-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

السودان في عين العاصفة!

صالح عوض
  • 350
  • 1
السودان في عين العاصفة!

يواجه السودان منذ عشرات السنين حصارا خانقا استمرَّ مع الإدارات الأمريكية الديمقراطية والجمهورية سواء وصل إلى حد وضع اسم الرئيس وقيادات سودانية على القوائم السوداء المطلوبة للمحاكم الدولية، وتم فتح جبهات القتل من كل حدود السودان حيث قامت الأجهزة الأمنية الصهيونية بتدريب المسلحين وعصابات مرتزقة لاختراق الحدود والقيام بعمليات عسكرية القصد منها استنزاف البلد كما صرح بذلك قادة صهاينة أشرفوا على تزويد الانفصاليين في الجنوب بالسلاح والأمن وهذا ما أكده رئيس الجنوب عندما كانت زيارته الأولى التي خص بها تل أبيب، وكتب الضابط الصهيوني طرزان بالتفصيل كيف عمل على شق السودان.. فكان السودان بين أحد الاحتمالين إما أن يتخلى عن الجنوب أو أن ينتهي السودان.
كان لموقف السودان الداعم للمقاومة الفلسطينية والقضية الفلسطينية الدور الأساس في تثوير الاستعماريين ضده، كما أن قيام السودان بدور إقليمي في المحيط الإفريقي حتى عاد السودان في غياب مصر هو الدولة العربية التي تؤوي إليها ملايين الأفارقة يعملون ويتعلمون.. وتقوم بنشر الدعوة الإسلامية في مجاهل إفريقيا.
لقد تورَّط كثيرٌ من الحكام العرب في المؤامرة على السودان وزوَّدوا المسلحين بما يحتاجون واتخذ الانفصاليون في عواصم عربية مجاورة مقرات لهم.. وقامت الإدارة الأمريكية في عهد كلينتون بقصف المستشفيات والمرافق الحسَّاسة بصواريخ باليستية..
الحصار وانشقاق الجنوب والحرب المتواصلة على عناصر الاقتصاد السوداني وتطوُّر احتياجات المواطنين في السودان جعل القدرة الشرائية خاضعة لعجلة التراجع وانهمك المجتمع في ثقافة الاستهلاك وعالم الأشياء فعادت الخرطوم في العقدين الأخيرين تسير على سُلم التوسع العمراني والمنشآت الترفيهية والتعليمي.. إلا أن ذلك كله في ظل حصار أفقد السودانيين القدرة على الانطلاق نحو بناء اقتصاد حرّ غير مقيَّد باشتراطات المحاصِرين.
حاول السودان الخروج من المأزق الخانق بإبداء كثير من التنازلات التي من الصعب استيعابها لكنه كان دوما رافضا لاستمرار الحرب على سورية التي كان لها أياد بيضاء عليه على مرِّ العقود السابقة.. وكانت الفرصة التي كثر في شرحها كلام المحللين والإعلاميين بأن نزل بطائرة روسية في مطار دمشق، وهذا له أكثر من دلالة لعل أبرزها أن هذه الزيارة تمت بعد تفاهمات مع روسيا التي تشهد توثيقاً للعلاقة مع السودان منذ سنوات عديدة.
السودان في ظل تراجعات أمريكية واضحة وخناق سياسي وإعلامي على المملكة السعودية وانحسار الإمارات في تجارب مخفقة على المستوى السياسي والأمني.. السودان في مثل هذه الظروف يجد نفسه قد تحلل من الاشتراطات الإقليمية والدولية فكانت زيارته إلى سورية التي ضربت جدار الحصار بقبضة من حديد.
ما جرى في السودان الأيام السابقة يدعو الدولة السودانية إلى مواكبة التطورات وفتح مجالات عديدة لاستيعاب طاقات الشعب ومواكبة احتياجات الناس وتعميق الحريات السياسية والابتعاد قدر الإمكان عن العنف في مواجهة المحتجين.. ولكن ينبغي إدراك أن السودان ليس وحده من تشهد عملتُه تدهورا وأسعارُ السلع فيه غلاءً وأجور العاملين تآكلا.. نذكِّر بهذا لنقول أن هذه ليست الأسباب الحقيقية الآن في الحراك في السودان؛ فلقد جرعتنا تجارب الربيع العربي غُصصا من الخيبة واكتشاف الزيف في دعاوي الغوغاء التي تحرِّكها قوى لا تريد لبلداننا الاستقرار والوحدة.. ويكفي أن نلتفت إلى الخلف لنرى كيف تحوَّل العراق وليبيا وسورية هذه الدول العربية الثلاث التي دفعت ثمنا باهظا لثباتها في الموضوع الفلسطيني فكان لابد من تحطيم تلك البلدان وتشتيتها ليصبح سهلا إعلان القدس عاصمة لإسرائيل.. ما أحوجنا إلى بصيرة نرى بها واقعنا المتشابك. تولانا الله برحمته.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • المحلل السياسي

    الدمار الذي اصاب ليبيا وسوريا والعراق واليمن يريدون نشره في السودان ----المؤامرة دبرت في فرنسا
    مظاهرات مصطنعة ضد غلاء المعيشة الهدف منها نشر الفكرة في الدول العربية التي لازالت واقفة
    منها السودان ---على الشعب السوداني ان يفشل المؤامرة --ان الغرب كالشيطان يزين للناس اعمالهم
    ثم يتبرأ منهم--لقد ورط العراق وليبيا وسوريا واليمن ثم هرب وتركهم في الفوضى حيث اصبح اغلبهم لاجئين في الدول الجاورة.