التفاف أطال في أمد قضية الصحراء الغربية

طالت قضية الصحراء الغربية ولا حل عادل في الأفق القريب، مبادرات الأمم المتحدة، تعددت، مبادرة تلو مبادرة، والحل أبعد ما يكون، لتظل قرارات الشرعية الدولية جامدة في أوراق محاضرها، بينما الشعب المرتقب نيل حق تقرير المصير يزداد معاناة.

ما عرفت شمال إفريقيا أزمة بحجم أزمة الصحراء الغربية منذ عقود تصفية المستعمرات، وتفكيك قواعدها الاستيطانية، حتى تحولت لبؤرة توتر في إقليم المغرب العربي الكبير، تنذر بمعطيات لا ينتظر أحد مخاطرها أمنيا وسياسيا، تنعكس بآثارها على قارة إفريقيا المثخنة بأخطر الأزمات وأكبر التحديات الراهنة.

وضع واقع الصحراء الغربية شمال أفريقيا في منطقة أزمات، حسب توصيف أممي، سيطرة المملكة المغربية على جزء كبير منها خلافا لقرارات المجتمع الدولي وعمدت إلى تغيير تركيبتها السكانية، ويعيش في جزئها المتبقي أبناء الشعب الصحراوي، الذي اضطرت قطاعات واسعة منه إلى العيش في مخيمات اللجوء في ولاية تندوف.

امتدت قضية الصحراء الغربية في مسار زمني طويل، يكاد يصل إلى نصف قرن منذ انسحاب المستعمر الإسباني، وملفاتها تدور بين دوائر هيئة الأمم المتحدة، والاتحاد الإفريقي، أملا في إيجاد حل مصيري لأكثر من نصف مليون نسمة، يتطلعون لحياة آمنة فوق أرض يمتلكون سيادتها.

قرارات تحمل حلولا غير ملزمة، أو فاقدة لأدوات تنفيذية، تصدرها هيئة الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي، لا يمتلكان سوى إقرارها، قبل وضعها في أرشيف مشاريع الحلول السياسية غير القابلة للتطبيق.

تم احتلال الصحراء الغربية من قبل إسبانيا حتى أواخر القرن العشرين، وهي اليوم ضمن قائمة الأمم المتحدة للأقاليم غير المحكومة ذاتيا وذلك منذ عام 1963 بعد ما قدم المغرب طلبا بهذا الخصوص.

أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1965، أول قرار بشأن قضية الصحراء الغربية، بعد مساءلة المستعمر الإسباني، يدعو إلى إجراء استفتاء من أجل تقرير مصير المنطقة.

تخلت أسبانيا عام 1975 عن الرقابة الإدارية للإقليم، ثم منحت هذه الرقابة لإدارة مشتركة من قبل المغرب وموريتانيا، قبل اندلاع حرب بينهما حول ملكية أراضي الصحراء الغربية، قبل أن تعلن جبهة البوليساريو الممثل الشرعي الوحيد للشعب الصحراوي عن تأسيس الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية العضو في الاتحاد الإفريقي، وتشكيل حكومة المنفى في تندوف، باعتراف 37 دولة.

اتضحت معالم الحق الشرعي للشعب الصحراوي منذ البداية، موثقة في محاضر الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي لا يعترف أعضاؤها بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، ملتزمين بمبدأ حق تقرير المصير.

لكن التلاعب على قاعدة المصالح السياسية الضيقة، دفع فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية إلى دعم سيطرة المملكة المغربية على ثلثي الأراضي الصحراوية، ووضع روسيا على خط ما وصفته بـ”الحياد” دون اعتبار لحق الشعب الصحراوي المشروع بقرارات المجتمع الدولي.

موقف المجتمع الدولي المتراخي أدى إلى إطالة قضية الصحراء الغربية، في ظل تناقض مواقف بعض الدول بين الالتزام بقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة، والالتفاف عليها في علاقات ثنائية، تمنح ما لا تمتلك.