-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الدكتور حسن الترابي الداعية المجدد والسياسي المحنك 1/2

التهامي مجوري
  • 3659
  • 0
الدكتور حسن الترابي الداعية المجدد والسياسي المحنك 1/2

قدر لي أن أكون ضمن وفد جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، في زيارة للسودان بدعوة من هيئة علماء السودان، عندما توفي الدكتور حسن الترابي، فذهبنا إلى بيت العزاء، بدار الدكتور حسن الترابي، وتقدمنا بواجب العزاء لآل الترابي وقيادة حزبه الممثلة في نائبه الدكتور إبراهيم السنوسي.

وإلى جانب العزاء، فرض علي الفضول الصحفي أن أسأل ابن الترابي الأوسط “عصام الترابي”، عن آخر نشاط للدكتور حسن الترابي في مشاريعه السياسية المتجددة؟ وهل يوجد في حزبه من يملأ الفراغ الذي تركه الترابي؟

أما بالنسبة لمن يملأ الفراغ الذي تركه الترابي في الحياة السياسية في الحزب وغيره، فيرى عصام انه لا يوجد من الأفراد من يعوضه، وإنما يمكن تعويضه بالمجموعات العاملة في الحزب؛ لأن قدراته ومستوى تفاعله مع الحياة الثقافية والسياسية متطور جدا ومتجاوز لما ألف الناس من أساليب في النضال السياسي والثقافي، وأما بالنسبة لآخر مشروع بدأه الترابي فهو الحوار الوطني الذي جمع فيه القوى السياسية الوطنية.

يقول عصام الترابي: لقد شرع الوالد في هذا المشروع، انطلاقا من فكرة أطلقها الرئيس عمر البشير، وهي ما أطلق عليه فكرة “الوثبة” فالتقطها الوالد وتبناها في إطار حوار وطني موسع شمل جميع الحساسيات السياسية والثقافية في البلاد، ولما علم الرئيس البشير بتبني الترابي المشروع، فرح فرحا شديدا، واستمر الترابي يجمع القوى السياسية، وقد سمعت هذا الكلام من أكثر من شخص في السودان وليس من ابن الترابي وحده، حتى انه كما قيل لنا جلب الكثير ممن حملوا السلاح في دارفور في وجه السلطة القائمة في البلاد، واستدرجهم لهذه المبادرة الوطنية الجامعة، ورغم أنهم حاولوا التأثير عليه باستثمار غضبه على النظام وسجنه والاستبداد به، فإن الترابي كان أكثر تفهما لاستعطافهم له، عندما قالوا إن هذا النظام، قد ظلمك وهمشك وفعل وفعل وفعل…، فقال لهم في إطار المصلحة الوطنية، فإنني قد عفوت عنهم، إنقاذا للبلاد والعباد.

لقد انطلق الترابي في مشروعه هذا من خلال قراءته للواقع العربي، في حراكه الذي لا يزال مضطربا، سواء في ليبيا التي تخترق، أو في سوريا التي دمرت، والعراق الذي مزقته الطائفية، اما اليمن فلم يعد سعيدا، وإنما أضحى شقيا بشقاء أهله وشقاء جيرانه، وكذلك الإرادة الغربية المتعنتة في محاصرة السودان، واقتطاع الجزء الجنوبي منه، ومشكلة دارفور التي يوجد بها الآن حراك يريد له الغرب أن يبقى كقميص عثمان، والمشجب الذي تعلق عليه إرادة الغرب التي يراد فرضها على السودان إحكاما للقبضة الغربية في كل ما يتعلق به.

وأنا كمتابع للحركة الإسلامية وتجربة السودان بصفة خاصة وتجربة الترابي بصفة أخص، لم استغرب مثل هذه “الإبداعات الترابية”، لما أعرف عن الرجل من سعة أفق وإحاطة بالقضايا الدينية والفكرية، الاجتماعية والسياسية، وقد ساعده على ذلك احتكاكه بالغرب، الذي تعلم فيه، فهو خريج بريطانيا وفرنسا، ومتقن لثلاث لغات أوروبية: الفرنسية والانجليزية، والألمانية، فقد ساعده ذلك على فهم المعادلة الدولية أكثر من غيره من إخوانه في الحركة الإسلامية في العالم. ولفهم جوانب من حياة الرجل النضالية، لا يمكن الكلام عنه في قالب واحد لشخصية مناضل، وإنما الكلام عنه يقتضي تفكيك هذه الحياة الدعوية النضالية السياسية إلى محاور تشبه الشخصيات المجتهدة المستقلة عن بعضها البعض، ولكنها تلتقي في إطار واحد للعمل وهذه المحور هي:

