-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الحلول الغائبة لأزمة السيولة

الحلول الغائبة لأزمة السيولة
أرشيف

عندما يتوفى شيخٌ طاعن في السّن متأثرا بشدّة الحرارة ولفح الشمس وهو في انتظار منحة تقاعده أمام مركز بريد بتلمسان، وهو الثاني في ظرف شهر بعد وفاة شيخ آخر في دائرة القلّ بسكيكدة.. وعندما نشاهد الطوابير الطويلة والتدافع اليومي لشيوخ ونساء تحت الشمس الحارقة في شهر أوت المعروف بحرارته الشديدة، فإنّنا أمام وضع خطير يتطّلب تدخلا جريئا من طرف الدولة. أولا لتحديد الذين تسبّبوا في أزمة السيولة التي بدأت قبل عيد الأضحى المبارك واستمرت إلى الآن، أخذا بعين الاعتبار تصريحات المسؤولين بأن الأزمة مفتعلة، وهي ربما أشبه بأزمة انقطاع المياه يومي العيد.

وثانيا لاتخاذ قرارات شجاعة تعيد القطار إلى السّكة الصحيحة وتضع حدا لمكتنزي الأموال والمتعاملين بـ”الشكارة” والمرور نحو تداول رقمي بعيدا عن التعامل بالأوراق النقدية التي أصبحت سلوكا من الماضي في المجتمعات المتقدمة، إذ تشير التقديرات إلى أن ما يفوق خمسة آلاف مليار دينار متداولة خارج البنوك في الجزائر، وقد عجزت كل الحكومات المتعاقبة عن استعادتها، والغريب أن كبار المستثمرين يتعاملون بـ”الشكارة” بيعا وشراء بعيدا عن الرقابة.

ويبقى الإجراء الذي يتحدث عنه المختصُّون وهو حلٌّ ثوري للوضعية الحالية، هو استبدال الأوراق النقدية لإرغام مكتنزي الأموال في البيوت على إدخالها إلى البنوك، غير أن هذه العملية وعلى قدر صعوبتها؛ إلا أنها غير مضمونة النتائج، خاصة في ظل وضع القطاع المصرفي في الجزائر الذي لا زال يسير وفق ميكانيزمات القرن الماضي.

إن المشاهد التي تُظهر شيوخا ونساءً مُسنّاتٍ يركضون للحصول على مِنحهم أو يضطرون للانتظار مطولا في طوابير، تتطّلب إجراءات خاصة لهذه الفئة الضعيفة التي يقع واجب حمايتها على الدّولة والمجتمع، وعليه فمن الإنصاف اعتماد طريقة صرف المنح في البيوت عن طريق سعاة البريد وإعفائهم من مشقة التنقُّل إلى مكاتب البريد ويمكن التعاون في ذلك مع جمعيات المجتمع المدني.

ويتساءل البعض عن سبب تركيز الخدمات المصرفية والتحويلات على مكاتب البريد، ويتساءلون عن الدّور الذي يمكن أن تلعبه البنوك في التخفيف من الضغط على هذه المراكز طالما أن الكثير من القطاعات الاقتصادية تتعامل مع البنوك في صرف رواتب العمال، لأن المشاهد التي رافقت أزمة السيولة المالية في مراكز البريد أعطت انطباعا بأنَّ البلد لا زال غارقا في وحل التخلف، وأنّ الجزائر الجديدة لا يزال أمامها طريقٌ طويل لتتجسّد.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
5
  • ارض الشهداء

    يا الأخ رشيد ما افسده الدهر، لا يصلحه العطار، فالتراكمات السابقة ومخلفاتها تحتاج تكاتف والتضحية من الجميع، فكلنا مسؤولون، رسميا وشعبيا، فالرقمنة والفوترة، آليات لضبظ ومتابعة الدورة المالية في الدولة، وهذه تحتاج تغيير الذهنيات وليس الشخصيات في الجانب الرسمي والشعبي، فالموظف الجزائري هو ابن الشعب ولا يحترم الوقت، ويظن أن واجبه المهني هو مزية وجميل يقدمه إلى الناس، وهذه راجعة إلى تربية الأسرة،و غالبية الشعب لا يعلم أن المال والخدمات العامة في كل مؤسسات الدولة هي ملك لكل الأجيال وليس حكرا على جيل واحد،ياخدون القروض من البنوك،ويتهربون ضريبيا،وبعدها يطلبون مسح الديون،فالله المستعان وحفظ الله الجزائر

  • مجمود

    نحن لسنا في وحل التخلف سيدي. نحن وحل التخلف.من المفروض أن يبدأ الرئيس بشرح الهوّة بين أقواله وأقوال مدير البريد اليوم، ويسمي الأشياء بأسمائها. ليس فقط الشيوخ والكبار هُم من يثرون الشفقة أمام مكاتب البريد.نحن أيضا كرهنا أنفسنا أمام أنفسنا ونحن قابعون في انتظار خبر لا يأتي أبدا لمدد تصل إلى 3 أو 4 أيام.نأتي ونجلس ولا أحد يعلم متى تأتي سيارة البريد.تضييع وقت وضغط نفساني وكفرٌ بالوطن والوطنية ومن يذكرها أو يشير إليها.أعلم أن من واجبنا التفريق بين الفاسدين وبين الوطن،لكنها سلوكات تتفجر تفجّرا من حنايانا دون استشارتنا.أرى أن الانكسار قريبا جدا.وأسأل الله اللطف.تبّا لكم بقدر ما مشى الكلب حافيا

  • drimos

    مسؤولي البريد يتحملون المسؤولية امام الله و الشعب و الوطن لانهم فشلوا في ايجاد الحلول و لم يعترفوا بانهم غير اكفاء و انهم يمثلون قمة الرداءة عندما يبررون فشلهم بازمة جائحة كورونا و كأن هذه الجائحة خاصة بالجزائر فقط .

  • خليفة

    من ضمن اسباب نقص السيولة في مراكز البريد ،هو دخول عدد لاباس به من الجالية الجزائرية من الخارج نتيجة لوباء كورونا ،و محاولة استثمار بعض اموالها في شراء العقار ،و لذلك اتجهت الى البنوك لتحويل ما تملك من عملة الى الدينار ،و لذلك سحبت كميات كبيرة من الدينار ،و هذا طبعا فيه فاءدة كبيرة للبنوك لحصولها على قدر كبير من العملة الصعبة،و لكن في المقابل شح مدخول تلك البنوك من العملة الوطنية.

  • نمام

    غياب ثقافة الادخار عدم وجود بورصة قوية فاعلة تمتص رؤوس الاموال وتدعم السوق بالسيولة منعا لتلاعب التجار و المتربصين شركات ما زالت تستخدم السيولة ووصلت الى مرحلة خطيرة من عدم التحكم وتتبعها في القرن الواحد و العشرين ما زالت اليد لم ترفع عن البنك المركزي يخضع للساسة و تجاذبات مكونات السلطة وان نجا فوازرة المالية مما ارهقه و اصعفه وقلل من تاثيره ازمة الكرونا مما اخر الدفع زيادة المواد مما ارهق المواطن و اصبح الرغيف بالكاد كل هذا ونقول ما سبب الازمة او التذبذب كما اصطلح عليه المسؤولون كمن يحمل القربة ويقول من اين تاتي قطرا ت الماء كل هذا اساءة لنا و للوطن وللمستثمرين الذين يترددون لسوء السمعة