-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

المشكلة ليست في بوتفليقة

حسين لقرع
  • 4624
  • 7
المشكلة ليست في بوتفليقة

أقامت المعارضة الدنيا ولم تُقعدها حينما ترشح الرئيس بوتفليقة لعهدة رابعة، وعدّت ذلك دليلاً على أن الرئاسيات ستكون مغلقة ونتائجُها محسومة سلفاً، ولذلك سارع العديد من المعارضين إلى مقاطعتها.

هذا الطرح يعني أنه لو لم يترشح بوتفليقة لكانت الانتخابات حرة نزيهة، ولكان بإمكان أحد مرشحي المعارضة الفوز بها، وهذا طرحٌ قاصر في واقع الأمر؛ إذ أنه يعني أن المشكلة تكمن في ترشح بوتفليقة مجدداً وليس في رغبة النظام القائم منذ عام 1962 في الخلود في الحكم بغضّ النظر عن هوية مرشحه.

لو لم يترشح بوتفليقة، لرشّح النظامُ شخصية أخرى مقرّبة منه، ودعمها بكل السبل الشرعية وغير الشرعية إلى أن ينتصر على منافسيه المعارضين في الانتخابات بالضربة القاضية، كما جرت العادة منذ 16 نوفمبر 1995 إلى الآن، فهذا النظامُ الأحادي لا يهمّه أن يتولى الرئاسة بُوتفليقة أو شخصية سُلطوية أخرى تضمن ديمومة مصالحه، المهمّ أن يتولاها أي مرشح للمعارضة وكفى.

ولعلّ هذا هو السبب الذي جعل صناع القرار الأقوياء في النظام يقبلون بترشح بوتفليقة لعهدة رابعة، ففي النهاية بوتفليقة ابنُ النظام ويمكن الاتفاقُ معه على كيفية المحافظة على المصالح والتوازنات القائمة، وهو ليس علي بلحاج حتى يُخشى مما يمكن أن يفعله بعد انتخابه. 

المشكلة أن المعارضة ركّزت على جزئية ترشّح بوتفليقة لعهدةٍ رابعة ونسيت تماماً مواصلة رفع مطالبها التقليدية بضرورة ضمان نزاهة الانتخابات، والكف عن التزوير، والسير نحو إقرار الديمقراطية الحقيقية.

لو ضمنت السلطة نزاهة الانتخابات، لما كان مهمّا أن يترشح بوتفليقة أو غيرُه؛ فحظوظ كل المرشحين ستكون آنذاك متساوية، والأكثرُ شعبية هو الذي سيفوز، وإذا كان بوتفليقة هو الأكثرَ شعبية فمباركٌ له الفوز مجدداً، ولا أحد سيعترض مادامت الفرص ستكون متكافئة أمام الجميع، أما أن يقوم النظامُ بتوجيه الانتخابات وحسم نتائجها سلفاً، فهذه هي المشكلة المؤرِّقة التي ستحكم على المعارضة بالتهميش طويلاً وتجعل مسألة تداول الحكم والوصول إلى الديمقراطية الحقيقية مجرّد سراب، سواء ترشح بوتفليقة أو غيرُه من رجال السلطة.

بدل أن تشخّص المعارضة المشكلة في ترشح بوتفليقة، وتُهدر وقتها وطاقتها في هذه المسألة الثانوية، عليها أن تركّز على ما هو أهمّ من ذلك بكثير وهو الاستمرار في النضال وتوحيد جهودها وتكثيف ضغوطها على النظام لدفعه إلى وضع حد لممارساته الشمولية وإقرار الديمقراطية الحقيقية بالبلد، ولعل مقاطعتها الشاملة للرئاسيات هي إحدى وسائل الضغط التي يمكنها تحقيق ذلك مستقبلاً، ولاسيما إذا حظيت بتجاوب شعبي واسع.

