اللهم لا حسد !
قضية اللاعبين المحترفين الذين هاجروا للخليج، جعلت البعض يضرب أخماسا في أسداس، ويتعامل مع الأمر على أنه كارثة وطنية، أو مأساة حلّت بالبلاد والعباد، لا، بل إن البعض وصف الوضع بأنه تسونامي جزائري ضرب الخليج، وقال آخرون، إننا نشهد هجرة للأقدام، بعد الأدمغة!
-
الشارع الجزائري أيضا، أو فئات واسعة منه، بات همها اليومي، وشاغلها الأساسي، قبل الإفطار وبعده، في شعبان ورمضان، سبب توجه اللاعبين المحترفين ونجوم الفريق الوطني نحو الخليج، وكيف فرطوا في مستقبلهم “العظيم” بأوروبا، وكأنّ هؤلاء اللاعبين كانوا في “البارصا” أو “الريال”، مثلما قال متهكما المدرب الجديد للخضر حاليلوزيتش في ندوته الصحفية أمس الأول.
-
المواطنون الذين لا يجدون قوت يومهم، ويتزاحمون على قفة رمضان بالآلاف، ويتعبون في العثور على نقاط بيع اللحوم المجمدة، ولا يأكلون الزلابية وقلب اللوز والشامية يوميا، وإن أكلوها دخلوا الاستعجالات بفعل التسمم، هؤلاء جميعا مهمومون، بعنتر يحيى السعودي، وزياني الخليجي وحاج عيسى الكويتي أكثر من همهم في كيفية ضمان مصروف رمضان وشراء ملابس العيد في الوقت ذاته!
-
هل يعرف هؤلاء المواطنون أن حاج عيسى مثلا أمضى للقادسية الكويتي مقابل 500 ألف دولار، كما حصل على سكن وسيارة فاخرة، وأن عنتر يحيى وافق على اللعب في النصر السعودي مقابل 1.2 مليون أورو للموسم الواحد، وتقمّص زياني ألوان فريق الجيش القطري مقابل 250 ألف أورو شهريا، في حين وافق بوقرة على الهجرة لنادي لخويا القطري في مقابل 1.7 مليون جنيه استرليني!
-
حتى اللاعب لموشية الذي قرر البقاء في الجزائر، سيحصل على 340 مليون سنتيم شهريا من أجل اللعب لصالح فريق اتحاد العاصمة، هذا الأخير الذي صرف صاحبه ما يزيد عن 30 مليار سنتيم لجلب عدد من اللاعبين في الموسم الجديد!
-
وفي ضوء هذه الأرقام الخيالية، نقول اللهم لا حسد، صحيح، لكن في الوقت ذاته، نتعجب ونتحسر على هؤلاء الذين يُبددون وقتهم في التفكير بمكان اللاعب فلان أو المدرب علان، ومن أولئك الذين يقولون متحسرين بعد إمضاء لاعب ما لفريق خليجي أو غير معروف،..”لقد ضيع مستقبله” فما أجمله من ضياع إن كان بالأورو والدولار !
-
هؤلاء فعلا لا يعرفون معنى الضياع الحقيقي، ولا الموت البطيء، لشباب لا يملكون مصروف يومهم، ومواهب لا يعرفها الإعلام، وقدرات تتجاهلها الحكومة، حيث لا أحد يقدّر عقولا منسية ولا يحترم أقداما مهمشة..هؤلاء الذين غطى عليهم عنتر وكريم ومجيد وحاج عيسى؟!