-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
بعد ما كانت المهمة القذرة موكولة لسياسيين معارضين

المخزن الرسمي يستفز الجزائر في وحدتها الترابية

محمد مسلم
  • 93182
  • 0
المخزن الرسمي يستفز الجزائر في وحدتها الترابية
أرشيف

تصعيد خطير من نظام المخزن المغربي بإحيائه لنقاش قديم وعقيم يعتبر من الأسباب التاريخية التي فجّرت النزاع الدموي مع الجزائر، وبعد ما كان هذا النقاش الوهمي محصورا في الأوساط السياسية غير الرسمية، انتقل إلى دواليب مملكة المخزن برعاية وكالة المغرب العربي للأنباء (ماب)، لشخصية رسمية، هي مديرة “الوثائق الملكية”، التي طالت بتصريحاتها الوحدة الترابية للجزائر.
هذه الشخصية هي بهيجة السيمو، مديرة “الوثائق الملكية”، وقد حلت الثلاثاء ضيفة على منتدى وكالة الأنباء المغربية، زاعمة بأن الهيئة التي تديرها تتوفر على وثائق تؤكد ملكية المخزن للصحراء الشرقية، وفق توصيفها الباطل، ويقصدون بها أجزاء من المنطقة الغربية والجنوبية الغربية للجزائر (بشار وتندوف والقنادسة)، في تصريحات سيكون لها ما بعدها.
وتداولت وسائل إعلامية مغربية فيديو لمديرة “الوثائق الملكية”، نقلا عن وكالة الأنباء الرسمية، وهي المرة الأولى التي تخرج فيها مؤسسات رسمية تابعة لنظام المخزن، بتصريحات من هذا القبيل، ما يعني أن تلك المؤسسات تلقت الضوء الأخضر من مصادر صناعة القرار في المخزن، بصب المزيد من الزيت على النار المشتعلة.
ويعود آخر تصريح من هذا القبيل إلى سنة 2013 عندما خرج حميد شباط، زعيم حزب الاستقلال المغربي، بدعوة سكان المغرب لاسترجاع ما أسماه كذبا وزورا بالأقاليم المغتصبة من الجزائر، مثل مدينة تندوف وبشار والقنادسة الواقعة في الصحراء، وردّت يومها السلطات الجزائرية بوصف تلك التصريحات بأنها “تشكل انحرافا خطيرا وغير مسؤول، والتي ندينها بكل قوة”، كما جاء على لسان الناطق الرسمي باسم الخارجية حينها، عمار بلاني.
ويعتبر حزب الاستقلال من الأحزاب المحسوبة على المعارضة ما نزع عن تصريحات زعيمه صفة الرسمية، ولذلك اعتبرت تصريحات زعيم حزب الاستقلال المغربي حينها، مجرد مزايدات سياسوية للتسويق الداخلي مادام أن الحزب فقد وهجه التاريخي، علما أن العلاقات الثنائية يومها لم تكن مقطوعة كما هي عليه اليوم.
أما التصريحات الجديدة فهي رسمية بامتياز، فالجهة التي احتضنت هذه التصريحات ودعت إليها هي وكالة الأنباء المغربية الرسمية المعروفة بـ”ماب”، والتي تتلقى التوجيهات مباشرة من القصر الملكي، أما صاحبة التصريح فهي بهيجة السيمو، التي تدير مؤسسة أرشيفية رسمية هي “الوثائق الملكية”.
المسؤولة المغربية قرنت “الصحراء الشرقية” كما أسمتها بـ”الصحراء الغربية” التي يحتلها المغرب إلى غاية اليوم، وعادة ما يوظفها نظام المخزن تحت شعار “الوحدة الترابية”، التي لم يستطع أن يبررها من الناحيتين القانونية والتاريخية، على الأقل بالنسبة للصحراء الغربية التي دخلت دواليب الأمم المتحدة، وأروقة محكمة العدل الدولية بمدينة لاهاي الهولندية، التي قضت في حكم صادر عنها بأن لا سلطة لنظام المخزن على الأراضي الصحراوية المحتلة.
وعلى الرغم من أن المنتدى شهد تفاعلا بين الحاضرين من صحفيين وغيرهم ومديرة الأرشيف، إلا أن أيا منهم لم يتجرأ على الاعتراف بأن نظام المخزن لم يطلق ولو رصاصة واحدة على ما يسمونها “الصحراء الشرقية” أو المناطق الجنوبية الغربية للجزائر قبل خروج الاحتلال الفرنسي، وكذا الصحراء الغربية المحتلة، قبل خروج الاحتلال الإسباني، تماما كما هو حاصل اليوم مع أكثر من عشرين جزيرة مغربية محتلة من قبل إسبانيا، بالإضافة إلى مدينتي سبتة ومليلية، اللتان ضمتا بشكل نهائي قبل أيام باعتبارهما بوابتين جمركيتين لإسبانيا على التراب المغربي.
والسؤال الذي يطرح هنا هو: ما هو الهدف من الإدلاء بهذه التصريحات وفي هذا التوقيت بالذات، الذي تعيش فيه العلاقات الجزائرية المغربية واحدة من أسوأ مراحلها على مدار عقود طويلة؟
ويذهب بعض المراقبين إلى ربط صدور تصريحات تستهدف الوحدة الترابية للجزائر من قبل رسميين مغربيين، في الوقت الذي يشهد الشارع المغربي غليانا، احتجاجا على النظام بسبب الغلاء الفاحش الذي طال مواد غذائية واسعة الاستهلاك، وهي الاحتجاجات التي تتعاظم من يوم إلى آخر، فيما يوجد العاهل المغربي باعتباره صانع القرار الأول، بعيدا عن البلاد لأشهر طويلة، الأمر الذي يرجح فرضية إقدام المخزن على هذا الاستفزاز من أجل تحويل أنظار الشارع المغربي عن معاناته اليومية إلى مسائل خارجية.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!