ونعتقد أن ترشح بوتفليقة لعهدة رابعة يخدم المعارضة ويمنحها فرصة ذهبية للضغط أكثر عكس ما تعتقد؛ فقد عرّى ترشحه النظامَ أكثر وأصبحت الأصواتُ المنادية بالمقاطعة تتعالى باستمرار، وحتى كبار السن، وهم الوعاء الانتخابي التقليدي للسلطة، فقدوا حماسَهم للمشاركة في الانتخابات القادمة بالنظر إلى مرض الرئيس، كما بدأ حجم التململ الشعبي يتسع والمظاهرات الرافضة للعهدة الرابعة تتصاعد كل يوم في مختلف مناطق البلد، فلماذا لا تغتنم المعارضة هذه الفرصة لإجبار هذا النظام الأحادي على دمقرطة الحياة السياسية عبر المقاطعة الواسعة للانتخابات القادمة؟

ومادامت السلطة قد واجهت هذه المظاهرات بالقمع والتنكيل، فمعنى هذا أنها ليست مستعدة لقبول فوز أي مرشح آخر غير مرشحها، ولو كان شخصية سلطوية سابقة كبن فليس، والأفضل للمعارضة أن توحّد جهودها وتقرر الانسحاب الشامل من الرئاسيات ودعوة الشعب إلى المقاطعة حتى يُسابق مرشحُ النظام نفسَه وحيدا في انتخابات قد لا تتجاوز فيها نسبة المشاركة 10 بالمائة في أحسن الأحوال، أما أن تنقسم بين مقاطع ومشارك في الانتخابات فهي فرصة جديدة للنظام الاستبدادي الفاسد لتمديد عمره سنوات أخرى.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
7
  • عبد الحكيم س

    انك لتهذي او انك نسيت منافسة سي بوتفليقة نفسه في 99 عندما قدم به جنرالات الانقلاب على ارادة الشعب وانسحاب المرشحين الخمسة وصور على انه المهدي المنتظر واذا به يغرق الجزائر في فساد لم يشهده اي تاريخ واي بلد اما الانجازات فهي سراب وخداع وبحبوحة المال هي الشجرة الوارفة المغطية لكل العيوب وستعلم بعد ايام ما هو مخفي ان اطال الله عمرك

  • نورالدين

    يا ايها الكتاب و الصحفيين و المعلمين اكتبوا وعلموا االشعب ان يحب بعضه بعض وان يخدموا بلدهم وان يحب المسؤول شعبه بجميع اطيافه و يحفز المجتهدين منهم لا الشياتين لانهم منافقون يحبون الا مصلحتهم فقط.عاشت الجزائر و المجد والخلود لشهادائنا الابرار.

  • محمد عمر

    المشكل الحقيقي هو خلف هذه الضوضاء وهوخوف أصحاب المصلح من أن ينقلب السحر على الساحر وتسقط جميع الأقنعة للعيان. ويسترجع الشعب كل ماضاع منه منذ خمسة عقود. فما خفي هو أعظم

  • علي

    المقال رئع و الكاتب ذكي, المعارضون للعهدة الرابعة يختزلون المشكلة في الرئيس,و هم يعلمون ان هناك رئساء آخرون وراء الستار لكنهم لا يتجرؤون على انتقادهم , في الحقيقة قبل ان يرحل الرئيس يجب على توفيق و القايد صالح و سلال و ...يجب عليهم ان يرحلوا

  • saddek

    شكرا لك اخي حسين لقد وضعت يدك علي مكان الألم الذي يسببه هذا النظام المتسلّط مند الإستقلال فهو يرى بعين واحدة فقط لا يري سوى رجاله الدين تملّكوا الجزائر لأنه في نظرهم لهم الفضل الأوحد في إستقلال البلاد وتناسوا الفضل الأكبر لعامّة الشّعب في ذلك وبهذا التفكير لن يسمحوا لأي كان من أبناء هذا الشعب من الوصول إلى منصب الرئيس مهما كان شأنه ولهم في ذلك الأساليب الجهنمية الخبيته لتمكين مرشّحهم من الفوز في الإنتخابات مهما بدت للراي العام الوطني والدولي أنّها نزيهة وشفّافة و و و........

  • بدون اسم

    اسحب تعليقك ما راك فاهم والو .

  • بدون اسم

    تحليل يحاول صاحبه أن يكون فيه موضوعي لكنه لا يخلو من مغالطات ما معنى بوتفليقة ليس علي بلحاج .العقل يقتضي المقارنة بين شخصين متكافئين ولذلك أقول لك صدمنتني في مستوى قراءتك للأمورصراحة ...