-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الراعي والرعية

الراعي والرعية

ما قام به رئيس بلدية سيرايدي بولاية عنابة، وهي بلدة ساحلية في منتهى السحر والفتنة، من خلال منع الأطفال من التجوال والتحرك بعد صلاة المغرب بمفردهم، هو عملٌ قيّم لا يمكن سوى تثمينه ودفع بقية رؤساء البلديات إلى اتخاذ إجراءات مماثلة، خاصة أن المجلس الشعبي البلدي في بيانه الذي ذكّر فيه بالقرار، لم يكن يفكر في منظومته أو في مآرب أخرى، وركّز فقط على الطفل المُعرَّض للتسرب المدرسي والفشل في الامتحانات، ولسقوطه في أيدي المجرمين من لصوص الكوابل وأشياء الناس، وتجار المهلوسات والمخدرات.

وواضحٌ بأن أي وليّ يرفض هذا القرار أو يعترض عليه أو ينتقده، بأي حجة كانت، إنما هو من الذين يلقون بأنفسهم وأبنائهم إلى التهلكة. وكان المجلس الشعبي البلدي بقايس في ولاية خنشلة، قد تميّز أيضا بقرار يمنع تجوال الكلاب الضالة و”العائلية” في الشارع، ومنع تربية الكلاب المفترسة والمتاجرة بها، والتي تم نقل ثقافتها من عائلة طرابلسي بتونس التي كانت تتاجر بها لتوردها إلى الجزائر، وسارت على نهج بلدية قايس، كامل بلديات ولاية خنشلة، في إجراء بقدر بساطته وكونه مجرد قطرة في بحر المشاكل التي تعاني منها مختلف البلديات، إلا أنه اجتهادٌ راقي، نتمنى أن تسير على نهجه كامل بلديات الوطن، حتى لا تبقى كما كانت دائما مصالح لتصريف الأعمال، ولا واحدة منها تخلق الثروة أو على الأقل تقدِّم أفكارا يمكن أن نبني عليها جماعات محلية قادرة على الاستقلال بالقرار الصائب الراقي.

عندما قام رئيس بلدية سنغافورة بتغريم كل من يثبت بصاقه في الشارع وجرِّه إلى السجن إن تمادى في فعلته، وقام رئيس بلدية نيويورك بفرض غرامة تصل إلى ثلاثة آلاف دولار لكل من يرمي ورقة أو حتى وردة في شوارع المدينة، لم يجدا غير التبريكات من حكومتي بلديهما، وعاشا من دون “وجع القمامة”، وسيكون رائعا لو باشر العديد من رؤساء البلديات العمل لأجل بناء المجتمع، من خلال قرارات صارمة لا يتهاونون في تطبيقها، من أجل أن تصير تقليدا وثقافة حياة.

من المؤلم أن يقول ربُّ عائلة في الجزائر المستقلة، بأنه لا يستطيع أن يصطحب زوجته أو ابنته أو شقيقته في الشارع، بسبب طوفان السبّ و”الكفر” والكلام البذيء الذي يتهاطل من كل جهة، ومن المؤسف أن لا تستطيع عائلة جزائرية أو سائح، دخول مدن رومانية ومتاحف طبيعية بسبب جبال القاذورات وزجاجات الخمور المنتشرة، وأن يبقى الأطفال الأبرياء لقمة سهلة للكلاب المتشردة ولتجار المخدرات واللصوص وقطاع الطرق.

قديما قال فاروق الأمة قولته الشهيرة -التي يحفظها كل رؤساء البلديات ولا يطبقونها- وهو أميرٌ للمؤمنين، بأنه يخشى عذاب الله، إن عثرت بغلة في العراق، وهو يهنأ بالسعادة في المدينة المنورة، ولم يعد أمراء ومسؤولو الزمن الحالي يهمّهم أن تضيع العراق بأكملها أو أي بلدية، فما بالك بِعثرة بغلة، ومع ذلك يبقى الأمل في أن يظهر للفاروق أحفاد.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!