الخبّاط في رمضان
كلنا يؤمن بأن الشياطين تسلسل وتكبّل في رمضان، غير أن أغلب الناس يركبهم الخوف، ويشتد عليهم الضغط ويشعرون بالخبّاط بلغة أم هانئ والخلايع في قاموس العاصميين، وهو زيادة دقات القلب في هذا الشهر الكريم
-
وما يزيد في ارتباك الخلق حالة الطوارئ التي تعم البلاد من تصريحات وتصريحات مضادة، ومنها تصريحات وزير التجارة مصطفى بن بادة الذي يكسف طوال السنة ويظهر مع الهلال في رمضان عبر القنوات والصحف والوكالات، ليؤكد أن الدولة بكلكلها ستقف كرجل واحد في هذا الشهر، وأن وزارته سارعت إلى ترتيبات مسبقة وإلى حرب استباقية لضمان وفرة اللحوم الحمراء والبيضاء والوردية والمواد الغذائية واسعة الاستهلاك من سكّر الزلابية ومشتقاتها وزيوت بدون كوليسترول، وأنه سيضرب بيد من حرير من يبيع لحوما مستوردة على أنها بلدية، وأن اللحوم المفرومة والنقانق ستخضع للمراقبة الدقيقة، في إشارة منه إلى فضيحة لحم الحمير في رمضان من السنة الفارطة، التي أكدت بعض المصادر الرسمية أن وجهتها كانت الورشات الصينية، ولأن الطلب كان أقل من العرض وجّهت البقية من فرايس الحمير إلى الزوالية، فتهافتوا عليها لثمنها البخس ولونها الأحمر الخالص، وكل ما هو كذلك في عيون المغبونين فهو بقري، وأعلنت الشرطة جاهزيتها القصوى لاستقبال الشهر بمطاردة النشّالين والخارجين عن القانون وباستعدادها لفك الخناقات والاختناقات.
-
ووقف الحاج بولنوار في الاتحاد الوطني للتجار الجزائريين ليذكّر بأن أطنانا من الأجبان والمصبرات وسلعا مقلّدة منتهية الصلاحية في المخازن ستزيّن واجهات المحلات في شهر التوبة والغفران، وأن أغلب التجار لا يرتاح لهم بال إلا إذا رأوا الشعب مسمّما مكمّما يتغذى من “السّيروم” في المستشفيات.
-
وبلغة السكين توعد رئيس جمعية حماية المستهلك مالك حريز التجاّر بمقاطعة شعبية وأنه سيرفع شعار “نريد إسقاط التجار الغشّاشين”، وتزداد وتيرة الطوارئ لما تقرأ مانشيتات في الصحف مثل جمعية المستهلك لسيدي علي تشغل خطا ساخنا لاستقبال ضحايا التجّار في رمضان مع الاعتذار عن عدم وجود مقر لاستقبالكم، وأن جمعية الرّاصد للأسواق نظمت ملتقى بعنوان من أجل رمضان للجميع والأشهر المتبقية لمن استطاع، كما حث القائمون على الملتقى المواطنين بتجنب التطباع والتبطيع مع البارونات.. ومع كل هذا اللغط تبقى الأسطوانة العربية القديمة تدور في هذا الشهر: وحوي يا وحوي.. رحت يا شعبان.. جيت يا رمضان.