-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الصفقة: الشاري والمشتري والماشي بينهما

عمار يزلي
  • 959
  • 2
الصفقة: الشاري والمشتري والماشي بينهما
ح.م

شهرٌ من السنة الجديدة بدا من زخم الأحداث مصدر قلق لباقي الأشهر: ملفات دولية كان أقصاها وأد حرب مدمرة في الشرق الأوسط عقب العدوان الأمريكي على العراق وإيران باغتيال مزدوج في خضم الأزمة الشعبية في العراق والحصار المطبق على إيران والرد الإيراني التجريبي القاسي الذي أحرج ترمب وأحجمه عن الرد بتقليل للأضرار ما فتئ البنتاغون يعترف بفداحتها بشريا وماديا.

ما زاد على الحد، هو خطة ترمب الصهيونية في تصفية القضية الفلسطينية التي بدأتها بريطانيا العظمى عندما أهدت أرضا مُلكا لمن لا يملك بعد صفقة وزيري خارجيتي بريطاني وفرنسا: “سايكس” و”بيكو” على تقسيم غنيمة الرجل المريض أملاكه في حياته، تمهيدا لتنازل بريطانيا المستعمِرة لفلسطين عن أرض لا تملكها لصالح شتات التيه.

نفس المعادلة تعود اليوم، لكن هذه المرة لتمليكٍ نهائي وإخراج أصحاب الأرض من المعادلة بتواطؤ سياسي ودعم مالي عربي: ترمب يهب الكيانَ الغاصب الأرضَ وما عليها.. وهي بالتأكيد قضية سياسية انتخابية لكل من المشتري والسمسار والدافع العربي: فالمشتري، مقبلٌ على انتخابات الكنيست، و”النتن ياهو” غارقٌ في وحل الفساد وملفات المحاكمات التي تنتظره. الأمر نفسُه مع ترامب المقبل على الانتخابات الرئاسية في نوفمبر المقبل، في أوج الضجيج السياسية والإعلامي الذي صاحبه منذ اعتلائه العرش.. خاصة وأنه قد افتضح أمره لدى كثير من الخصوم من غير الديمقراطيين وحتى الجمهوريين، رغم أنه سيُبرَّأ حتما غدا الأربعاء على أكثر تقدير، في محاكمة أراد لها جمهوريو مجلس الشيوخ أن تكون صورية، وقصيرة وبدون أضرار جانبية، تفضي حتما إلى تبرئة متهم بكل المواصفات. لا، بل أكثر من ذلك، فضيحة منع استدعاء شهود عيان أفصحوا عن أسرار يريدها البيت الأبيض أن تبقى أسرارا ولو كانت تثبت ادعاءات الكونغرس.. مثل شهادة بولتون التي كانت ستكون الضربة القاضية. لأول مرة تغيب الحقائق عن طريق الانتخاب بالأغلبية لا عن طريق إقرار الحق مهما كان العدد.

بريطانيا، المستعمِر القديم لأمريكا التي طلقها الزوج الأمريكي “جورج واشنطن”، تتزوج زوجا أوروبيا مدة 47 سنة، ثم تقرر الخُلع، وتطلق في آخر أيام الشهر الأول من هذا العام، وهذا بغرض “الاستقلال” عن الزوج الأوروبي “الفاشل”، ولكن لترتمي مرة ثانية في أحضان “الحب الأول”: أمريكا. “بوريس جونسون” و”دونالد ترمب”، وجهان لعملة واحدة في ما يبدو: في الشبه الأخلاقي والخلْقي وفي التاريخ الثقافي الأنجلوساكسوني. تقاربٌ يبدو كأنه “سمر ليلي” ضمن ثقافة “جنون الرعاة” (Folie bergère). بريكست، قسَّم بريطانيا إلى شعبين، قد تكون له عواقب كبرى إن على بريطانيا أو على أوروبا المتداعية اقتصاديا، البادية في الضعف والتفكك. لهذا، نراها على أهمية العدد الكبير من الدول المنضوية فيها، لا تقوى على مجابهة القوة الاقتصادية ولا السياسة الأمريكية في العالم: تابعة “يتمنعن وهن الراغبات”، أو لنقل: “وهن العاجزات”. هذا ما يحدث مع الثلاثي الألماني الفرنسي البريطاني في ملف إيران النووي والضغوط الأمريكية عليها في فرض نحو 25% من الرسوم على سياراتها نحو أمريكيا إن لم تساهم في ما تسميه الولايات المتحدة “الضغوط القصوى” على إيران لكي تخضع.. وإيران لن تركع. ببساطة لأن إيران قوة مذهبية إيديولوجية قبل أن تكون قوة سياسية. فالشعب المؤدلج المقتنع مذهبيا وتاريخيا بالمظلومية، لا يُسقطه الضغطُ المالي، خلافا لما يحصل مع كافة الثقافات والقوميات، بما فيها الإسلامية والعربية..

شهر واحد بقيمة 11 شهرا.. سنكون بعدها على موعد آخر من التصعيد في كل الأشياء..

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • عبدالله FreeThink

    لا أدري لماذا تذكرت لقطة المرابي في فيلم الرسالة الذي جاءه أحد الفقراء ببعض دينه..فقال له
    "الحمار لايفي بنصف ما عليك.... أريد الغلام"

    بالمناسبة أظن أن أيوب أخطأ في رسمه، أو كرر خطأً أيديولوجيا وضعه من وضعه لرغبة في نفسه..فبدل أن يكتب "المسلمين"..كتب" العرب".
    المقدسات مقدسات إسلامية ، والقدس أمانة في رقبة كل المسلمين من كل الأعراق ولم يكن أبدا نزاعنا مع الصهاينة نزاعا عرقيا...بل نزاعا لصاحب حق مع شرذمة خزرية إدعت اليهودية وجرّت معها اليهود بعكس ما يقوله دينهم من عدم الرحيل إلى فلسطين. شرذمة ملحدة تعبد الشياطين ولاعلاقة لها بالأديان..شرذمة تؤمن بأنها سيدة عليها أن تستعبد كل البشرية.

  • مواطن جزائري

    طرحت عرض حال معروف وملموس فماهي رؤيتك الإستشرافية والإستباقية