-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

التسقيف والتفقيس!

التسقيف والتفقيس!

ما تعانيه الجامعة الجزائرية التي “يقطن” بين أسوارها قرابة مليوني طلبة وطالبة، يحتاج فعلا إلى ثورةٍ تقودها السلطة وتضع الطالبَ الجامعي في سكة طلب العلم، وليس غيره، في منظومة جعلناها من دون أن ندري وأحيانا كنا فيها على دراية، لتفقيس المتخرّجين بأعدادٍ قياسية، من دون الالتفات إلى النوعية المطلوبة والمرغوبة، فصرنا الأوائل من دون منازع في القارة السمراء، وربما في العالم في عدد الطلبة الجامعيين، وعدد الجامعات والمراكز الجامعية وعدد المتخرِّجين سنويا بمختلف الشهادات العليا وبميزانية منحت الطالبَ المنحة والأكل والإقامة والنقل، من دون اللمجة العلمية الحقيقية، فجاءت مراتبُنا متأخرة في هذا المجال.

يبدو قرار وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بوضع شبكة تقييم وانتقال خاصة، لا تسمح بتخييم الطالب تحت ظِلال الجامعة إلى الحدّ الذي شابَ فيها الكثيرون وعجز، خطوة قد تذكّر بعض الطلبة من المتسكعين بين الأقسام والمدرّجات بأن الجامعة مجرّد محطة خفيفة من الحياة، ينهل فيها المعارف والتكنولوجيات وينتقل إلى الحياة العملية، ليساهم في بناء ذاته ووطنه، وليس محطة للراحة والاستجمام والاستفادة من وجبات وغرف وخدمات النقل الرمزي الذي وصل بنا إلى درجة أن بعض الطلبة والطالبات يصابون بالخيبة إذا وجدوا أنفسهم، ضمن قائمة الناجحين، لأن الشهادة التي تُمنح لهم ستحرمهم من فترة الاستجمام.

قرار وزارة التعليم العالي، سيحدد سنوات الرسوب المسموح بها في كل طور وكل شُعبة؛ فمن غير المعقول أن يبقى الطالب أكثر من عشر سنوات ليتخرَّج مهندسا معماريا أو صيدليا، أمضاها في انتظار امتحانات الاستدراك، فارضا على المنظومة أن تعيش لأجله في رحلته السلحفاتية نحو الشهادة، ومن المؤسف، أن نجد العديد من رؤساء المنظمات الطلابية والناشطين فيها، من الذين بلغوا فعلا من العمر عتيّا، يعلكون سنوات التعليم، ويتحدثون باسم الطالب، ويوهمون الناس بأن همّ الطالب مجرد خدمات مختصرة في الطعام والمبيت فقط، ولا يكادون يذكرون لبّ الجامعة وعقلها أبدا، مما جعل مختلف المسؤولين الذين يسهرون على الجامعة في العقود الأخيرة، لا يتحدثون إلا عن عدد الإقامات الجامعية والمطاعم ووسائل النقل التي يجب توفيرها للطلبة، في سياسة تفقيس من دون تسقيف.

لا يكفي التسقيف الذي تنوي الوزارة إقراره، من دون استكمال التغييرات الشاملة من أجل تحويل الجامعة إلى قاطرة النهضة، فقد عشنا سنوات طويلة ببعض المسؤولين وفي كل القطاعات ممن لا يمتلكون شهادات جامعية، وعشنا سنوات أخرى بمسؤولين يحملون شهادات جامعية، لكنهم معدومو الكفاءة بسبب سوء الزاد العلمي المقدَّم في كلياتنا، وحان الوقت لأجل جعل الشهادة الجامعية ضمانا لحاملها وللقطاع الذي يستقبله في العمل، بأن تكون حلا صارما وسليما وليس مشكلة، كما هو الشأن في بعض الشُّعب التي تقدِّم لسوق العمل متخرّجين لا يحسنون كتابة طلب عمل، فما بالك بالعمل نفسه.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!