-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الرد الإيراني وردُّ ثلاث دول كبرى

حسين لقرع
  • 1013
  • 0
الرد الإيراني وردُّ ثلاث دول كبرى

خلال الهجوم الجوّي والصاروخي الإيراني على الكيان الصهيوني، كان لافتا للانتباه أنّ هناك ثلاث دول كبرى قد تعاونت عسكريا مع الاحتلال في صدّ أغلب المسيَّرات والصواريخ الإيرانية، وهذا في الواقع تطوّرٌ كبير وتحوُّل بارز في تاريخ الصراع بالمنطقة.

خلال 76 سنة كاملة من عمر هذا الكيان اللقيط، كانت دول الغرب تكتفي بدعمه بأحدث الأسلحة حتى يضمن تفوُّقا عسكريا صارخا على الدول العربية والإسلامية جميعا، ولم يسبق أن شاركته أيَّ حرب مباشرة ضدّ الدول العربية باستثناء حرب 1956 التي خاضتها بريطانيا مع الكيان ضدّ مصر انتقاما من جمال عبد الناصر الذي أقدم على تأميم قناة السويس، وخاضتها معه فرنسا لسببٍ آخر يرتبط بالدعم الكبير الذي كان يقدّمه للثورة الجزائرية. اليوم، يبدو أنّ الدول الثلاث الكبرى وهي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا لم تعُد تكتفي بتقديم دعم عسكري هائل ومتواصل للاحتلال، بل بدأت تفكّر في مشاركته حروبَه ضدّ محور المقاومة، وقد أكّدت تقارير عديدة أنّ قوات “دلتا” الأمريكية قد توغّلت في غزة في الأسابيع الأولى للحرب وشاركت الجيشَ الصهيوني في بحثه عن الأسرى الصهاينة، وأرسلت حاملتي طائرات إلى البحر المتوسط لردع “حزب الله”، كما أعلنت بريطانيا أنّ طائراتها شاركت في أعمال تجسُّس بغزة بحثا عن هؤلاء الأسرى، واليوم تعلن الدول الثلاث أنّ طائراتها الحربية قد شاركت في الدفاع عن الكيان من خلال إسقاط عشرات المسيَّرات والصواريخ الإيرانية، أغلبها فوق الأجواء الأردنية وبمشاركة الأردن أيضا، وهو أمرٌ مؤسفٌ فعلا من هذا البلد العربي الذي تحوّل إلى حارسٍ لحدود الاحتلال، بدل أن يكون ظهيرا للمقاومة التي تسعى إلى إفشال المخطط الصهيوني الرامي إلى إقامة “إسرائيل الكبرى” من النيل إلى الفرات، ولا يرى وزراؤها المتطرّفون أيَّ ضيرٍ في رفع خرائط لحدود “دولتهم” المستقبلية تشمل الأردن ودولا عربية أخرى.

مشاركة الاحتلال حروبَه مباشرة، فكرةٌ أفصح عنها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب خلال عهدته الرئاسية الأولى، لكنّه لم يجسّدها، لأنه شعر أنّ الكيان قادرٌ وحده على الدفاع عن نفسه والانتصار على خصومه وردعهم جميعا، لكنّ هذا الوهم تبدّد تماما إثر غزوة 7 أكتوبر المبارَكة، يومها أدرك قادة الغرب جميعا أنّ الانهيار السريع لما يُسمَّى “فرقة غزة” العسكرية الصهيونية أمام 1500 مقاوِم فقط وخلال ساعات محدودة، هو مؤشِّرٌ مريع على مدى ضعف جيش الاحتلال الذي يعدُّ العمود الفقري للكيان، وأنّ خسارته أيّ حرب كبرى في المستقبل تعني انهيار هذا الكيان وهروب ملايين المستوطنين باتجاه الدول التي جاء منها آباؤهم وأجدادهم، ومن ثمّة، انهيار المشروع الصهيوني والغربي برمّته في المنطقة التي يراد لها أن تبقى مفكَّكة ضعيفة متناحرة حتى يسهل السيطرة عليها، ولذلك رأينا كيف سارعت أمريكا وبريطانيا وفرنسا إلى الدِّفاع عن هذا الكيان ومشاركته في صدّ المسيَّرات والصواريخ الإيرانية حتى تبعث رسالة قويّة إلى أعدائه جميعا مفادها أنّها لن تتركه ينهار ولو تطلّب الأمر أن تخوض حربا كبرى معهم نيابة عنه.

الغرب يملك قواعد متقدّمة تحمي مصالحه في العالم ومنها أوكرانيا والكيان الصهيوني وتايوان… وهو يخوض حروبا غير مباشرة للحؤول دون سقوطها كما رأينا في حرب أوكرانيا طيلة سنتين، بل إنّ ماكرون اقترح قبل بضعة أسابيع أن يرسل إليها عشرات الآلاف من جنود الناتو للدفاع عنها مباشرة بعد أن بدأ جيشُها يتفكّك، لكنّ الفكرة لم تلق الترحيب فآثر إرسال طائراته للدّفاع عن الكيان الصهيوني رفقة أمريكا وبريطانيا. إنّ استمرار هذه القواعد في أداء وظائفها ضدّ الدول الإسلامية وروسيا والصين، هي مسألة حياة أو موت للغرب.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!