-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

المطلوب‭ ‬شرطة‭ ‬آداب

الشروق أونلاين
  • 6421
  • 3
المطلوب‭ ‬شرطة‭ ‬آداب

دعونا نعترف لأول مرة بأن ما نعانيه ليس مجرد أوجاع إقتصادية أو مالية أو ثقافية أو سياسية يمكن معالجتها عبر مشاريع خُماسية أو إصلاحات أو دساتير أو مشاورات وجلسات استماع وإنما هو أعمق من ذلك بعد أن طالت الجانب الأخلاقي فينا وعجزت الأسرة والدولة والمدارس والجامعات‭ ‬والمنابر‭ ‬الدينية‭ ‬والسياسية‭ ‬عن‭ ‬علاجها‭ ‬فتشعّبت‭ ‬واخترقت‭ ‬الوازع‭ ‬الأخلاقي‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬دائما‭ ‬مصدر‭ ‬قوتنا‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬نقل‭ ‬سبب‭ ‬وجودنا‭.‬

  • من المؤلم أن يقول غالبية الجزائريين أنهم ما عادوا يستطيعون السير رفقة زوجاتهم وأخواتهم وأمهاتهم وبناتهم في الشارع بسبب الكلام البذيء الذي يتهاطل ويبرق ويرعد في الأسواق وقرب المدارس والمساجد، ولا نتحدث هنا عن المقاهي والملاهي والملاعب، ومن المؤلم أن عدوى الكلام البذيء الخليط بين السوقي الفاحش والتعدي على الذات الإلهية طال ألسنة الجميع بما في ذلك النساء والأطفال واقتحم أسوار المؤسسات التعليمية والدينية ولطّخ أفواه المثقفين والمتدينين، لكن الأكثر ألما أن لا أحد تحرك لتنظيف هذه الألسنة أو قطعها نهائيا والتي بلغت‭ ‬بها‭ ‬الجرأة‭ ‬الجهر‭ ‬بالسوء‭ ‬أمام‭ ‬الملأ‭ ‬وفي‭ ‬أقدس‭ ‬الأماكن‭ ‬وأقدس‭ ‬الشهور‭.‬
  • الكلام‭ ‬الفاحش‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬عندنا‭ ‬لحظة‭ ‬غضب‭ ‬يشهق‭ ‬بها‭ ‬الغاضب‭ ‬غيظه‭ ‬ولم‭ ‬يعد‭ ‬وسيلة‭ ‬استفزاز‭ ‬للآخر،‭ ‬بل‭ ‬إنه‭ ‬بلغ‭ ‬درجة‭ ‬أسلوب‭ ‬حياة‭ ‬له‭ ‬شعب‭ ‬وبلد‭ ‬من‭ ‬دخله‭ ‬فهو‭ ‬بالتأكيد‭ ‬غير‭ ‬آمن‭.‬
  • يقول مفكر العصر مالك بن نبي أنه عندما هاجر للدراسة في باريس في ثلاثينات القرن الماضي كان يلاحظ بسهولة الفارق الأخلاقي بين الباريسي الذي لا ينطق سوى الفاحشة وبين القسنطيني والجزائري عموما الذي تمكنت المدرسة الباديسية من قلبه ومن لسانه فأدخلته عالما من التعليم وأيضا التربية الراقية، ولكن المفكر الكبير لو عاد إلى الحياة الآن لعلم أن الذين نسفوا المدرسة الباديسية وأبادوا تلامذتها تمكنوا من أن يبنوا مناراتهم التي تستقبل كل وافد بهاته “اللغة” التي طعنت القيم إلى ما بعد الصميم.
  • لو كان الأمر يتعلق بكلام بذيء يقوله اللسان وينبذه القلب والعقل لهان الأمر، ولكن المشكلة أن الجرأة على الجهر بالسوء انتقلت إلى الفعل من معاكسة النساء أمام الملأ وبشكل كثيف يوحي أننا في غابة، والذي له الجرأة على أن يُسمع من لا يعرفهم وسخ الكلام قد تكون له الجرأة على أن يخطف من يد رجل هاتفه النقال أو يطعنه بالخنجر أو يقتله أو يهاجر بطريقة غير شرعية نحو المجهول أو يحرق الغابات ويشيّد الحواجز المزيفة ويَنضم للإرهاب الفعلي بعد أن أرهب الناس بأقواله.
  • كنا من الأوائل الذي عرفنا أن المدرسة والتعليم لا معنى لهما من دون تربية، ولكننا الآن نجد أنفسنا من المتخلفين في هذا المجال، ففي دول خليجية تُقصى الفرق التي يلجأ مناصروها للكلام الفاحش نهائيا من المنظومة الكروية، وفي دول مشرقية توجد شرطة آداب تقبض على كل من يتعدّى على الأخلاق بيده أو بلسانه، وفي شرق آسيا تلاحقه بالغرامات المالية القاسية، وفي أوربا تم القضاء نهائيا على الظاهرة.. سؤال بريء لمسؤولينا: ألم يحن الوقت بعد لأن نفكر في وقف هذا النزيف الأخلاقي؟.. أخشى أن يكون الجواب…؟!
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
3
  • نعيم

    عندما يدخل حكامنا في الاسلام حين اذا نستطيع ان نسير مع عائيلتنا في الشوارع

  • saxo

    cest raiment une catastrof sur naturelle

  • nabil

    الجواب معروف مادام المتسبب معروف