– الترابي في المعادلة السودانية

– الترابي المفكر المجتهد المجدد

– الترابي السياسي المحنك

– الترابي الشخصية الجامعة

الترابي والمعادلة السودانية

المجتمع السوداني، مجتمع قبلي متدين بطبعه، والترابي في ذلك تحكمه المعادلة الاجتماعية التي يخضع لها كل فرد في المجتمع السوداني، فقد حفظ القرآن في الكتاب كما حفظ أطفال السودان، وتعلم العلم الشرعي ككل واحد من أبناء السودان، حتى أنه من أولى مؤلفاته التي قرأها الناس له في بدايات نضاله هو “الصلاة عماد الدين”، وربما يستغرب المرء من صدور هذا المؤلف لزعيم سياسي، ولكن عندما نعرف أن من خصوصيات المجتمع السوداني، انه مجتمع محافظ متدين بطبيعته، الشيوعي فيه يصلي ويصوم، والحزب الشيوعي فيه يفتتح مجالسه بالبسملة والحمدلة، نرى أهمية كتابة هذا الكتاب في سياق النضال السياسي، للتمييز بين الشيوعي الذي يرى الدين مسألة فردية فيصلي ويصوم ويحج، ولا يرى له دخلا في الحياة العامة، وبين الإسلامي الذي يرى أن الدين مرجعيته في نضاله واهتمامه بالشأن العام، ومن ثم فإن الصلاة ليست مجرد عبادة فردية منفصلة عن سائر مناحي الحياة..، ومن مظاهر انضباطه وخضوعه للمعادلة الاجتماعية السودانية، لباسه الرسمي الذي قلما يرى بهندام غيره، وكذلك عدم تعرضه لحركة التصوف بما ولها وما عليها، رغم أنها حركة التصوف فيها الكثير من الزوائد البدعية التي ينكرها الشرع، ومنهجية الترابي العلمية والعملية ترفض كل ذلك، مع ذلك لم يؤثر عن الترابي أنه تعرض للطرق الصوفية بشيء من النقد المزعج، إلا نادرا وبكلام عام؛ لأن ما كان يهمه دائما هو التعرض إلى الإصلاح العام، الاجتماعي، الفكري، الثقافي والسياسي.. وغم أن الترابي يقول عن نفسه انه ثوري إلا أنه من هذه الناحية، لم يعرف عنه الثورة على ما ابتدعت الطرق الصوفية في الدين، وذلك في تقديري لم يكن لجهل منه بتلك البدع، وإنما ربما رأى أن ذلك ليس من الأولويات في مشروعه الإصلاحي السياسي الذي أفنى فيه حياته، او أنه ترك ذلك للحركة العلمية التي تقوم بها المعاهد الشرعية والجامعات والبعثات إلى جامعات العالم الإسلامي، فلم يضطر يوما إلى الصدام مع تلك القوى الصوفية المتجذرة في المجتمع السوداني، ولعل ذلك هو الذي مكنه من بلوغه مستوى الشخصية الجامعة في السودان.

الترابي المفكر المجتهد المجدد

لقد غلب على الترابي في كتاباته طابع المفكر المولع بالاجتهاد والتجديد حتى وهو يكتب في القضايا الشرعية، مثل دعوته إلى تجديد أصول الفقه، وخرجاته المتنوعة في الفتوى، كفتواه بعدم التفريق بين الكتابية التي أسلمت وبين زوجها الذي بقي على دينه الكتابي، وفتواه بمشروعية زواج المسلمة بالكتابي، وتمرده على بعض عادات قومه، بوصيته بدفنه حيث يموت، مخالفا بذلك قبيلته التي تدفن موتاها في مركز القبيلة، ومخالفته لما اعتاده الإسلاميون في خطاباتهم، كخروجه من التنظيم الدولي للإخوان المسلمين ومخالفته لهم في منهج الإصلاح والتغيير، بما في ذلك تنظيم الإخوان السوداني نفسه، الذي أجبر على مجاراة الترابي في طروحاته، ارتقاء بخطابه لمستواه الذي تجاوز به خطاب التجارب الإسلامية في العالم كله؛ إذ في الوقت الذي كانت الحركة الإسلامية ترى ضرورة المفاصلة بين النظم القائمة والحركة الإسلامية، كان الترابي مناضل سياسيا في إطار اللعبة السياسية، فموظفا ساميا في الدولة ونائبا لرئيس الوزراء وأخيرا رئيسا للمجلس التشريعي.

