‬وهم‭ ‬لا‭ ‬يساوون‭ ‬جناح‭ ‬بعوضة‭ ‬لدى‭ ‬الصحراويين‭ ‬الشرفاء‮”‭.‬
  • اتجه بنا صاحبنا الذي كان ناقما من أصحاب الخيمة التي إستقبلتنا، وراح يبرّر لنا تلك المواقف بأنها عدائية فقط ولا أساس لها من الصحة، فقلت له: “لماذا لم ترد عليهم في حينها؟«، فأجاب: “لا أريد أن أدخل في كلام لا أساس له”. قلت له: “لكن يظهر على ملامحهم الصدق وعلى واقعهم المزري ما يؤكد صحة أقوالهم«. تهرّب من الجواب بالتحدث إلى مرافقنا الإسباني فرناندو، إلا أنني أضفت له: “أعلم جيدا أننا نميز بين الكاذب والصادق، ولكن لما دخلت الداخلة ولم أجد لا مناشير ولا شعارات تحريضية على الجدران، كنت أعتقد أن البوليساريو لا أثر لها، ورحت أفتش عن الجبهة بين الجدران والشوارع والمحلات، ولكن بعد ثلاثة أيام لم أجد في قلوب الصحراويين سواها، وأما المغرب وإن ظهر عبر اللافتات وصور الملك والأعلام، إلا أنه لا مكان له بين الصحراويين«، وأضفت مؤكدا له: “هل يعقل أنني لما وصلت رحت أفتش عن البوليساريو في المدينة التي تلبس حلة هادئة، وعندما حان وقت المغادرة لم أجد سوى البوليساريو برغم أنك تطمسون معالمها في كل شيء، والأمر الواحد الذي عجزتم فيه هو عمق الشعب الصحراوي الذي صعب أن ينال منه«.
  • لما كنا نستعد للذهاب نحو المطار، ونحن قبالة الساحة الرئيسية للمدينة، تقدم منا شخص في الأربعينات من عمره، وقد تعرف علي من قبل وتابع محاضرتي، طلب مني أن أفضح الظروف والممارسات ومأساة الصحراويين في الداخلة والعيون والسمارة وباقي المناطق الأخرى، بل هب يهاجم من وصفهم بالخونة، الذين يريدون المتاجرة وكسب المال وودّ المخزن على حساب الفقراء والمساكين وحقوق الصحراويين، بل غمز حتى الجمعيات التي تنشط بإيعاز من الحكومة المغربية، من أجل تفعيل ما تسمى “الدبلوماسية الموازية« لتجنيد المجتمع المدني الصحراوي، ضد خيارهم التاريخي‭. ‬
  • وأضاف المتحدث نفسه وبحديث متقاطع ومضطرب:”نحن كصحراويين لا نحب إلا الحق والرجال… الجزائريين أبطال…«. وذهب أبعد من ذلك ونكاية في رئيس الجمعية الذي كان معنا: “نحن نحب الرئيس الفحل هواري بومدين… لا نكره إلا الخونة والمرتزقة… أنا شخصيا أريد الحرية أكره العبودية«، ويزيد: “لم ولن أقبّل يد أحد، ولو يكون ملكا ابن ملك وجده ملك«… ثم هم بالمغادرة ولسانه يردد كلاما فيه السب والشتم للمغرب والخونة والمرتزقة كما كان يقول، ويلعن الفقر والميزيرية، ولكنه في خضم ثورته طلب مني أن أبلغ سلامه لكل الجزائريين والأحرار. ولما‭ ‬ابتعد‭ ‬عنّا‭ ‬إلتفت‭ ‬إليّ‭ ‬أحد‭ ‬المنظمين‭ ‬قائلا‭: “‬إنه‭ ‬مخمور‭ ‬ومختل‭ ‬عقليا‮”،‭ ‬فقلت‭ ‬له‭: “‬الرجل‭ ‬واعي‭ ‬ويعرف‭ ‬ما‭ ‬يقول،‭ ‬وهل‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬يخالفكم‭ ‬الرأي‭ ‬تتهمونه‭ ‬بالجنون؟‮”‭.‬
  •  
  • وداعا‭ ‬أيتها‭ ‬الداخلة‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬نلتقي‭ ‬أبدا
  • في الساعة التاسعة والنصف من مساء الأربعاء 28 جويلية، غادرت الداخلة نحو أكادير، ولم أكن كما وصلت أول مرة، فقد جئت من أجل الحقيقة، وتوصلت إليها على مدار ثلاثة أيام ولو بقيت أكثر من ذلك لوجدت ما يعجز حبري على إحتواءه. لقد قررت أن أنقل مشاهداتي بصدق وأمانة من دون التحيز لأي طرف كان، فقد عرف عنّي ذلك منذ سنوات، والشيء المؤكد في رحلتي هذه أنه برغم ما يبذل من جهد وما تصرف من أموال ضخمة، وبرغم التشويه والتعتيم والحصار الذي يلف عنق الصحراويين في هذه البلاد المنكوبة، إلا أنني وجدتهم كالطود الشامخ، بينهم من يختلف في بعض‭ ‬أطروحات‭ ‬البوليساريو،‭ ‬وآخرون‭ ‬ينتقدون‭ ‬ويخالفون‭ ‬بعض‭ ‬المسؤولين‭ ‬في‭ ‬الجبهة،‭ ‬بل‭ ‬يوجد‭ ‬حتى‭ ‬من‭ ‬يرفض‭ ‬بعض‭ ‬المواقف،‭ ‬لكن‭ ‬الشيء‭ ‬الوحيد‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يختلف‭ ‬فيه‭ ‬بينهم‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭ ‬وهو‭ ‬تقرير‭ ‬المصير‭.‬
  •  أما الحكم الذاتي الذي يطرحه المغرب فلم ألمس عنه شيئا لدى السكان الحقيقيين في هذه المدينة التاريخية وكل ضواحيها التي وقفت بها، ولو تعمقت أكثر لربما خرجت مبهورا من إرادة هؤلاء التي لم يزعزعها الإذلال والتجويع والتفقير والتيئيس الممنهج والمسلط على رقابهم.
  • في الختام أشهد الله أنني لم أقل إلا الحقيقة، وأقسم به تعالى أنه لم أنحاز إلى أي أطروحة مهما كان شأنها، بل كنت باحثا استجلي الأكمه وما وراءها، وفي الميدان وليس عبر أجهزة الحاسوب أو في الإستديوهات المكيفة. لقد صممت أن أنقلها لله ثم للتاريخ، كما وجدتها من دون‭ ‬تحيز‭ ‬أو‭ ‬تغيير‭ ‬أو‭ ‬تلوين‭ ‬أو‭ ‬أدنى‭ ‬تحفظ،‭ ‬كما‭ ‬أعلم‭ ‬أنني‭ ‬سأتعرض‭ ‬للسخط‭ ‬وحملات‭ ‬تشويه‭ ‬جديدة،‭ ‬لكن‭ ‬لا‭ ‬يهم‭ ‬فقد‭ ‬ألفت‭ ‬ذلك،‭ ‬وكل‭ ‬شيء‭ ‬يهون‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الحق‭ ‬والحقيقة‭. ‬
  • كما أؤكد على أن هذه الرحلة كانت فرصة العمر بالنسبة لي، وربما ستكون الأخيرة، وقد غيرت في ذهني الكثير من الحسابات والتصورات والمعطيات، بحكم ما لمسته في أرض الواقع، وليس ما نقرأه ونجده في وكالات الأنباء والصحف والفضائيات والمواقع والمنتديات…  وبحق كانت ثلاثة‭ ‬أيام‭ ‬في‭ ‬الصحراء‭ ‬الغربية‭ ‬ومع‭ ‬شعب‭ ‬طيب‭ ‬وصبور‭ ‬لا‭ ‬يؤمن‭ ‬إلا‭ ‬بتقرير‭ ‬المصير‭ ‬ولا‭ ‬يخضع‭ ‬لأي‭ ‬أجندات‭ ‬أو‭ ‬إملاءات‭ ‬أو‭ ‬إغراءات‭… ‬فوداعا‭ ‬أيتها‭ ‬الداخلة‭ ‬الشماء‭.‬
  • انتهى 
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
6
  • Adnane SAHRAOUI

