-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

التكوين في الدكتوراه: عرفنا عروض التكوين ولم نعرف عروض العمل!

التكوين في الدكتوراه: عرفنا عروض التكوين ولم نعرف عروض العمل!

افتُتِحت في أول يوم من أيام شهر رمضان المبارك هذا العام السنة الجامعية لطلبة الدكتوراه بتنظيم جديد في هذا الطور تَمثَّل في إضافة تكوين تكميلي يدوم سنة، إضافة إلى التكوين المتخصص المعتاد خلال ذات السنة. اعتمد هذا التكوين التكميلي 4 محاور: التعليمية في البحث العلمي والبيداغوجيا، الفلسفة، تحسين المستوى في اللغة الانجليزية، تكنولوجيا الإعلام والاتصال في البحث العلمي والبيداغوجيا. وبقدر ما كانت فرحة الفائزين في هذه المسابقة بانطلاق تكوينهم الأولي بقدر ما كان التفاعل مع هذا التكوين التكميلي والتساؤل عن فحواه وارتباطه بعروض العمل المُتاحة.

لقد لاحظتُ ككل عام، بهذه المناسبة، ذلك الكنز  الكبير الذي تمتلكه الجزائر من طاقات شابة في كافة التخصصات كلها إرادة وعزم على خوض مجال البحث العلمي في أعلى المستويات، وبقدر ذلك الشعور بالأمل في ما نملك من قدرات الذي ما فتئ يغمرني في كل مرة أرى فيها دفعة جديدة من الشباب الطموح، بقدر ما تُلِح عليّ صور الواقع الذي أعرفه ميدانيا بأسئلتها المُحرِجة: هل سيستفيد المجتمع الجزائري والاقتصاد الوطني من هؤلاء، كيف نَمنع عنهم الوقوع فيما وقع فيه مَن سبقهم في شراك البطالة أو البحث عن طريق للهجرة؟ كيف نستبق أوضاع الدفعات الحالية حتى لا تُهدَر ملايير الدينارات وملايين ساعات العمل والجهد الذي سيبذله هؤلاء الطلبة والطاقم المؤطِّر لهم من أساتذة وإداريين؟ هل سيساعد التكوين التكميلي المُقتَرح هذه السنة في حل مشكلة طالب الدكتوراه المتخرج من حيث فُرص العمل والإدماج في الاقتصاد الوطني وعدم تضييع نتائج استثمار عائلي وحكومي مدته لا تقل عن 20 سنة؟

يبدو أن الهيئة الوصية فَكَّرت في هذا البرنامج التكميلي بغرض الإجابة عن هذه الأسئلة. ولعل هذا ما يُفَسِّر إدراج  الحصول على مستوى ب1 أو س1 في اللغة الانجليزية لمواصلة مسار البحث، أو إدراج التكوين في مجالي المقاولاتية والتَّمكُن من التكنولوجيات الجديدة للإعلام والاتصال في المحورين الثاني والثالث، فضلا عن إضافة مادة الفلسفة لجميع المتكونين في جميع التخصصات التي ستعني تمكين الطالب الباحث من امتلاك أسلحة جديدة تساعده على  التعامل مع محيطه والتكيف معه وفهم أبعاد العمل الذي يقوم به…

إلا أن هذا التصور، الذي يدل على وجود عناصر رؤية موضوعية لِما ينبغي أن يكون عليه التعليم العالي في الطور الثالث، هل بإمكانه مواجهة صعوبات الواقع، ويَمنَع عن طلبتنا اليوم الوقوع فيما وقع فيه أولئك الذين تخرجوا منذ سنوات قبلهم؟

لقد عايشتُ البعض منهم، وأعرف الظروف التي هم فيها، وأُدرِك أنه علينا إعادة طرح السؤال المتعلق بطلبة الدكتوراه بطريقة معكوسة: قبل التفكير في جعل التكوين ممتازا أو متكاملا، أو تجديد عروض التكوين علينا أولا أن نسبق في ضبط عروض العمل.

إننا نعرف مثلا أن العدد الإجمالي لعروض التكوين لهذه السنة 310  عرض في جميع التخصصات. ونعرف أن عدد طلبة الدكتوراه الجدد لهذا العام هو 6010 طالب؟ فهل نعرف كم هو عدد عروض العمل؟ وهل يستقيم أن نزيد عروض التكوين، ونسعى لتحسين نوعيته، ولا نُفَكِّر في جعلها مُتناسبة مع عروض العمل؟ أليس الأصح هو أن نبدأ بالتعرف على عروض العمل المُتاحة في سنة 2027 وما بعدها قبل إدخال التحسين المناسب على التكوين؟

لعلي أكاد أجزم أن الأمل سَيعُم كافة طلبتنا في هذا المستوى، لو أنهم علموا أنه تم عكس المعادلة القائمة في مجال التعليم العالي لتُصبح كالتالي: عروض العمل إما تساوي أو هي أكبر من عروض التكوين…

هل من تنسيق على أعلى مستوى حكومي للتفكير في هذا؟

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!