-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الكيان يضيع في متاهة غزة…

الكيان يضيع في متاهة غزة…

بعد دخول حرب الإبادة على غزة شهرها السابع، لم يبق أمام الكيان الصهيوني أي أفق للخروج سالما سوى أفق التصعيد ومزيد من التدمير، ظنًّا منه أن ذلك سيُمكِّنه من تحقيق بعض أوهام النَّصر. يوما بعد يوما، تزيد عزلته عبر العالم، ويوما بعد يوم، تزيد حدة التناقضات بداخله، ويوما بعد يوم، تتبدل تلك الصورة التي وضعها عن نفسه أنه واحة الديمقراطية في الشرق الأوسط إلى النقيض تماما، إلى عصابة للإجرام والقتل والتخريب والاستقواء على حقوق المستضعفين والعمل خارج نطاق كل القوانين الدولية. تكفي مقارنة بين مواقف حلفائه يوم الثامن من أكتوبر وما هي عليه الآن.

كان جميع الغربيين يثقون في قدراته العسكرية وفي أنه سينهي المعركة كعادته في ما سبق من العقود مع الجيوش العربية في غضون أيام أو أسابيع، ويُحقِّقون من خلال موقفهم الداعم مزيدا من المكاسب ومزيدا من الهيمنة على المنطقة، فإذا بتلك الحسابات تذهب أدراج الرياح، وآلة القتل التي دعموها لا تُحقِّق أيا من أهدافها، وإذا بتلك الثقة العمياء في قوة الكيان غير المحدودة وكفاءة عساكره وتكنولوجيته وضخامة أمواله تتآكل يوما بعد يوم، حتى بات الكل يخشى أن تطول الحرب ليس لشهور بل لسنوات ويعجز عن الاستمرار في الوقوف إلى جانبها. وهو الذي يحدث اليوم للولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وآخرهم ألمانيا التي باتت متهمة عبر “نيكاراغوا” بالمساهمة في الإبادة الجماعية على سكان القطاع من خلال تسليح مجرمي الحرب. وهذا تَحولٌ لافت في تطورات الصراع: كيف بألمانيا التي اتهمت فيها النازية بمحرقة اليهود تعود اليوم وتساهم في محرقة العرب!

وكل التطورات تشير إلى أن معركة طوفان الأقصى لن تنتهي بين عشية وضحاها، حتى وإن تم الإعلان عن وقف مؤقت أو دائم للعدوان، ذلك أن زَعْمَ الكيان القضاءَ على المقاومة في غزة ليس له ما يعوضه كبديل، ولن يكون له ما يعوضه حتى بعد سنوات.. فإن قبل بالتعامل معها فيكون كَمَن شن حربا عبثية بلا جدوى، وإن رفض بالقوة مطالبها يكون قد أبقى على البركان مشتعلا ولن تنطفئ النار من تحت أقدامه لا في القطاع ولا في الضفة الغربية ولا في ساحات الإسناد الأخرى في اليمن ولبنان والعراق… سيبقى فيضان الطوفان مستمرا ومتصاعدا، ولن ينعم الكيان بذلك الأمن الذي كان يتطلع إليه بعد الشروع في صفقات التطبيع مع باقي جيرانه.. أي إن كل مسار الشرق الأوسط المتصهين سيبقى مهزوزا وغير قابل للاستمرار، كما كان مخططا له، إن لم ينهر كليا.. وفي المقابل، سيحدث العكس تماما في جبهة المقاومة، سواء استمر الاحتلال الصهيوني في إبادته أم وجد مخرجا مؤقتا لا يرضاه الشعب الفلسطيني لتعويض سلطة المقاومة الشرعية في القطاع بسلطة تابعة أو صورية يُحرِّكها كما يشاء.

وهذا، يعني أن أهم ما في معركة طوفان الأقصى قد تحقق، بِرغم الانتقام الواسع للمحتل الغاصب من الأطفال والنساء والأبرياء والبنية التحتية، لقد افتكت المقاومة المبادرة من المحتل لأول مرة منذ سنة 1948، وجعلت من الحلول التي يتوقع أنْ يصل لها في ذاتها منتِجة لمشكلات وأزمات أكبر له، بما في ذلك هدفه المُعلَن من القضاء على حركة المقاومة حماس.

إن الاحتلال الصهيوني لا يدري أنه إذا كان اليوم أمام وجود ممثلين يستطيع التفاوض معهم على مصيره في غزة، فإنه قد يجد نفسه غدا، في حالة انسحاب حماس من المفاوضات، لا يعرف مع أي من الفصائل سيتفاوض، مع أي من المقاومين سيتعامل، وستكون تلك مرحلة أشد عليه من التي يعرفها الآن، وهي ورقة أخيرة يمكن للمقاومة استخدامها اليوم في أي لحظة.. عندها، ستتحول قيادة معركة الطوفان إلى قيادة شبكية يستحيل معرفة مركزها يتيه الكيان في متاهاتها…

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!