-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الخروج من الجلد

الخروج من الجلد
ح.م

من الجرائم الجديدة، التي ظهرت في المجتمع الجزائري، وكادت تتحول إلى أسلوب حياة لدى الكثير من الأفراد، هي انتحال صفة الغير، ليس بالضرورة من أجل ارتكاب جرائم الاحتيال، وإنما أيضا للخروج من الجلد، بعد أن تحنّط وتعفّن على صاحبه، فما صار يرى نفسه إلا في صورة غيره.

في جرائم الاحتيال، هناك طرفان يتحملان وزر الاحتيال، أحدهما المتهم الذي ينتحل صفة ضابط أو رجل أعمال أو قاضي، وفي العادة عدد من الضحايا الذين لولا غفلتهم وربما طمعهم ما تمكّن المحتال، أو ما كان أصلا، وإذا كان القانون لا يحمي المغفلين في كل بلاد العالم، فهناك بلادٌ أخرى صارت تتابع المغفلين، لأنهم طائفة شجّعت بسذاجتها المحتالين على تشييد دولتهم المبنية على الكذب وانتحال صفة قيادات مالية وسياسية وعسكرية من الأوهام.

عندما ينتحل فردٌ من المجتمع صفة ثريّ من أجل الزواج من سيدة أو صفة ابن مسؤول من أجل الفوز بمنصب عمل، أو مهنة ضابط أو قاضي من أجل نهب أموال الطامعين في المساكن والأراضي والمحلات التجارية، فهذا يعني بأن عقدة نقص قد عششت في المجتمع اتجاه بعض المهن والحالات الاجتماعية الكبيرة، وثقة الناس في أنفسهم قد اهتزت، وبأن الكثير من الناس لا يسمعون ولا يطيعون إلا أفرادا بعينهم في المجتمع، ولا يستمعون إلى عامة الناس، وهو ما يجعل الكثيرين يخرجون من جلدهم الأصلي الذي لا يوصلهم إلى مبتغاهم والبحث عن صفات غيرهم.

انتحال الصفة عمّ في المجتمع بشكل رهيب لا يختلف عن الوباء، فهناك متسوِّلاتٌ انتحلن صفة النازحات السوريات نطقا وشكلا من أجل استعطاف الناس، وهناك تلاميذ غيّروا مهن أوليائهم على سيرتهم الذاتية المقدَّمة للمؤسسة التعليمية من أجل جلب انتباه الأساتذة والمديرين، وفي مثل هذه الظروف فإن ما نراه من انتحال صفة ضبَّاط سامين ورجال قانون ومال وأعمال كما فعلت “مادام مايا” التي انتحلت صفة ابنة الرئيس السابق ونجحت في الإيقاع بضباط، هو إفرازاتٌ لمرض في المجتمع ما كان لينتشر لولا وجود هذه الأرضية الخصبة التي تهيأت منذ عقود، منذ أن انتحل رجالٌ كثيرون صفة مجاهدين وقفوا في وجه الاستعمار من أجل الحصول عل مآرب دنيوية من منح وسيارات أجرة ومساكن، وزعم القرابة العائلية مع عسكر وساسة من أجل التمكن من الثروة ومن رقاب الناس. وكل قضايا الفساد الكبرى التي عالجتها المحاكم في الفترة الأخيرة كان فيها الكثيرون وخاصة الكثيرات من اللائي بلغن أعلى درجات الثروة بسبب نجاح انتحال الصفة أمام مسؤولين غالبيتهم بلغوا القمة بانتحال صفة المتعلم والخبير والمتمكن وهم دون مستوى أي مواطن بسيط.

قديما قال الحجاج بن يوسف الثقفي: إن الفتى من يقول هاأنذا /// وليس الفتى من يقول كان أبي، لكن للأسف، ما عاد بعض الفتية والفتيات عندنا يرضون بأنفسهم وبأوليائهم ويطلبون صفات لغيرهم، من الذين لهم بسطة من المال والمسؤولية من أجل الاحتيال على الناس.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
3
  • مواطن

    العنسي، عنوستك تتكلم باسمك. ما الفرق بين بني أمية وبني بربر؟ الباكي و الشاكي. بهدلة رايحة و بهدلة جاية. أنذال تنتحل الشخصية

  • العنسي

    كل هذه الأنتحالات يرجع سببها إلى الأنتحال الكبير الذي أقترفه أغلبية الشعب لما أعتبر نفسه عربيا من الأشراف ابن شخص واحد جاء هاربا من بطش الأمويين ...

  • لزهر

    الله إكثّرْ الغافلين بَاشْ إعيشُو الفَايْقِينْ.