-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الشريعة المضيّعة

الشريعة المضيّعة

توسل لويس انطوان أغستين بافي كبير الرهبان الفرنسيين في الجزائر، لأول الاحتلال الفرنسي القذر، إلى الأمير المسلم المجاهد عبد القادر ابن محي الدين أن يتفضل على أسرى فرنسيين قبض عليهم المجاهدون الجزائريون، فاستجاب الأمير المجاهد النبيل لهذا التوسل، وأطلق سراح أولئك الأسارى، ورغم جرائمهم الوحشية. فاستعظم الأسقف مكرمة الأمير، وشكره عليها فرد عليه الأمير النبيل برسالة فيها من النّبل أضعاف ما في سلوك الفرنسيين الزاعمين “التّحضّر” من الخسّة والنّذالة، ووضّح الأمير النبيل لذلك الأسقف الذي كان شاهدا على سفالة ووحشة قومه من غير اعتراض عليها، وضّح له أن ما قام به هو ومجاهدوه من إحسان للأسرى الفرنسيين المسيحيين ومنّ عليهم بإطلاق سراحهم هو لبّ هذا الدين الإسلامي المشبع بالقيم الإنسانية الشريفة، ومنها عدم إهانة الأسير، وإطعامه العطام، فذلك “هو شيء لازم علينا بمقتضى الشريعة المحمدية وحقوق الإنسانية.. لأن الخلق كلهم عيال الله تعالى، وأحبهم إليه تعالى أنفعهم لعياله” كما جاء في حديث نبي الإنسانية ورحمة الله المهداة إلى العالمين، عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام، وإن “شريعة محمد هي أشد الشرائع التزاما ومحافظة على الرقة والرحمة”.

إن الأمير المجاهد الذي تربّى على مبادئ الإسلام النبيلة وقيمه الشريفة لا يزكي نفسه ولا قومه الذين لم يكونوا دائما في مستوى هذه الشريعة الإسلامية “فضيعوها، فضيعهم الله، والجزاء من جنس العمل”، وهو بذلك يشير إلى ما قد يكون صدر من بعضهم من سوء تصرف، هو لا شك تصرف منعزل من شخص أو أشخاص هنا أو هناك.. وذلك عكس الفرنسيين الذين يزكون أنفسهم، ويحبون أن يُحمدوا بما لم يفعلوا، فكانت جرائمهم ضد الشعب الجزائري تكاد تكون جبلّية وفطرية، أي أنهم لو أرادوا التخلص منها والإقلاع عنها لما استطاعوا، فهي تسري في نفوسهم مسرى الدم في عروقهم، ولهذا كانت تلك الجرائم مؤسساتية، أي أنها ليست أفعالا انعزالية، بل هي من أمر مؤسسات فرنسية عسكرية وسياسية، ومن تطبيقها.. والدليل على ذلك أن أهم مؤسسة فرنسية “البرلمان” أصدرت منذ بضع سنين قانونا يمجد تلك الجرائم.. ويعتبرها “شرفا”.. بالرغم من خجل الشعوب ولادول الأخرى من تلك الجرائم..

وأعود إلى الصم العمي البكم الذين لا يعقلون من “قومنا”، حيث لا يرون في الأمير المجاهد إلا جانبه العسكري، ولا يذكرون – مجرد الذكر- أن الرجل الذي يرفعون به خسيستهم، ويفتخرون بأنه هو مؤسس الدولة الجزائرية في التاريخ المعاصر؛ لا يذكرون أنه أسسها على تقوى من الله ورضوان، وأنه أقامها على مبادئ الإسلام، وأنه لم يخن الله ورسوله، ولم يخن شعبه بأن يفرض عليه قانونا يتناقض مع دينه وأخلاقه.. من تحليل للربا، وإباحة للزنا، وعفو عن السارقين والمرتشين.. وإنهم ليتمنّون لو أن ذلك الأمير المجاهد الملتزم بدينه وشريعته لم يكن كذلك، وكان مثلهم؛ نصفه العلوي للسطوة، ونصفه السفلي للشهوة. 

رحم الله الأمير المجاهد، الذي تشرف بـ”عبوديته” لله، لا لهذه الدولة أو تلك، هذه “العبودية” التي لم يرها “ذلاّ” كما صرح ناقصو وناقصات عقل ودين، فشرف الله قدره، ورفع له ذكره، وأخلد إسمه. واللهم ابعث فينا حكاما يهدوننا بأمرك إليك، ويحكمون فينا شريعتك العادلة، ويعيدون إلينا عزة الإسلام وكرامته التي جسدها عبدك الأمير المجاهد عبد القادر.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • عبد الله

    اليس فيكم معلق رشيد

  • محمد ب

    من المفيد أن نتكلم عما يدور اليوم ببلدنا ولا نستغيث بالماضي إلا لتسليط الضوء على حاضرنا المؤلم.لقد وصل بنا الانحطاط الفكري والخلقي في بلد المجاهدين حتى أصبح السفهاء يتصدرون المسرح الاجتماعي فيتحدون شعبا مسلما بشرب الخمر في ساحة مدينة تيزي وزو أمام الملإ ولا يقوم أحد من المواطنين المسلمين ولا سلطات الأمن المدني ولا السلطات الأخرى بما فيها الوالي ولا المنتخبون ولا من يدعون علماء المدينة بالتصدي لهؤلاء المجرمين ولا وزارة الشؤون الدينية ولا غيرها باتخاذ الإجراءات القمعية ضد من أعلنوا عداوتهم للإسلام