لا شك أن الترابي له أخطاؤه ولا يمكن أن يكون مصيبا في كل اجتهاداته، وفي هذه الوقفة ليس مقصودا تحديد ما اخطأ فيه وما أصاب، لأن ما يهمنا هنا في هذه الوقفة هو الكشف على أن جهده كان منصبا دائما على كليات الدين، وليس على جزئياته التي هي خاضعة بالضرورة للكليات، سواء أصاب فيها أو أخطأ، ولذلك نجده يصر على تنبيه الناس على ان القرآن هو كتاب الله المطلق الخالد الذي لا تنقضي عجائبه، أما ما يدرك الناس منه من فهوم واستنباطات فقهية واستنتاجات عقدية ولغوية فهو نسبي قاصر  قد لا يكتب له البقاء دائما؛ لأنه نسبي وله حكم الزمني، وعليه فإن المسلم مطالب بأن يعيش عصره وزمنه، في ظل القرآن وتوجيهات الوحي، وليس ملزما باستنساخ تجارب المسلمين السابقة؛ لأن الزمن غير الزمن، والتاريخ غير التاريخ، والناس غير الناس….، ذلك أن متغيرات الإنسان أكثر من ثوابته.

لا يمل الترابي الاجتهاد والحركة والتوقد، وكما قال عنه الشيخ القرضاوي: “كان حسن الترابي من النوع الحيّ المتحرك المحرِّك، لا يعرف البلادة، ولا الكسل ولا الرقاد الطويل، ولكنه رجل حر، مستقل الفكر، مستقل الإرادة، مستقل القرار، عقله متوقد، ولسانه فصيح، واختلف مع الإخوان اختلافا في الطرق؛ لأن له فلسفة في الحركة لا تتفق تماما مع المسيرة العامة لحركة الإخوان، ولذلك قالوا –إخوان السودان- للتنظيم العالمي للإخوان: اعذرونا فيما قد نتخذه من خطوات أو قرارات، ربما لا توافق ظروفكم المحلية والإقليمية والسياسية على إقرارها أو تلبيتها، أو الموافقة عليها، وظلوا سنين على هذا الموضع”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
  • كريطوس

    ماذا جاء به الترابي.
    ينكر عذاب القبر
    ينكر نزول عيسى عليه السلام ويستهزء بمن يقولون هذا
    يجيز امامة المراة
    يجيز تزويج المراة نفسها.
    قبوري.

  • عادل

    مجدد ؟!!!!
    سبحان الله من أنت لتصف هذا الضال المضل المبتدع بالمجدد ربما مجدد بدع الجهمية و الزنادقة و المعتزلة .
    أين درس مجددك ؟ من شيوخه ؟ من زكاه من أهل العلم و الفضل ؟ من نصح بعلمه ؟
    و الله إنه لا يعدوا أن يكون رأسا من رؤوس أهل الباطل الذين حذرنا منهم رسول الله صلى الله عليه و سلم و الذين لا يتبعهم إلا جاهل أو منافق.
    قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " سيكون في آخر أمتي أناس يحدثونكم بما لم تسمعوا أنتم و لا آباؤُكم، فإياكم و إياهم " مقدمة صحيح مسلم (1/12).

  • عبدالواحد

    نسال الله السلامة والعافية

    انكار عذاب القبر
    انكار ليلة القدر
    انكار نزول عيسى عليه السلام واستهزائه بمن يؤمن بذلك
    جواز تزويج المسلمة نفسها بدون وكيل يعني شرط ان تحضر هي
    زواج المسلمة من رجل من اهل الكتاب
    والطوام لا عد لها

    ثم يخرج هذا الدعي كاتب المقال ويقول مجدد

  • بدون اسم

    لا أعلم من هو الترابي سأبحث عن منهاجه , لكن اعلم من هو مجدد هذا العصر بلا منازع هو حسن بن فرحان المالكي أعلم أهل أرض من الأحياء بتفسير القرآن الكريم وبعلم الحديث حفظه الله ورعاه

  • أسامة

    التجديد الذي جاء به الترابي هو أن تصلي المرأة بالرجال وان الحجاب فرض على زوجات النبي صلى الله عليه وسلم وليس بقية المسلمين... وإن الحاكم المسلم ليس ملزم بتطبيق الحدود ووو فهذا تجريد وليس تجديد أما قولك بأنه سياسي محنك فعليك أن ترنا النظام السياسي الذي أنتجه والكل يعلم أين وصل بلده السودان مع حليفه القديم سي البشير

  • بدون اسم

    اننا في زمن قبض العلم بموت العلماء
    وامام فتنة اتخاذ الناس رؤساء جهلاء

    يارب احفظ امة الاسلام من الجهل والجهلاء