-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الجزائر أولا

الجزائر أولا
ح.م

تشهد الجزائر اليوم حدثا تاريخيا كبيرا في ظل حالة غير مسبوقة من الاستقطاب الذي وصل إلى درجة التنابز والشتم والتخوين والاعتداء الجسدي للمخالفين في الموقف السّياسي، وهي حالة خطيرة تنذر بتطورات أسوأ إذا لم يتم لجم المتطرفين في القول والفعل، فقد عمد بعض المقاطعين الذين أعطوا لأنفسهم الحق في ممارسة الوصاية السياسية على غيرهم، ووصل بهم الأمر إلى محاصرة القنصليات وإهانة وشتم كل من ذهب للانتخاب، ولم يحترموا في ذلك امرأة ولا شيخا كبيرا وقدموا للعالم صورا تثير التقزز والاشمئزاز كسرت ذلك الانطباع السائد على سلمية الحراك الجزائري وحضاريته.

وكذلك يفعل بعض المساندين للانتخابات، والذين لا يعتبرون مقاطعة الانتخابات حقا يحتفظ به الناخب لنفسه، إذ عجت مواقع التواصل الاجتماعي بمناشير تدعو إلى الكراهية والتفريق بين الجزائريين على أساس جهوي أو عرقي، وتكفي جولة واحدة للوقوف على الهوة العميقة التي نزل إليها البعض، وكأن الوطنية حكر على الذي يتوجه إلى صندوق الاقتراع، وكل من لا ينتخب خائن وعميل للخارج!

لهؤلاء وأولئك نقول: أنتم جزء من المشكلة ولستم جزءا من الحل للأزمة السياسية التي تعيشها الجزائر، لأن الذي يريد أن يخدم الجزائر عليه أن يساهم في تكريس مبدأ الاختلاف في الرأي، لا إقصاء المخالفين واتهامهم بأشنع الأوصاف وأقبحها.

ما معنى أن تقوم مجموعة من المنحرفين سياسيا بإهانة مجاهد تجاوز عمره قرنا كاملا ويجعلونه ينتخب في سلة مهملات؟ وما معنى أن يتم تصوير المنتخبين في القنصليات والتشهير بهم وشتمهم وتوثيق الجريمة في فيديو ونشره على نطاق واسع؟

يجب أن يعلم هؤلاء المنحرفين أن الكثير من الجزائريين الغيورين الذي لم يكونوا مقتنعين بالانتخاب في ظل هذه الظروف، قد قرروا الذهاب إلى مراكز الانتخاب واختيار “المرشح الأبيض” بالورقة الملغاة، وذلك ردا على الغلاة والمندسين في صفوف المقاطعين، وحتى لا تقع الجزائر في مخالب المغامرين وأغلبهم يتمتعون بجنسيات أخرى في الخارج.

يجب الاستماع إلى أصوات العقل والتخلي عن عقلية “أنا أو لا أحد” واحترام أفكار الناس وتوجهاتهم واختياراتهم وتهذيب الممارسة السياسية وتخليصها من فكرة إلغاء الآخر وتشويهه والإساءة إليه، والتوقف فورا عن التأجيج والتحريض، لأن الاستمرار في هذا النهج من الطرفين سيؤدي لا محالة إلى أزمة أخرى تشبه أزمة التسعينيات لا قدر الله.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!