    Je vous demande mon frere de faire un saut à Tizi Ouzzou Oubie Bejaya et toute la kabylie pour voir la souffrance de nos freres Amazigh qui sont les vrais algeriens .Viva Sahara Viva Marruecos

  • neelhassa

    الناس الدين عاشوا بمخيمات تيندوف يعرفون حقيقة البوليساريو القاسية لدلك يفرون كل يوم بالعشرات اما سكان الصحرإءفلهم ان يحلموا

  • جمال الصحراوي

    و الله العظيم لقد صدق الرجل اقولها هنا وانا لم اجده اثناء زيارته ارض وطني المغتصبة لكنه نقل شعوري وشعور كل الصحراويين بامانة .فنحن نحياء لشئ واحد ان نكون احرار فوق ارض وطننا دون ان نستعبد كما قال الشهيد الولي اما ان نحيا عظماء فوق التراب او عظام تحت التراب

  • sam

    متى إستعبدوا الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا إن المغرب متحالف مع أمريكا وتحت الحماية الفرنسية ومطيع لإسرائيل فبهذه النقاط المغرب متعربد على الشرعية الدولية مثله مثل إسرائيل تماما في تعنتها يا أيها المللك خاف الله في هذا الشعب يا سيدي الناس ما طلبوا المستحيل فهم قالوا الإستفتاء وهذا هو عين الصواب إن كان الإندماج فخذها حلال زلال عليك و إن كان الإنفصال عن العربدة فمبروك عليهم يا سيدي هذه الشرعية الدولية والله لن تستطيع أن تكذب على الناس والعالم طول الوقت إن كنت قد كذبت بعض الوقت فنصيحتي لك الرجوع إلى الله والرفق بهذا الشعب الطيب فلربما يكون رده في الإستفتاء أنه مع الوحدة من قال لماذا ترفضون الإستفتاء إن كنتم تقولون بأن الصحروايين كلهم مع المغرب فهل أنتم تخافون من الأشباح أن تظهر يوم الإستفتاء والله الغبي يفهم ياسيدي المللك

  • hadi

    il serait tres interessant de faire un saut a Tizi ousou pour constater a quel point on aspir a la liberte

  • AMIRA

    إذ١ اراد شعب لحياة فلابد ١ن يستجيب القدر