-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
قراءات مع الدكتور فاضل السامرّائي

الحلقة التاسعة عشر: المبني للمجهول (4)

الحلقة التاسعة عشر: المبني للمجهول (4)

ثمّ أنه في الصّافات نفى عنهم السّكْر فقال: ((لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ)) بفتح الزاي، أي: لا يسكرون عنها. أما في الواقعة فقد نفى السّكْر والنّفاد فقال: (ولا ينزِفون) بكسر الزاي، أي: أن هذا الشراب لا يسكر ولا ينفد، فهذا أتم وأكمل.

قال في الصّافات: ((وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ * كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ)). وقال في الواقعة: ((وَحُورٌ عِينٌ * كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ)). فذكر في الصّافات صفة واحدة من صفاتهم الجسمية وهي (عِينٌ). والعين جمع عيناء، وهي الواسعة العين في جمال. وذكر في الواقعة صفتين وهما ((حورٌ عينٌ)) والحور: البيض. وقال في الصافات: ((كأنّهن بيضٌ مكنونٌ)). وقال في الواقعة: (كأمثال اللؤلؤ المكنون). وأنت تحس بالفرق بين تشبيه المرأة البيضاء بالبيضة وتشبيهها باللؤلؤة المكنونة.

وقال في الواقعة: ((لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا * إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا)). فنفى سماع الرديء من القول والساقط منه وأثبت الحسن وهو: (إلا قيلا سلاما سلاما) فكان التّنعم بالنفي والإثبات. ولم يذكر مثل ذلك في الصّافات. فناسب (يُنزِفون) بالبناء للمعلوم ما في الواقعة، و(يُنزَفون) بالبناء للمجهول ما في الصّافات.

وممّا زاده حسنا قوله في الصّافات: ((يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ)) بالبناء للمجهول، وناسب يُنزَفون بالبناء للمجهول. وقال في الواقعة: ((يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ)) بالبناء للفاعل، فناسب (يُنزِفون) بالبناء للفاعل.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!